بدأ الاستحقاق الانتخابي النيابي يطرق ابواب لبنان وبقوة، بفعل الدعم الدولي المتوافر له حالياً، والذي سمح بتدفق كمية كبيرة من الاموال الى هذا البلد المنكوب اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، وهو ما يمكن رؤيته من خلال تكريس الحملات الاعلانيّة والاعلاميّة للاحزاب والتيارات والمرشحين، ومن خلال المساعدات الدولية التي تصب في خانة المنظمات غير الحكوميّة وبعض وسائل الاعلام. وفي خضم هذه المعمعة، برزت مسألة اقتراع اللبنانيين المنتشرين حيث دار كلام كثير عن عددهم الاولي الذي وصل الى اكثر من 260 الف ناخب، الى أن حسمت المديرية العامة للاحوال الخصية الشك باليقين حول العدد الحقيقي الرسمي الذي بلغ، وفق ما اعلنت المديرية في بيان لها، والذي بلغ 225،114 ناخب يحق لهم الاقتراع. هذا الرقم يعتبر جيداً بالنسبة الى لبنان، ولكن يبقى معرفة ما اذا كان هؤلاء قد تكيّفوا بالفعل مع العقلية الاجنبية والتفكير الصحيح للانتخابات، ام انهم لا يزالون يرتبطون بالتفكير اللبناني المحلّي الذي يحسم النتيجة قبل الوصول الى صناديق الاقتراع.
على اي حال، كان من الملائم والمريح فعلاً الدخول الى الموقع الالكتروني للمديرية العامة للاحوال الشخصية (www.dgcs.gov.lb) كونه اتّسم بالسهولة والسرعة في الوصول الى المعلومات المطلوبة، وكان لافتاً ايضاً ما ذكره المدير العام في كلمته لناحية الانتهاء من اعداد قوائم الناخبين في الوقت المحدد. ولان افضل طريقة لمعرفة الامور تكمن في الوقائع والارقام الرسمية، كان من المهم الولوج الى خانة "القوائم الانتخابية" حيث تطالعنا (بعد وضع المعلومات العامة البسيطة او رقم الهوية) اسماء الناخبين بمن فيهم الذين تسجلوا خارج لبنان وابدوا رغبتهم في الاقتراع في "بلدهم الثاني"، وهو امر بالغ الاهمية ويضفي شفافية اضافية الى هذه المعلومات، ومسؤوليّة كبيرة على عاتق المعنيين، للمبادرة الى تصحيح اي اخطاء يمكن ان تكون موجودة لسبب اداري او طباعي او غيره... لتفادي الوصول الى اللحظة الحاسمة "حيث لا ينفع الندم".
والابرز في هذا المجال، تتبّع ارقام الناخبين المسجّلين داخل لبنان وفق الدائرة الانتخابيّة حيث يتبيّن ان عدد الناخبين حتى 15 من الشهر الحالي، بلغت 3970073 شخصاً، وكان لدائرة بيروت الثانية حصة الاسد من الناخبين (371020 ناخباً بين مقيم وغير مقيم)، وحلّت خلفها مباشرة دائرة بعلبك-الهرمل (341293 ناخباً). هذا الواقع يؤشّر الى مزاج الناخبين وفق كل دائرة، فحتى لو كانوا خارج لبنان، من المتوقع ان تصب اصواتهم وفق رغبة اهاليهم واقاربهم الموجودون في تلك الدوائر، وتلبية "تمنياتهم" بالاقتراع للائحة او لشخص معيّن.
في المقابل، يجيب موقع المديرية العامة للاحوال الشخصية بشكل غير مباشر، على تساؤلات العديد من الناس حول اصرار الدول الاجنبية وبالتحديد فرنسا والولايات المتحدة، على اجراء هذه الانتخابات، اذ تبيّن ان النسبة الاكبر من الناخبين المسجّلين خارج لبنان قد صبّت في فرنسا (28083 ناخباً)، فيما حلّت الولايات المتحدة الاميركيّة ثانية بفارق بسيط (27925 ناخباً)، ثم كندا (27413 ناخباً)... وكانت المفاجأة الكبرى في نسب المسجّلين في الدول الافريقيّة واميركا الجنوبيّة، اذ كان الرقم متواضعاً جداً علماً ان الغالبية الكبرى من اعداد المهاجرين موجودة في هذه الدول. وبلغ العدد الاكبر للمسجلين في الدول الافريقية (6068 ناخباً في ساحل العاج)، بينما ابدى 2844 ناخباً فقط اهتمامهم بالاقتراع في البرازيل التي تضم اكبر جالية لبنانيّة في العالم.
وفي دول الخليج، ومن اصل ما يحكى عن نصف مليون لبناني في السعودية، سجّل فقط 13095 ناخباً اسماءهم للاقتراع وهو رقم متواضع جداً نسبة الى العدد المذكور للجالية اللبنانيّة هناك. ومن المهمّ الاشارة ايضاً الى وجود بلدان كثيرة لن تفتح فيها مراكز اقتراع، بسبب عدم تسجيل 200 لبناني على الاقل اسماءهم ومنها على سبيل المثال ارمينيا (192 ناخباً)، والارجنتين (118 ناخباً)، فيما تسجّل ناخب واحد في كل من الدول العشر المذكورة في اسفل قائمة اللائحة المنشورة، ليخسر بذلك المرشحون اصوات 2740 ناخباً تسجلوا من دون القدرة على الاقتراع.
وعليه، تعطي الارقام التي تم ذكرها وتلك الموجودة في اللوائح المنشورة على الموقع الرسمي للمديرية العامة للاحوال الشخصية، فكرة عن توجه الناخبين المسجلين المنتشرين في دول العالم وفق الدائرة التي ينتمون اليها والبلد الذي يحتضنهم، في انتظار لحظة الحسم في اليوم المنشود.