قبيل وعد بلفور وبعده وبعد انتصار الحلفاء على المانيا النازية فرضت الدول المنتصرة بريطانيا واميريكا نظرية ان لا مجال لحل ما سمي بالمعضلة او المشكلة اليهودية خلافا لحل الهتلريين المجرم الا اغتصاب واستيطان في ارض فلسطين وخلق دولة العرق اليهودي العنصرية انسيابا مع نظريات العرق الرائجة منذ ثلاثينات القرن العشرين ومن المبالغ في القول ان منشأها و رواجها كان الماني بل كانت القارة الاوروبية تعيش هذه الظاهرة العرقية العدائية ضد اليهود منذ الانهيار الاقتصادي في سنة ١٩٢٩ وما قبله في روسيا وبولونيا واوكرانيا والنمسا والمانيا وفرنسا اتفقت الحكومات على تصدير ما سمي بالمعضلة او المشكلة اليهودية من اوروبا الى بلاد العرب.
اعتمدت نظرية الخلاص الوحيد الامن للشعب اليهودي هو في انشاء منصة عرقية دينية منشأها استيطاني اوروبي يهودي مكثف دفع بمجموعات يهودية اوروبية بالهجرة تحت راية منظمات صهيونية مختلفة تحمل شعار تحقيق الملاذ الامن الاخير لليهودية الاوروبية .
تاسست هذه الدولة الاستيطانية ومنذ سنة ١٩٤٨ وحتى اليوم لم يمر يوم واحدا من حياة مواطنيها الا في ممارسة الحرب والقتل او التحضير له او التنظير والكلام عنه في كل ساعة ويوم من حياة مواطنيه .
يتساءل يهود العالم اليوم عن وظيفة الدولة الصهيونية هل هي فعلا لحماية الشعب اليهودي ام انها منصة عسكرية متقدمة للحفاظ على المصالح الغربية في الشرق العربي وياتي هذا التساؤل اولا من اسرائيل من خلال ما سمي بالمؤرخين الجدد وكذلك من التنظيمات اليهودية المنتشرة حول العالم وخاصة من اليهود الاميركيين اللذين يمثلون اكبر نسبة يهودية في العالم ويلاقي هذا التساؤل اليهودي العالمي تساؤلات من اوساط القرار السياسي الاوروبي وكذلك اميريكي عن الجدوى السياسية الغربية من الوظيفية الصهيونية في فلسطين فما يدور من قتل ودمار واحتلال لأرض والشعب الفلسطيني تنافي جميع الأخلاقيات والمثل الإنسانية على يد الجيش وأهالي الدولة الصهيونية، لم يعد الغرب قادر على تبريره مهما حاول جاهدا كذبا ونفاقا.
اقول ان السنين القادمة سوف تحمل تغييرات سلبية جوهرية في الدعم الغربي الغير مشروط لدولة اسرائيل وكذالك فقدان المصداقية التاريخية الداخلية التي كانت تدعو للانصهار ووحدة الشتات من القادمين اليهود من حول العالم الى فلسطين المحتلة حيث ابتدأوا يشعرون ويراقبون كل يوم الانسحاب المتدرج للغرب وكذبة اسطورة الملاذ الامن في فلسطين التي بنيت عليها بالاساس الخرافات المؤسسة للدولة الصهيوني
ما يفسر الهجرة اليهودية المعاكسة من فلسطين الى اميركا واوروبا.
المؤسف والمعيب في هذا التحول التاريخي التدريجي الذي نشهده ونحن في بداية سقوط الحلم الصهيوني قرر بعض العرب الاعتراف والتطبيع والخنوع للكيان الصهيوني في خطوات تطبعية متتالية تؤكد عمى وجهل القيادات العربية لذكاء مسيرة جدلية التاريخ ان لم يكن دافعه بيع الاوطان وهذا هو الارجح.