غدت اميركا بعد الحرب العالمية الثانية كقوة اولى او ثانية بعد الاتحاد السوفياتي وتقاسما الانتصار على النازية
توغلت أميركا في اوروبا الغربية مع مشروع مرشال الاننمائي لدول اوروبا الغربية
وغدت موسكو في مشروع الكوميكون للتكامل الاقتصادي بين دول اوروبا الشرقية
وجرى مبارات في التنافس الاقتصادي والعسكري والاجتماعي
موسكو تريد تعميم الاشتراكية الموجهة وواشنطن الليبرالية الانسانية العطوفة على الحريات
كانت صورة أميركا التي ساهمت في تحرير اوروبا من الاشرار النازيين صورة مشرقة لدولة عطوفة غنية وسخية في العطاء وابتدت هوليود ومراكز اوروبية تنتج الافلام التاريخية عن ابطال اميركا في حربهم ضد الاشرار الالمان وعممت السياسة الخارجية الاميركية هذا التوجه واستفادت منه في التوسع شرقا وغربا واحتلت اليابان وأخذت تنافس الاتحاد السوفياتي في آسيا وجنوب شرقها
فهزمت في كوريا الشمالية نصف هزيمة وهزيمة كاملة نكراء في فيتنام وكذلك في مواقع محددة في اميركا الجنوبية وبات العالم له حدود دولية لكل دولة وحدود ضمنية لكل دولة ضمن تقاسم الجبارين هذا حتي سقوط الاتحاد السوفياتي في تسعينات القرن العشرين مما شكل انهيار كامل للكتلة الشرقية الاوروبية وارتدادات وازمات أقتصادية واجتماعية لم يشهدها التاريخ الانساني من قبل.
بيد ان سقوط الاتحاد السوفياتي كان له الأثر السيء الكبير على سياسة الولايات المتحدة الداخلية والخارجية اذ تخلت اميركا في السياسة الداخلية عن المساعدات الاجتماعية للطبقات المتواضعة وتعاظمت الخلافات الاتنية بين الاصول الافريقية والاسبانية والاوروبية وزاد الهامش بين الفقراء والاغنياء بشكل مضطرد وباتت حفنة من الاغنياء يتحكمون باكثرية الثروة والدخل وزاد عدد السجناء والمهمشين بينما انتهجت في السياسة الخارجية نمط انفعالي عدواني يذكر بطرق الاستعمار القديمة فباتت تؤيد حركات الانفصال العرقية والمذهبية في كل مكان من اميركا الى اسيا الى اوروبا الشرقية والبلقان الى البلاد العربية فكانت الهجمات واحتلال العراق وافغنستان وقسم من سوريا والاعتراف الغير مشروط بمشيئة الكيان الصهيوني المجرم والاعتراف باغتصاب اراض فلسطينية واردنية وسورية ولبنانية لصالح اسرائيل العظمى وانتهاج سياسة مفرطة في الانحياز والظلم تجاه العرب كل العرب وتقويض السياسة الاوروبية في خط لانحياز الصهيوني الظالم غرم كل الجرائم والعدوان اليومي الصهيوني.
لذلك يتجه العالم وهو على فلق العدم توازن الدولي لتلقف الحلف الشرقي الغير معلن بين القوة العسكرية الروسية الهائلة والحديثة والقوة الصينية الاقتصادية النامية وسائر دول آسيا بما فيها الهند واليابان وكوريا بعدما عادت الدول الشرقية الى مسيرة التاريخ الفاعل بعد اكثر من ثلاثة قرون من المسيرة التاريخية الدفاعية الخجولة امام الاستعمار الغربي ان مسيرة الدول الشرقية متنامية بفعل النمو الاقتصادي والدفاعي ورجوع موسكو وبيكين الى الساحة الدولية يعتبر تقدم على طريق احتواء التصرفات الغربية التي تذكرنا بالغرب في مرحلة الاستعمار في القرن الثامن عشر والتاسع عشر ونرى كيف ان الجيوش الغربية انكفأت من العراق وافغانستان كونها تحركت من الانحلال الاستعماري وغلبها منطق الحق الدولي وحرية الشعوب.
في الحقيقة انني اوافق حكام الشرق او الكتلة الشرقية عندما يصرحون انهم يعملون لتصحيح اعوجاج العلاقات الدولية في اتجاه الحقوق العادلة للشعوب عبر كبح المغامرات الغربية الفاشلة لحكم الشعوب والتبشير الديمقراطي.
لن يستتب او يهدأ الصراع العالمي الا باسترجاع الحقوق المغدورة واعادة التوازن بين غرب ظالم وشرق متصاعد واحلال جدلية تنافسية في النفوذ الدولي من جديد.
ان المنافسة المتعددة الاطراف على النفوذ العالمي ستدر بالنفع على الشعوب المستضعفة والمغبونة وللاسف نحن العرب على راس قائمة الغبن الغربي والدولي بعدما قرر الغرب الاوروبي التبشيري الديمقراطي ان الحل النهائي للمشكلة اليهودية هو في تصدير مشكلة الاسامية واضطهاد اليهود من اغلبية الشعوب الاوروبية الى فلسطين وسوف نساعدكم على طرد اهلها والاستيلاء على ارضها ومواردها تم اقناع ارباب اليهود في ذلك الوقت بعد الحرب العالمية الثانية ان الدولة الدينية الصهيونية العتيدة هي الحل وهذا الحل هو الملاذ الآمن الاخير للشعب اليهودي المضطهد من اوروبا على حساب شعب فلسطين.
ومن الفوائد الجانبية لهذا الحل اشعال حرب دائمة مستعرة في ربوع العرب والقضاء او اضعاف على اي مشيئة وحدوية عربية تمكن العرب من انشاء كتلة وازنة تاريخية تتحدى الكتل العالمية الأخرى وتسلك طريق النمو والرقي والتقدم وهذا ما حصل وما يحصل لنا منذ اكثر من سبعون عاما مضت حرب بدون هوادة.