أشار الوزير السابق زياد بارود إلى أن "الحوكمة هي مفهوم قائم منذ سنوات، ولكنه دخل مؤخرًا إلى الحياة السياسية والعامة ليحدد كيف يجب أن تكون الأمور من حيث المعايير الفضلى لممارسة أي أداء عام، وليسمح بهوامش كافية للمراقبة تمهيدًا للمحاسبة. وفي لبنان باتت الحوكمة مطلبًا إصلاحيًا وليست مجرّد آلية لإدارة أمر ما. بل هي إصلاح لبنى مجتمعية وسياسية".
وخلال ندوة نظمتها جامعة الروح القدس بالكسليك، لفت بارود إلى أن "الحوكمة واللامركزية تتشابهان وتتداخلان، لأن اللامركزية هي شكل من أشكال الحكم الرشيد والمشاركة المحلية من أجل ديمقراطية أفضل في ما بات يُعرف بديمقراطية القربى (Démocratie de proximité)".
وعما إذا كنا اليوم أمام أزمة نظام واللامركزية هي الحل، رأى بارود "أن أزمة النظام ليست وليدة اليوم، بل تكوّنت منذ نشأة الكيان، لكن أفضل حماية لوحدة البلد تكمن في حسن إدارة التنوع فيه، واللامركزية تشكل إحدى أدوات إدارة التنوّع. مشكلتنا ليست في تنوّعنا الطائفي والسياسي والثقافي، بل في آليات إدارته. نحن لا نذهب إلى جماعات منغلقة على بعضها، بل إن اللامركزية ستساهم بشكل كبير في إنعاش البلد وجعله يتنفّس في المناطق".
وشدد على أن "البلديات، التي هي اليوم الشكل الوحيد للامركزية الإدارية مع اتحادات البلديات، تساهم في شكل كبير في حل الأزمات الطارئة كأزمة كورونا مثلًا"، مشددًا على أهمية هذا العامل اللامركزي المحلي الذي هو سلطة منتخبة لها استقلاليتها المالية والإدارية وتتمتع بصلاحيات واسعة.
كما أفاد بأن "اللامركزية والفدرالية مختلفتان بطبيعة كل منهما، وإنما لا يجوز أن نضعهما مقابل بعضهما، بل هما معًا في وجه سلطة مركزية مهترئة. فالخيار بين اللامركزية أو الفدرالية يقرره اللبنانيون بأنفسهم، والمفاضلة بين النظامين لا يجوز أن تنطوي على تخوين لمن يطالب بالفدرالية".
وردًا على سؤال حول الفساد، رأى بارود "أن البشر لديهم للأسف ميل إلى الفوضى، وبالتالي يجب وضع نظام واضح المعالم لانتظام الأمور"، مشددًا على أهمية الرقابة في هذا الإطار، ومعتبرًا "أنه لا يجوز التعميم في الفساد بالبلديات، حيث إن هناك بلديات ناجحة في حسن إدارتها للمال العام وأخرى فاسدة جرت محاسبتها شعبيًا وأيضًا قضائيًا".
وأوضح أنه "لا يوجد ترابط بين قانون الانتخابات النيابية وقانون اللامركزية"، مذكّرا بأن "النظام المقترح لانتخاب الوحدات اللامركزية هو نظام مختلط وهو مفصّل في مشروع القانون الذي يناقشه مجلس النواب".