يسجل أول اشتباك حقيقي بين الرئيس الأميركي جو بايدن والحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت، بشأن قرار الإدارة الأميركية إعادة فتح قنصليتها في القدس الشرقية، المخصصة لخدمة الفلسطينيين في أراضي السلطة الفلسطينية، والذي يحتاج إلى مصادقة رسمية من حكومة الاحتلال.
التقاء المصالح كثيرة بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي، لكن التباين بشكل خاص هو بشأن القضية الفلسطينية.
اللافت مسارعة بينيت إلى التصعيد ضد إدارة بايدن، مباشرة بعد مصادقة الهيئة العامة!.)) الكنيست)، ميزانية العامين ٢٠٢١ و٢٠٢٢، يوم الجمعة الماضي، للمرة الأولى صنن آذار مارس ٢٠١٨، ما مكن، (حكومة التغيير الائتلافية)) من تجاوز مآزق دقيق؛
هذا قبل أن يعلن أنه سيعمل على إعادة بناء مستعمرة "أفيتار، كما اتفق مع مجلس المستوطنات في الضفة الغربية.
الرئيس بايدن يؤيد حل الدولتين، على حدود الرابع من حزيران/يونيو ١٩٦٧ والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، فيما الأطراف الإسرائيلية اليمينية في الحكومة والمعارضة يعارضون ذلك، ويتعاملون بأن القدس الموحدة هي عاصمة الدولة اليهودية، ويواصلون مشاريع التهويد، وتعزيز الاستيطان وشرعنته.
يصر الرئيس بايدن على تنفين ما وعد به خلال حملته الانتخابية قبل عام، بإعادة افتتاح القنصلية، التي كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أغلقها وضمها لتصبح جزءا من السفارة الأميركية في القدس، بعد نقلها من تل أبيب في ٤ ١ أيار/ مايو ٢٠١٨، احتفاء بالذكرى اد٧٠ لتأسيس الكيان الإسرائيلي، كخطة لفرض أمر واقع على الدينة المقدسة، بعدما أعلن الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، بتاريخ ٦ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٧، وذلك كعقاب للسلطة الفلسطينية لرفضها صفقة القرن.
يعتبر هذا الاستحقاق الأكثر حساسية أمام الرئيس بايدن، الذي انتخب ٣ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٠، ليكون الرئيس ال٤٦ للولايات المتحدة، ونال في المجمع الانتحابي تأييد ٣٠٦ أصوات من ٥٣٨، مقابل ٣٢؟
صوتاً نالها ترامب، فيما حكومة بينيت المؤلفة من ٨ أحزاب بين يمينية ووسط ويسار، نالت ثقة ((الكنيست)) بتاريخ ١٣ حزيران/يونيو ٢٠٢١ د٦٠ صوتا واعتراض ٥٩.
كان الرئيس بايدن يؤجل حسم قرار النقل إلى ما بعد مصادقة ((الكنيست)) على الميزانية العامة للعام ٢٠٢١، وابتي تمت يومي الخميس والجمعة الماضيين، حفاظا على حكومة بينيت ((الهشة)) ومنعا لانهيارها.
بين الموقف الأميركي والمعارضة الإسرائيلية، جرى الاتفاق بين وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن ووزير خارجية الكيان الإسرائيلي يائير لبيد على تشكيل طاقم مشترك للعمل على فض الخلاف القائم بينهما، وإيجاد صيغة ملائمة لإعادة فتح القنصلية، عبر مفاوضات سرية.
وقد طرح الرئيس بايدن مرات عدة خلال اتصالاته مع بينيت ولقائه به في البيت الأبيض بتاريخ ٢٧ آب/أغسطس ٢٠٢١، تأكيده عدم التنازل عن إعادة فتح القنصلية في القدس.
تعتبر الإدارة الأميركية أن إعادة افتتاح القنصلية في القدس الشرقية، قرار حيوي ومصلحة استراتيجية لها، في إطار تعميق العلاقات مع الفلسطينيين، ولا تريد إلغاء القرار أو تعطيله.
بينما بينيت وشركاؤه في الحكومة يعارضون إعادة الافتتاح، بما في ذلك من مؤيداً لها، لأن ذلك يحرجهم أمام المعارضة اليمينية التي يقودها رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، التي ستستخدم الإعلان لمصلحتها السياسية.
يرى بينيت وحلفائه أن فتح القنصلية من الممكن أن يؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي بزلزال الحملة التي سيتعرضون لها.
وقد اقترح لبيد، الذي كان يؤيد إعادة فتح القنصلية الفلسطينية الأميركية في القدس، أن يتم فتح القنصلية في مقر الحكومة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية.
تمت المصادقة على ميزانية العام ٢٠٢١ بتأييد ٦١ صوتا يمثلون كامل الائتلاف، ومعارضة ٥٩ يمثلون كامل المعارضة بينما، ميزانية العام ٢٠٢٢، تمت بتأييد ٥٩ صوتا ومعارضة٦ه.
يبلغ حجم ميزانية ٢٠٢١، ٤٣٨ مليار شيكل، فيما ترتفع ميزانية العام ٢٠٢٢ إلى ٥٦٢ مليار شيكل.
وعقد بينيت ولبيد ووزيرالمالية أفيغدور ليبرمان، مؤتمرا صحفيا ، تم خلاله التأكيد على أهمية نجاح الائتلاف بتمرير ميزانية العام ٢٠٢١.
يتزامن ذلك مع:
- تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، وتوجيه اخطارات هدم مساكن في القدس، وإخلاء أبنائها، خاصة ما يتعرض له أهالي حي الشيخ جراح، الصامدين، الرافضين لخطة اقتلاعهم من أرضهم.
- مواصلة حكومة بينيت العمل على تعزيز الاستيطان، وإعادة بناء مستعمرة (( أفيتار)) وتبييض حوالى ٧٠ بؤرة استيطانية في الضفة الغربية وتحويلها إلى مستوطنات.
- عرض رئيس ائتلاف ((منظمات الهيكل)) الحاخام الإسرائيلي يعقوب هايمن، صورة مسجد قبة الصخرة في المسجد الأقصى، داعيا إلي ((إزالته ونقل هذا المبنى إلى الخارج، لنحتفل قريبا بافتتاح المعبد)).
كذلك، تصنيف غانتس، ٦ مؤسسات فلسطينية مدنية في الضفة الغربية، على أنها ((إرهابية))، ما يسمح باعتقال موظفيها ومصادرة ممتلكاتها، والتي جرى توقيع قرار عسكري إسرائيلي، لتنفيذ ما أعلنه وزير الدفاع.
يبقى التساؤل في ظل التصعيد الإسرائيلي اللافت بوجه إدارة بايدن، هل ستستجيب الأخيرة للمطالب الإسرائيلية بتأجيل إعادة افتتاح القنصلية، بعد إزالة سبب التأخير بتمرير الميزانية، أم سيصر الرئيس الأميركي على ما وعد به خلال حملته الانتخابية وبعد انتخابه؟
هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة، خاصة أن بايدن أمام استحقاق إجراء انتخابات الكونغرس العام المقبل، في ظل تراجع شعبية ((الحزب الديمقراطي)) وخسارة مقاعد في ولايات!