أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إلى أنه "لو كان معطلو الحكومة وممتهنو تعطيل المؤسسات والحياة الاقتصادية مؤمنين حقا بالله، لخافوه خوفاً مقدساً وسارعو لمرضاته عبر تعزيز المؤسسات العامة وتنشيطها. ولكننا نرى العكس تماما خاصة عندما تبوء بالفشل جميع الوساطات الداخلية والخارجية، وتغلب كفة التعطيل وإفقار المواطنين".
وخلال عظة قداس الأحد، لفت الراعي إلى أنه "مع تعطيل الحكومة، يتعطل من ناحية أخرى نشاط القضاء المنزّه والحيادي والجريء، وهذا يقلق للغاية، فإن بعض القضاة بعززون الشك بالقضاء من خلال مشاركتهم في تعطيل التحقيق بتفجير مرفأ بيروت أو تعليقه أو تجريده أو زرع الشك في عمل المحقق العدلي"، معتبراً أنه "قبل أن يطلب القضاء من الشعب أن يثق به حريّ بالقضاة أن يثق بعضهم ببعض".
ورأى أنه "جريمة أن يحّول بعض القضاة القضاء مرتعات حزبية وطائفية، لا سما في قضيتي انفجار المرفأ وأحداث عين الرمان"، متسائلاً "أمام ما نرى من تجاوزات قانونية، هل أصيح بعض القضاة لدينا غبّ الطلب لدى بعض المسؤولين والأحزاب والمذاهب؟"، مؤكداً أن "ما يجري على صعيد التحقيق بانفجار المرفأ مستغرب حقاً، طعن وراء طعن، ورد وراء آخر، ونقد وراء نقد وتعليق وراء تعليق، وأرواح الشهداء تنتظر وأهالي الشهداء ينتظرون، والعالم كذلك".
كما تساءل "لماذا هذا الاستخفاف بدماء أكثر من 200 ضحية و6000 جريح ودمار نصف بيروت وضواحيها وتجريد مئات العائلات من منازلهم؟ما نقوله عن تحقيق المرفأ نقوله عن أحداث الطيونة-عين الرمانة، واذ نجدد اسفنا العميق على وقوع الضحايا والجرحى الذي تسببت بهم هذه الأحداث، نؤكد أن عين الرمانة ليست عنوان حرب وتقاتل بل عنوان تعايش مع محيطها على أساس الشراكة والسلام والكرامة وحسن الجوار"، موضحاً أنه "منذ انتهار الحرب اللبنانية وأبناء عين الرمانة سعداء بحسن الجوار، بعيداً عن الهيمنة والتوسع والسلاح، وبدت أحياؤهم ملتقى جميع الطوائف، ولكنهم حافطوا على روح الصمود والدفاع عن النفس".
وشدد الراعي على أنه "على القضاء أن يأخذ مجراه في الأحداث، وأن يكون حياديا تجاه الجميع ويراعي حقوق الموقوفين، حيث يوفر لهم حقوق الاجتماع مع محاميهم وأهلهم"، داعياً إياه لـ "الاسراع بالتنحقيق والإفراج عن كل من تثبت براءته، فلا يجوز ان تحدث توقيفات وتُمدّد دون مسوغ قانوني كرمى لهذه الجهة أو تلك، ففي القضاء لا يوجد إكراميات بل عدالة ولا شيء سواها".
وأكد ضرورة "إجراء الانتخابات في موعدها ليعبر الشعب عن رأيه"، لافتاً إلى أن "حصولها حق وواجب في نظامنا الديمقراطي، ونحرص أن تجري بإشراف الأمم المتحدة لضمان حرية الترشيح وأمن المرشحين ونزاهة الانتخابات وضبط الانفاق المالي. وفي هذا السياق يجدر بالمرشحين أن يكونوا شخصيات نخبوية ومؤهلة للعمل التشريعي والسياسي والوطني"، مشيراً إلى أن "الحياة السياسية في بلادنا تفتقد النخب الواعدة، وهذا نقص كبير في حياتنا الديمقراطية والوطنية".
بموازاة ذلك، هنأ الراعي رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بنجاته من محاولة الاغتيال التي تعرض لها فجر اليوم، راجياً للعراق وشعبه الاستقرار والأمان.