شهدت سورية في الآونة الأخيرة إنفتاحاً خليجياً متجدداً علنياً على المستويين السياسي والدبلوماسي، ولم تبق قنوات الإتصالات الخليجية مع دمشق محصورةً بالتنسيق الأمني فقط، حسب ما كانت عليه العلاقات السورية- الخليجية في الأعوام السابقة.
بإستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة، التي بادرت الى إعادة فتح سفارتها في دمشق في نهاية العام 2018. وتجلى الإنفتاح المذكور آنفاً من خلال زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان لدمشق، ولقائة الرئيس السوري بشار الأسد في مستهل الأسبوع الثاني من تشرين الثاني الجاري.
يذكر أن عبدالله بن زايد هو أرفع مسؤول إماراتي يزور العاصمة السورية منذ إعلان الحرب على سورية في منتصف آذار 2011. وورد عقب هذه الزيارة معلوماتٍ صحافيةٍ عن إمكان دعوة سورية الى حضور إنعقاد أول قمة تعقدها جامعة الدول العربية.
كذلك ذكر بعض الإعلام أن الزائر الإماراتي حمل دعوةً رسميةً من بلاده الى الرئيس الأسد لزيارة "الإمارات".
فما حقيقة كل هذه المعلومات، وما هو الهدف الحقيقي لهذه الزيارة، وكيف يقرأ هذا الإنفتاح من منظار المعارضة السورية؟
تعقيباً على ما ورد آنفاً، تعتبر مصادر سياسية سورية قريبة من المعارضة الوطنية، أن زيارة رئيسة الدبلوماسية الإماراتية لدمشق هي إستكمال لإعادة تطبيع العلاقات السورية- الإمارتية التي إستهلت في العام 2018، بعد إعادة فتح سفارة الإمارات في العاصمة السورية في كانون الأول 2018، يومها لم يحضر حفل فتح هذه السفارة أبوابها في العاصمة السورية أي مسؤولٍ إماراتيٍ سياسيٍ أو دبلوماسيٍ من الصف الأول، فجاءت زيارة بن زايد الأخيرة تتويجا لسياسة دولة الإمارات الإنفتاحية على سورية التي بدأت منذ أربعة أعوام، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى شكلت الزيارة "بالون إختبار" لردود الأفعال الدولية على تطوير الإنفتاح الإماراتي على سورية. فجاء رد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن على ذلك، مكتفياً بكلمةٍ واحدةٍ، بأن هذا التطور "مقلق"، وورد كلام بلينكن في معرض رده على سؤال خلال مؤتمرٍ صحافيٍ، لم يكن مخصص لتناول مسألة تطوير الإنفتاح الإماراتي على سورية أصلاً، ودائماً بحسب رأي المصادر المذكورة.
وعن إمكان توالي الزيارة الخليجية لدمشق، وهل تشهد زيارة سعودية مماثلة للخطوة الإماراتية؟
تلفت المصادر إلى معلومات لديها في هذا الشأن، لكنها تستبعد إمكان قيام أي مسؤولٍ سعوديٍ رفيع بزيارة دمشق، قبل إنعقاد تسويةٍ سياسيةٍ لإنهاء الصراع الدائر في سورية والمنطقة، لأنه لم تلح بشائر هذه التسوية المرجوة في الأفق القريب، بالتالي فإن هذه الزيارة مؤجلة راهناً، بحسب قراءة المصادر عينها.
وعن التمايز في الأدوار بين الإمارات والسعودية، تعتبر المصادر أن تطبيع العلاقات بين الإمارات و"الكيان الإسرائيلي"، أعطى للأولى هامشاً أوسعاً من السعودية للتحرك في المنطقة، إنطلاقاً من مبدأ التوازن في العلاقات الدولية التي تقيمها الإمارات، ودائماً بحسب رأي المصادر.
من السياسة الى الميدان، بالإنتقال الى التحركات والحشود العسكرية في المنطقة الشمالية الشرقية السورية، خصوصاً في ضوء التهديدات التركية بشن عمليةٍ عسكريةٍ في المنطقة، حيث تستهدف فيها الميليشيات الكردية التابعة للولايات المتحدة ، هنا تؤكد مصادر ميدانية متابعة ألا عملية تركية، وأن كل هذه التهديدات، هي مجرد تهويل ومحاولة تركية للضغط على واشنطن الداعمة للأكراد، لتحسين أوضاع الإحتلال التركي وميليشياته في تلك المنطقة، خصوصاً إثر تردد معلومات عن إنسحاب عسكري أميركي من هذه المنطقة، قد يملأه التركي، هذا إذا حدث على حد تعبير المصادر. وتقول: "إن هذا التحشيد التركي غير مبرر".
هذه التهديدات التركية، هل دفعت إلى التقارب بين دمشق وقسد (قوات سورية الديمقراطية) التابعة للاحتلال الأميركي، بقيادة كردية، تعتبر المصادر أن هذه التهديدات أدت الى تحسن الوضع بين الطرفين المذكورين أخيراً عما كان عليه سابقاً، ولكن يبقى القرار النهائي "لقسد" لدى الأميركيين، مهما بلغ التقارب بين دمشق والميليشيا الكردية، ويبقى أيضاً الحلم التركي بإقامة"حزام أمني" بإدارة المسلحين السوريين التابعين لأنقرة، يفصل بين الحدود التركية ومناطق التواجد الكردي في سورية، هذا في حال كتب لهذا "الحلم" النجاح، تختم المصادر.