الأربعاء الماضي أصدر وزير العمل مصطفى بيرم قراراً يتعلق بالمهن الواجب حصرها باللبنانيين فقط، على اعتبار أن الظروف الحالية التي يمر بها لبنان تفرض اتخاذ تدابير تحمي حق اللبنانيين بإيجاد فرصة عمل، ولكن ما تخلله القرار كان مفاجئاً بالنسبة لبعض القوى السياسية، لناحية حديثه عن اللاجئين الفلسطينيين ومكتومي القيد.
قبل الخوض في تفاصيل اللاجئين الفلسطينيين، نتوقف عند ما ورد في القرار بما يتعلق بالمهن المخصصة للبنانيين فقط، فقد يكون مفهوماً أن يُحصر التوظيف في الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات باللبنانيين حصراً، وهذا الأمر يمكن ضبطه والسيطرة عليه، ولكن نص القرار على تخصيص اللبنانيين بمهن كثيرة، لا يعمل فيها عدد كبير من اللبنانيين، كما أنها لا يمكن ضبطها في سوق العمل.
لذلك ترى مصادر متابعة أن وزير العمل أصدر قراراً لن يُطبّق، مشيرة الى أنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها وزراء عمل حصر مهن محددة باللبنانيين. وتضيف: "على سبيل المثال لا الحصر، ينص القرار على أنه يحصر باللبنانيين ممارسة المهن السياحية التالية: "مدير مؤسسة سياحية، عامل استقبال، عامل غرف، طباخ، طاهي، عشي، شيف ومساعد شيف إختصاص مأكولات عربية، عامل صالة، صيانة وتجهيزات مؤسسات سياحية، منقذ ومراقب ومدرب أنشطة سياحية"، ولكن هل وضع وزير العمل آلية للتطبيق، وألا يعلم الوزير أن الكثير من المؤسسات السياحية تشغّل أجانب في وظائف لا يرضى اللبناني بالعمل بها؟
لا تقتصر المسألة على هذه المهن، فمثلاً، كيف يتم ضبط العاملين في "جميع الاعمال التجارية والاستيراد والتصدير والبيع بالجملة أو المفرق لكافة أنواع السلع والبضائع"، وماذا عن قطاع البناء والأشغال، الذي يعمل فيه عشرات آلاف السوريين، فهل اتخذ وزير العمل قراراً مشتركاً مع الوزارات المعنية والامن العام لوقف هؤلاء عن العمل؟
إذاً ترى المصادر أن القرار لن يُطبّق، ولن يجد من يلتزم به، والأهم أنه لن يجد من يرعى تطبيقه في هذه الظروف، إذ أن نجاحه يتطلب تعاون وزارات وإدارات وأجهزة امنية، ويحتاج أيضا الى تغيير نوعي في ثقافة اللبنانيين الذين يرفضون العمل في وظائف معينة.
أما الأمر الأخطر في قرار الوزير بنظر المصادر هو الإستثناءات التي وردت على متنه، وتحديداً عندما استثنى، مكتومي القيد، والفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجلين رسمياً في سجلات وزارة الداخلية والبلديات، إذ ترى المصادر أنه لا إمكانية بداية للفصل بين المسجلين وغير المسجلين، وثانياً فإن هذا القرار بما يتضمنه من استثناءات جاء مخالفاً للدستور فهو يدعو الى تمكين اللاجئين الفلسطينيين عبر مساواتهم باللبنانيين، ما يمهد الطريق أمام توطينهم في لبنان، وهو ما لا يمكن أن يقبل به أحد.
وكشفت المصادر أن تحركاً سياسياً وقضائياً ونقابياً سيواجه هذا القرار قريباً بحال لم يستجب وزير العمل للإعتراضات ويقوم بسحبه وإلغائه أو تعديله على أقل تقدير ليصبح متناسباً مع الدستور والقانون.
يحتاج اللبناني الى قرارات تحمي فرصته بالعمل في بلده، ولكن ينبغي بالبداية بناء بلد قادر على تطبيق القرارات.