على الرغم من أن غالبية الأفرقاء المحليين يدركون جيداً التداعيات التي قد تترتب على أي مسّ بالإستحقاقات الإنتخابيّة المقبلة، النيابية والرئاسية، إلا أن المؤشرات، التي تؤكّد أن هؤلاء لا يزالون يراهنون على "تطييرهما"، تزداد يوماً بعد آخر، نظراً إلى قلقهم من أي نتائج غير متوقعة.
وفي حين يسعى البعض إلى التقليل من إمكانية حصول خرق خبير في صناديق الإقتراع، بسبب التوازنات التي يفرضها قانون الإنتخابات النافذ، لكن ذلك لا يلغي أنّ الجميع يفكر بالتداعيات التي سيتركها الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي على توجهّات الناخبين.
في هذا السياق، تشير مصادر نيّابية متابعة، عبر "النشرة"، إلى جملة من المعطيات التي ينبغي أن تأخذ بعين الإعتبار لدى البحث في الملف الإنتخابي، تبدأ من صراع الأكثرية النيابية الذي فتح على مصراعيه، بين من يريد، منذ اليوم، التأكيد على أن أي أكثرية لن يكون بمقدروها الحكم وحدها، وبين من يعتبر أنّ الواقع، الذي كان طاغياً منذ العام 2005، لا يمكن أن يستمر بعد الإستحقاق المقبل.
هذا الصراع يظهر من خلال المواقف التي يعبر عنها كل من "حزب الله" وحزب "القوات اللبنانية" بالدرجة الأولى، نظراً إلى أن الفريقين يسعيان إلى أخذ المعركة نحو العناوين السياسية، التي يستطيعان الذهاب فيها بعيداً في عملية شد العصب الإنتخابي، الأمر الذي ساهم في رفع وتيرته إلى الحدود القصوى حادثة الطيونة، التي لا تزال مدار أخذ ورد بين الجانبين، ومن المرجّح أن يتصاعد أكثر في المرحلة المقبلة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن مجموعة واسعة من القوى السياسية الأساسية تخشى الوصول إلى الإستحقاق الإنتخابي في ظل الواقع الراهن، نظراً إلى أنها تدرك جيداً أن الناخبين سيذهبون إلى خيار "الإقتراع الإنتقامي"، لا سيما أنها حتى الآن عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من المساعدات التي كانت تقدمها في الإستحقاقات الماضية.
هذا الواقع، هو الذي يُفسر القلق القائم من أصوات المغتربين، بعد الإرتفاع الكبير في نسبة المسجلين في الدورة الحالية، الأمر الذي دفع البعض إلى إعادة النظر في مسألة مشاركتهم في التصويت لصالح المقاعد الـ128، نظراً إلى أن ذلك سيسمح لهم بالتأثير في نتائج غالبية الدوائر، بينما حصرهم في المقاعد الست يقود إلى التقليل من "الخطر الداهم".
في هذا الإطار، تعرب هذه المصادر عن قلقها من تنامي الحديث عن مرحلة فراغ ستلي الإنتخابات النيابية، بالتزامن مع آخر يتعلق بالمخاطر التي قد تحول دون حصولها من الأصل، حيث تؤكد أن القوى السياسية تملك الكثير من الأوراق التي من الممكن أن تقود إلى مثل هذا السيناريو، التي تبدأ من الأوضاع الأمنية ولا تنتهي عند إمكانية إعتكاف موظفي الدولة عن الإشراف على الإستحقاق.
على الرغم من ذلك، الخطر الأكبر يكمن بالإشارات إلى إحتمال حصول تمديد، سواء كان ذلك في ولاية المجلس النيابي أو ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث الطروحات تشمل تمديد ولاية المجلس الحالي سنة واحدة لانتخاب الرئيس المقبل، أو الذهاب إلى تمديد متوازن لمدة 3 سنوات، يشمل المجلس والرئاسة، ضمن ما يوصف بـ"المساومة الكبرى"، التي ينظر إلى المواقف الأخيرة على أساس أنها محاولات جس نبض لها.
في المحصلة، لم يصل طرح "المساومة الكبرى" إلى المستوى الخطير، إلا أن مجرد التفكير فيه يجب أن يدفع إلى القلق، خصوصاً أنه يعني تمديد الأزمة الحالية فترة طويلة، نظراً إلى أن الوقائع التي تحكمها لن تنتهي في وقت قريب، مهما كانت الوعود التي ستقطع كبيرة.