هدأت «عاصفة» إستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي إعلامياً، وذهب الرجل الى بيته مطمئناً انه مارس قناعاته وأكد ثباته طيلة شهر كامل، وأزاح جبلاً ثقيلاً عن صدره، وأغلق باب اتهامه وتناوله يومياً بأنه وفريقه يعطلون البلد، ولكن للاستقالة مفاعيل سياسية كبيرة لن تنتهي بجلوس قرداحي في منزله وبترك رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية مقعده شاغراً من ماروني اصيل تابعا له والقبول بوزير وكيل لتصريف الاعمال، وذلك كموقف من فرنجية، انه لم يقبل ان يتم التضحية بقرداحي، وانه لم «يبعها» للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وترك الخيار لقرداحي الذي قرر الاستقالة وابلغ الحلفاء بذلك.
وتنطلق اوساط واسعة الإطلاع في 8 آذار من هذه التقديم لتقول، ان الاخطر من الاستقالة ومفاعيلها هو، انها لن تؤتي أكلها وستكون سدى ومجانية وبلا طائل فقط ، بل ستنعكس بمفعول عكسي ورجعي على فريق 8 آذار وتحالفه مع «الثنائي الشيعي» وستزخم المواجهة مع حزب الله وسلاحه.
وتشير الاوساط الى ان البيان الفرنسي- السعودي، أكّد «أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وفقا لقرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية ذات الصلة. وكذلك دعا الى «وجوب أن يقتصر السلاح بشكل صارم على مؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان مصدّرا لأي عمل إرهابي يزعزع استقرار المنطقة أو في تصدير المخدرات».
وفي هاتين الفقرتين ، تضيف الاوساط ، تبن فرنسي وسعودي للخطاب التصعيدي نفسه ضد حزب الله وسلاحه وتحميله مسؤولية كل ما يحدث في لبنان لتأليب اللبنانيين عليه وعلى سلاحه لا سيما المسيحيين والدعوة الى مواجهته بشتى الطرق، ولو تطلّب الامر نزع السلاح بالقوة وتطبيق القرارات التي عددها البيان المشترك بين الطرفين، وهو خطاب مشابه للفترة التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسبقت شن العدو الاسرائيلي عدوان تموز 2006.
ولا تتوقع الاوساط، ان يكون هناك اي اجراءات عملية للوعود التي قطعها بن سلمان، خصوصاً ان ما حصل من استقالة، يرى فيها السعودي والاميركي والفرنسي وحلفاؤهم في لبنان انها «هزيمة» لحزب الله سياسياً و»نصر مجاني» لبن سلمان. فبعد 4 سنوات على انكفائه عن الساحة اللبنانية وتهميش حلفائه السنة ، خصوصاً الرئيس سعد الحريري، وبعد احتجازه واجباره على الاستقالة، والرهان فقط على رئيس حزب «القوات» سمير جعجع لمواجهة حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر وعهد الرئيس ميشال عون، عاد بن سلمان وعبَر باستقالة قرداحي الى اللعبة الداخلية اللبنانية، ولو عبر وكلاء من جعجع وبقايا 14 آذار لتعويمهم سياسياً ومالياً ولدعمهم انتخابياً، حتى يتمكنوا من الحصول على كتلة نيابية قادرة مع مجموعات من الحراك، وجمعيات المجتمع المدني، على «قلب المعادلة الداخلية» في الساحة المسيحية وضد حزب الله.
وتشير الاوساط الى ان هذه «العودة المسمومة» للرياض الى بيروت، وبشكل غير مباشر، من شأنها ان توتر الامور وتدفع الى تسخينها سياسياً واعلامياً ضد حزب الله، وتبني خطاب عدائي وتهويلي وتخويني ضده، لشد العصب الانتخابي والطائفي على بعد 5 اشهر من الانتخابات.
وفي حين تؤكد اوساط ديبلوماسية خليجية في بيروت، ان لا ليس هناك اجراءات سريعة وترجمة للبيان المشترك والاتصال الثلاثي بين ميقاتي وماكرون وبن سلمان، وسيظل حبراً على ورق، اذ لا تبدل في الموقف السعودي من لبنان قيد انملة!
وتتوقع الاوساط ان لا يكون هناك عودة قريبة للسفراء الخليجيين الى لبنان، لا سيما السفير السعودي وليد البخاري قبل الانتخابات النيابية، كما تستبعد ان يتوقف الضغط على حزب الله ولن يكون هناك «اراحة» للوضع اللبناني من دون إجراءات ملموسة من الحكومة لـ»كف» يد حزب الله عن البلد!