بتاريخ الاول من كانون الاول الجاري اعلن عن أقفال المؤسسة العامة للإسكان وتوقف نشاطها. حسن، خصوصا أن معظم الناس في ظل الأزمة الخانقة التي تعيشها بالكاد تؤمّن قوتها اليومي، ولا طلبات جديدة على قروض سكنيّة. الا أن مشاكل عديدة نشأت اثر ذلك بين المطوّرين العقاريين والشارين أصحاب الشقق بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وتداعياته، فمن دفع دفعة أولى وقبض المبلغ المرصود له لم يعد يكفهِ للشراء، ولا يشكل شيئا من سعر الشقّة بجسب أسعار اليوم، والمطوّر الذي قبض الدفعة الاولى من الناس لم يعد باستطاعته إتمام البناء بسبب الارتفاع الجنوني في اسعار مواد البناء. فمن يحل هذه المشاكل والنزاعات بين الطرفين؟!.
بعض المحامين ينصحون أصحاب الشقق بدفع الاقساط غلى معدل 1500 ليرة للدولار بواسطة كتّاب العدل، الا ان هذا التصرف لا يمكن المطوّر من متابعة البناء ولا من تسليم الشقق. أين الدولة من هذا الموضوع؟ اليس من مسؤوليتها إيجاد الحلول لا سيّما أن الحق بالسكن من أهم حقوق الانسان؟!.
مدير عام المؤسسة العامة للاسكان روني لحود اشار في حديث لـ"النشرة" أنه قد توجد مشاكل من هذا النوع لكنّها ليست كثيرة برأيه وأوضح "أننا نبهنا الناس عبر الاعلام بهدف حمايتهم ألاّ يدفعوا عربون شقق ولا يوقّعوا على عقود او اتفاقيات منذ عام 2018، وحتى قبل توقف مصرف لبنان عن استعمال الاحتياطي الالزامي في القروض السكنية.
وردا على سؤال حول المشاكل الاجتماعية الناتجة عن الايجارات خصوصا أن القانون الموجود لم يعالج المشكلة ولا يوجد مؤشر للإيجارات، لفت لحود الى أنه أعد مشروع خطة إسكانية تتضمن بنودا عدة حول الايجار والايجار التملّكي لكنها لم ترى النور بعد، إذ يلزمها موافقة الحكومة والمجلس النيابي. وأشار الى أنها عرضت واقرّت في مجلس ادارة المؤسّسة مع وزير الشؤون الاجتماعية السابق، وهي بحاجة الى مسار، ورأى انها اذا اقرت ستعالج مشاكل الايجارات وتضع الاطر الصحيحة للمشاكل الاخرى.
من جهته رئيس جمعية تجار البناء ايلي صوما شرح ان هذه الأزمة استثنائية، لم يحصل مثلها في العالم أن يرتفع سعر صرف الدولار من 1500 الى 30000 ليرة لبنانية، وأقر صوما بحصول مشاكل، حيث ان العديد من تجّار البناء استمروا بالتنفيذ والتسليم دون ربح، والبعض الآخر ردّوا المال الى الناس. واشار الى ان هناك من بنى ولم يبع سوى شقق قليلة وتقاضى نصف المبلغ. وأشار صوما الى وجود نوع من الارباك الحاصل ومحاولة التوفيق بين الطرفين، لأن الموظف الذي كان راتبه 2000 دولار على سبيل المثال كانت قدرته الشرائية تسمح له بتقسيط شقة، بينما اليوم لا يمكنه ذلك، وتجار البناء يواجهون مشكلة ارتفاع اسعار المواد (البلاط، الحديد وغيرها). واردف ان العديد من تجار الابنية احتُجزت اموالهم في البنوك مثل معظم اللبنانيين. معتبرا ان المشكلة غير سهلة ويلزمها معالجة، ولا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة العشوائية.
وأمل صوما ان يعود الانتعاش الى قطاع البناء لأن الازمة الاقتصادية وتوقّف المؤسسة العامة للإسكان خلق جوا من التشاؤم، ورأى ان اي تطور ايجابي في الوضع السياسي يمكن ان يؤثر ايجابا على القطاع.
اما عن الرأي القانوني في هذه المسألة، شرح مصدر معني عبر "النشرة" اننا يجب ان نفرق بين الحالات، وان هناك عقودا واتفاق على التقسيط والشقّة في طور البناء واذا حصل التأخير بسبب التاجر يمكن للشاري ان يسدد دفعاته على معدّل 1500 ليرة للدولار، لأن لا ذنب له في ببطء المسار، وفي حال كانت الشقة منجزة من قبل يمكن أيضا للشاري الدفع على سعر 1500 ليرة، او بواسطة شيك دولار، لكن اذا كان العقد قد ابرم ولم يزل البناء قيد الانشاء حتى لو كان تاريخ العقد سابق الا ان البناء والمواد تُشترى حسب دولار السوق، لذلك يفترض في هذه الحالة الذهاب الى منصة صيرفة، او اعتماد سعر اقل من سعر السوق، وهذا ما يحصل اليوم لأن حتى لو ارتفعت اسعار مواد البناء، الا ان اجور اليد العاملة لم ترتفع كثيرا لذلك نرى ان المحاكم تحكم بحسب الكلفة الحقيقيّة في السوق.