لا يزال التحقيق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت معلقاً ولا يزال المحقق العدلي القاضي طارق البيطار ينتظر من يعطيه الضوء الأخضر لمعاودة نشاطه. لا مجلس القضاء الأعلى حسم اللغط القانوني الحاصل منذ القرار الشهير للقاضي حبيب مزهر الذي علّق تحقيقات المرفأ حتى إشعار آخر، ولا هيئة التفتيش القضائي تحركت لسؤال مزهر عن قراره الذي تخطّى به تكليفه الصادر عن الرئيس الأول لمحاكم الإستئناف القاضي حبيب رزق الله. طارق البيطار في منزله من دون قرارات أو جلسات يعقدها، وكل ما يمكن أن يفعله في هذه المرحلة، يقتصر على قراءة ملفه تحضيراً لكتابة القرار الظنّي. حتى مسلسل دعاوى الردّ والنقل والتزوير والإرتياب والمخاصمة التي قدمها الوزراء السابقون المدّعى عليهم، توقّف، وكل ما حُكي أو تردّد عن دعاوى تُحضّر في الكواليس لردّ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والمحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان هو عار من الصحة، وهذا ما يؤكّده وكلاء الدفاع عن الوزراء السابقين يوسف فنيانوس وغازي زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق ووكلاء الدفاع عن رئيس الحكومة السابق حسان دياب.
التطور الوحيد الذي قد يخرق هذا الجمود في ملف تحقيقات المرفأ هو الإجتماع المرتقب للهيئة العامة لمحكمة التمييز. فبحسب مصادر قضائيّة رفيعة في العدليّة، من المتوقع أن يوجّه القاضي عبود بصفته رئيساً للهيئة الدعوة لأعضائها الأربعة الى إجتماع يعقده إمّا نهاية الأسبوع الجاري وإما مطلع الأسبوع المقبل كحدّ أقصى، وعلى جدول أعمال هذه الهيئة دعاوى تحديد المرجع الصالح لرد البيطار ودعاوى مخاصمة الدولة اللبنانية عن أفعال إرتكبها المحقق العدلي وقضاة الإستئناف ناجي عيد وجانيت حنا ونسيب ايليا والمقامة من رئيس الحكومة الأسبق حسّان دياب والوزراء السابقون يوسف فنيانوس وغازي زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق. (الهيئة تضم الى جانب الرئيس عبود (ماروني)، القضاة سهير الحركة (شيعية) وروكز رزق (ماروني) وعفيف الحكيم (درزي) وجمال الحجار (سني)). القرارات التي تصدر عنها ملزمة، وتتخذ بالأكثرية لا بالإجماع، أي بمعنى آخر يكفي أن يحصل القرار على 3 أصوات من خمسة كي يصدر عن الهيئة العامة. وبحسب المعلومات، طلبت الهيئة العامة لمحكمة التمييز عشيّة إنعقادها كل القرارات الصادرة عنها في قضايا الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة (في قضيّة مكب النّفايات في برج حمود) ووزير الزراعة السابق علي العبدالله (في ملف بيع الأبقار المستوردة)، وهذا ما يعتبره وكلاء الوزراء السابقين المدّعى عليهم في ملف المرفأ من الأمور التي قد تصب في مصلحتهم، لماذا؟ لأنّ الهيئة العامة إعتبرت في قراراتها السابقة أنّ أيّ جرم وظيفي إرتكبه وزير يُحاكم عليه أمام القضاء العدلي إذا تبين أنه إستفاد منه مادياً، ويحاكم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء إذا لم تظهر التحقيقات تقاضيه أيّ عمولة أو رشوة مقابل تمرير هذا الجرم الوظيفي.
إذاً الأنظار تتجه نحو الهيئة العامة لمحكمة التمييز وما سيصدر عنها من قرارات، إما تنهي مشوار البيطار وتمنعه من ملاحقة السياسيين، وإما تثبت له صلاحيته بملاحقتهم. لذلك، قراراتها هي أكثر من مهمة في ملفّ تحقيقات إنفجار المرفأ.