طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من فرنسا وأميركا وقطر وكل من يرغب بمد يد المساعدة للبنان لتخطي أزمته مع الدول العربية التدخل بأسرع وقت ممكن، كونه لا يستطيع تحمّل مسؤولية تمدّد المشكلة أكثر، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد بالداخل اللبناني من يسعى لإيجاد حلول، أو على الأقل تخفيف حدّة الاحتقان.
يعوّل رئيس الحكومة على بدء الحلّ من استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، لذلك توجّه إليه بشكل مباشر وأوضح في كلمته بالسراي الحكومي أمس: "أدعو وزير الإعلام إلى تحكيم ضميره واتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه وتغليب المصلحة الوطنية، ورهاني على حسّه الوطني بتقدير الظرف ومصلحة اللبنانيّين مقيمين ومنتشرين وعدم التسبب بضرب الحكومة وتشتيتها"، ولكن هل الحلّ يبدأ فعلاً من استقالة قرداحي؟.
تُشير مصادر نيابية في فريق 8 آذار الى أن استقالة قرداحي لم تعد هي الحل، مع العلم أن الاستقالة من عدمها كانت منذ اليوم الأول ولا تزال ملك قرداحي وحده، فله وحده حق تقرير ما يريده، بعيدا عن الضغوط، مشددة على أن ما فعله حلفاء قرداحي هو تقديم الدعم له بأي قرار يأخذه، ومنع إظهاره وكأنه وحيداً في معركة فُرضت عليه ولم يسعَ إليها.
بالنسبة الى المصادر فإنّ القرار الخليجي لا يتعلّق بكلام قرداحي لتكون استقالة الأخير هي الحلّ، ولو أن المقربين من دول خليجيّة معيّنة يروجون لخبر يقول بأن استقالة قرداحي هي المطلب الأساسي لبدء النقاش بالأمور الأخرى، التي يرى العرب أنّها ضرورية لبناء علاقات جديدة مع لبنان، وتُشير المصادر الى أن استقالة وزير الاعلام لا يمكن أن تكون، إن حصلت، منفصلة عن نقاط أخرى أساسية في كل ما يجري.
لا يرى نجيب ميقاتي إمكانيّة لاستمراره بترؤس الحكومة الحاليّة بحال لم يتغيّر الواقع الراهن، لذلك عندما التقى رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري كان واضحاً بأنه يرغب بالاستمرار، ولكن بعد تأمين ظروف مناسبة له ليتمكن من البقاء وعدم الاستقالة، أهمها انعقاد مجلس الوزراء واستقالة وزير الاعلام، لذلك تحدّث ميقاتي عن لقاءات حاسمة ستحدّد الوجهة التي ينوي اتّخاذها.
وتكشف المصادر أنّ لقاء الحكومة قد يكون قريباً جداً، مشيرة الى أن ميقاتي طلب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري التدخل والعمل على تبريد الأجواء، وهو ما ينوي الأخير فعله ولكن في الوقت المناسب، حيث يعلم بري الخبير بشؤون محاولات الصلح أن التدخل على "الحامي" يُفسد المحاولة، مشيرة الى أن رئيس المجلس لا يمكن أن يكون راضياً بتدهور العلاقات مع الدول العربيّة، ولكن بنفس الوقت هناك أصول متّبعة في العلاقات بين الدول لا يجب الخروج عنها.
يتمسّك بري بالحكومة كونها جاءت بعد معاناة طويلة، وبحال استقالت فلن يكون هناك أيّ حكومة بعدها، وهذا أمر يتفق فيه بري مع رئيس الجمهورية، الذي يسعى من جهته لتبريد الاحتقان، ومثله يفعل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي يتواصل بشكل شبه يومي مع سفير السعودية وليد البخاري، إذ يخشى الراعي من تدهور اكبر يؤثر على اللبنانيين في الدول الخليجية، وقد أبلغ قلقه هذا الى السفير السعودي.
تستمر الازمات بالتصاعد، وربما لن تكون هذه الازمة هي الاخيرة التي نراها قبل موعد الانتخابات "المفترض"، خاصة أن كثيرين من المعنيين لم يقتنعوا بعد بأن الإنتخابات ستحصل في مواعيدها، ويعتبرون ما يجري مقدّمات لتأجيلها.