لم يُخيّب رئيس الجمهورية ميشال عون َظن من راهن على خطاب تصعيدي وسلبي تجاه حزب الله و»حركة امل»، حيث حَمل بشدة على «الثنائي الشيعي» وحمّله بشكل واضح وصريح ولو لم يسمه بالاسم مسؤولية «خراب البصرة».
ولعل اخطر ما قرأته اوساط واسعة الاطلاع في 8 آذار، ان الرئيس عون «تماهى» مع خصوم حزب الله في تحميل سلاحه مسؤولية الخراب الداخلي عبر التعطيل في مجلس النواب وبواسطة الحليف رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما حمّل حزب الله مسؤولية تدهور العلاقات مع الخليج وبالاجندات خارج الحدود ويقصد تدخله في سوريا وربما اليمن.
وتقول الاوساط ان الدعوة الى الحوار، ورغم انها ايجابية في الشكل، لكنها غير قابلة في المضمون للتنفيذ لاسباب لوجستية ومتعلقة بوضع البلد من جهة، ومن جهة ثانية متعلقة بالوضع السياسي العام والخصومة، التي نشرها العهد حوله، عندما مارس في كل السنوات الماضية دوراً كرئيس طرف، ولم يكن حكماً ووسطياً او محايداً، بل كان ينحاز بشكل واضح الى «التيار الوطني الحر» ورئيسه النائب جبران باسيل.
وتشير الى ان حتى الموضوعات التي طرحها كعناوين للحوار، ورغم انها تلتقي مع خصوم حزب الله والمعارضة المسيحية وحتى بكركي التي تدعو الى الحياد، كالاستراتيجية الدفاعية وحتى «دغدغة» الجمهور المسيحي انتخابياً عبر اللامركزية الموسعة الشاملة، لن تدفع «القوات» و»الكتائب» والنائب السابق وليد جنبلاط الى حضورهم هذه الطاولة.
واللافت وفق الاوساط ان هذه الدعوة لا تأتي متأخرة وحسب، وفي الاشهر العشرة الاخيرة للعهد، وفي محاولة للتمايز عن باسيل و»التيار»، ولفصل رئاسة الجمهورية عنهما في آخر العهد، لا يمانع «الثنائي الشيعي» من حيث المبدأ حضور اي حوار والمشاركة فيه وتحت اي بند او ظرف، ولكنه يرى وككل اللبنانيين ان الاولوية اليوم لحوار حول بند وحيد وهو ورشة طوارىء انقاذية اقتصادية ومالية ومعيشية.
في المقابل لم «يبلع» جمهور المقاومة و«الثنائي الشيعي» خطاب الرئيس عون، والذي رأى فيه سلبية وتصعيدياً «غير مبرر»، ورغم انه متوقع بعد المواقف الاخيرة امام وفد نقابة المحررين، خصوصاً في موضوع السلاح والاستراتيجية الدفاعية، وتوقيت هذا الطرح والذي يخدم خصوم حزب الله في الداخل، وخصوصاً «القوات» والتي تتلاقى حملتها على السلاح مع الاميركيين والخليجيين، وحتى العدو وكل من لا يضمر خيراً في لبنان للمقاومة وسلاحها وبيئتها.
وقد حفلت مواقع التواصل الاجتماعي المفتوحة والمغلقة بمواقف حادة وبجلسات انتقادية لخطاب الرئيس عون، كما شهدت بعض مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين سجالات حادة بين جمهوري «الثنائي» و«التيار».
في المقابل، لا تغيب السلبية عن انطباعات «الثنائي الشيعي»، والذي يبدو انه اوعز الى قيادته وفق الاوساط بالتزام الصمت، وعدم التعليق على خطاب رئيس الجمهورية السلبي وغير الموفق، والذي يكمل سلسلة «خطابات الرحيل» للعهد، والتي يرمي فيها المسؤولية على الآخرين، ولا يُحمل لا عهده وتياره الذي أسسه وحكم خلال 15 عاماً ومنذ العام 2005 وحتى اليوم اسوة بالسلطة الحاكمة اليوم.
كما مرّ 5 اعوام من العهد، وما حصل في البلد، صحيح ان العهد لا يتحمّل وحده وزره خلال العامين الاخيرين تحديداً، ولكن تحميل ما جرى لحزب الله و«حركة امل» حصراً فيه الكثير من التجني والهروب الى الامام ومن تحمّل المسؤولية.