إنشغلت الأوساط السياسية بصياغة تسوية سياسية وُصفت بالصفقة، كان يسعى "حزب الله" لتنفيذها بين حليفيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار "الوطني الحر" النائب جبران باسيل. تقول مصادر مطلعة إن الأفكار التي جرى تداولها تقوم على اساس:
- موافقة المجلس الدستوري على الطعن الذي قدّمه التيار "الوطني الحر" بشأن انتخابات المغتربين، وفيه كان يسعى التيار الى تنفيذ بنود قانون الانتخابات حرفياً.
- اتخاذ الحكومة قرار اقالة ثلاثة قضاة وتعيين بدلاء عنهم (كان مقرراً ان يجري ذلك نهار امس الاربعاء).
- عقد رئيس مجلس القضاء الاعلى الجديد اجتماعات بدءاً من الخميس (اليوم).
- انعقاد جلسة لمجلس النواب (كانت مقررة اول الاسبوع المقبل) لتأليف لجنة تحقيق برلمانية تبدأ بالإستماع الى رؤساء الحكومة والوزراء والنواب المعنيين.
- تواصل الحكومة اجتماعاتها بشكل طبيعي.
عملياً يعني ذلك ان التسوية كانت تقوم على اساس المقايضة بين ازاحة قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار عن ملف مرفأ بيروت والطعن بقانون الانتخابات لفرض تطبيق البند المتعلق بتأسيس دائرة انتخابية خارجية خاصة بالمغتربين. لكن حضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى عين التينة بناء على دعوة رئيس المجلس النيابي لإطلاعه على مشروع التسوية التي سوّقها "حزب الله" ونالت موافقة باسيل، كان كفيلاً بضرب المشروع.
تقول مصادر مطلعة إن ميقاتي نأى بنفسه عن الصفقة-التسوية، "داعياً بري لعدم القبول بها، لأنها تنال من هيبة القضاء وتضرب المؤسسات". وتضيف المصادر ان رئيس المجلس النيابي لم يُغضب ميقاتي، بل اقتنع بما قاله رئيس الحكومة، وهو ما انعكس في اللاقرار الخاص بالعضوين الشيعيين في المجلس الدستوري"، فطار البند الرئيسي في المشروع ومعه كامل بنود التسوية.
وعلمت "النشرة" ان "حزب الله" لم يشأ ايضاً مشاكسة ميقاتي الذي "إستشرس في الدفاع عن طرحه بعدم اجراء أيّة تبديلات قضائية". خصوصاً ان موافقة رئيس الحكومة هي الممرّ الاجباري لتنفيذ التسوية.
وتقول المصادر ان ميقاتي اجرى اتصالا برئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد اجتماعه مع بري، لإبلاغه بعدم موافقته على الطرح لا شكلاً ولا مضموناً.
وفي النتيجة سقطت الافكار، وتثبّت انتخاب المغتربين بالصورة التي اقرّها المجلس النيابي، لتبدأ بعدها الاستفسارات عن المستفيد مما حصل؟ .
تقول المصادر ان رئيس حزب "القوات" سمير جعجع وجمعيات مدنية سيكسبون معظم اصوات المغتربين، مما يؤدّي الى خسارة "الثنائي الشيعي" والتيار "الوطني الحر" لتلك الاصوات. وهكذا يتكرس الخلاف بين برّي وباسيل في الانتخابات النّيابية. فماذا سيفعل "حزب الله" في الانتخابات؟ من سيكون حليفه، الحركة ام التيار؟.
اما الحكومة فهي تنتظر معجزة سياسية جديدة للاجتماع مجدداً، ولا يبدو ان ميقاتي سيدعو مجلس الوزراء للاجتماع من دون حضور "الثنائي الشيعي".
وهكذا يبدو البلد في جمود، لن ينقذه الا قرار قضائي من الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي ستنظر بطلب مخاصمة الدولة الذي تقدم به رئيس الحكومة السابق حسان دياب.