ظهر في الآونة الأخيرة الكثير من الخلافات في وجهات النظر بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» حول الكثير من الملفات والمواضيع المطروحة، وبلغت هذه الخلافات في وجهات النظر أوجّها خلال مناقشة تعديل قانون الانتخاب، حيث انحاز نواب «كتلة الوفاء للمقاومة» في جزء من هذه التعديلات إلى جانب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وفي جزء آخر مع نواب «لبنان القوي»، وهو ما أثار حفيظة الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل، وقد عُبر عن هذا الخلاف في مواقف عالية النبرة للنائب باسيل الذي كان واضحاً في التصويب المباشر على حليفه «حزب الله» إلى جانب اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي التي عجّت بالمواقف التي أوحت وكأن الجرة قد انكسرت بين الطرفين، وهو ما طرح السؤال البديهي عما اذا كانت شعرة معاوية قد انقطعت بين حارة حريك و«ميرنا الشالوحي»؟
من يرصد مسار المواقف اليومية التي تطلق خصوصاً على الضفة «العونية» يشعر وكأن خللاً قد أصاب العلاقة بين الحزب والتيار، وأن شظايا هذه المواقف قد طالت هذه المرة تفاهم مار مخايل في الصميم، غير أن المواكبين للمراحل التي مرّت بها العلاقة بين الفريقين لا يشعر بأن هذا التفاهم هو الآن يمر في مرحلة خطرة، لا بل ان هؤلاء يرون ما يحصل بأنه عادي، وكان موضوعاً في الحسبان في اللحظات الأولى التي وقّع فيها التفاهم، كون أن الإتفاق الذي حصل هو في معظمه على المواضيع الاستراتيجية وتلك التي تتعلق بالكيان اللبناني، وأن باقي التفاصيل تركت لتقدير كل طرف، حيث بقيت هناك مساحة واسعة من الممكن أن يعبّر كل فريق عن موقفه وليس بالضرورة أن يكون متفقاً أو منسجماً مع حليفه الآخر.
فك الارتباط بين حارة حريك وميرنا الشالوحي غير مطروح من الجانبين
وانطلاقاً مما تقدم فإن مصادر عليمة في الثنائي الشيعي، ترى أن الخلاف بين الطرفين لا يفسد في الود قضية، وأن مثل هذا الفراق حول بعض الملفات موضوع بالحسبان من الجانبين من اليوم الأوّل لتوقيع التفاهم في كنيسة مار مخايل، وأن ما هو جديد هذه المرة هو الكلام الذي أخذ طابع السقف العالي الذي قاله النائب جبران باسيل في أحد اللقاءات التي جمعت مناصرين من «التيار» على مأدبة غداء.
وتؤكد هذه المصادر أن التحالف الموجود منذ سنوات بين الحزب و«التيار» لن يسقط، لكن نعم مساحة العلاقة الداخلية بين الجانبين تضيق وتتسع تبعاً للظروف والملفات وطريقة المقاربة، لكن هذه العلاقة على المستوى الداخلي باتت تحتاج إلى إعادة تقييم وتصويب واعتماد معيارية جديدة لتلافي الاختلافات التي تتعدد في هذه الفترة، فضلاً عن ضبط الخطاب الإعلامي والمفردات المستخدمة فيه، والتوصيفات، وتفعيل الحوار المباشر والصريح، وأن يُقدّر أحدهما الآخر في ما لا يتفقان حوله بعد التبرير والتفهم.
وتؤكد هذه المصادر ان التواصل قائم بين الجانبين، وأن اتصالات جرت مع نهاية الأسبوع بقيت بعيدة عن الأضواء، حيث تمت عملية مصارحة بين الطرفين وأبدى كل فريق رأيه بالمواضيع التي كانت موضع خلاف، وجرى تشديد على ضرورة تهدئة النفوس خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المناسبات، والابتعاد قدر الإمكان عن الصخب السياسي والإعلامي الذي لا يفيد أياً من الفريقين.
ووفق ما لدى هذه المصادر من معلومات أكيدة، فإن هذه الاتصالات واللقاءات التي جرت خلف الستار أعادت الأمور الى المربع الإيجابي، وجرى تشديد على ضرورة أن لا تشوب التفاهم أي شائبة على المستوى الوطني والاستراتيجي مهما وصلت اليه الخلافات حول القضايا الداخلية التي على كل طرف أن يتفهم ظروف الطرف الآخر في ما يتعلق بالموقف منها.
أما في ما يتعلق بامتعاض «التيار الوطني الحر» من العلاقة بين الحزب والرئيس نبيه برّي فإن المصادر ترى أن على «التيار» أن يفهم الخصوصية الموجودة داخل الثنائي الشيعي وأهميتها
الوجودية، مشددة على ان هذه العلاقة هي خط أحمر ولا يُمكن لأي فريق داخل «الثنائي» أن يحيد عن هذا الخط لأن في ذلك خسارة فادحة للفريقين معاً.
وإذا كانت كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم تخلُ من انتقادات الثنائي الشيعي من دون أن يأتي على ذكرهما بالمباشر، فإنا المصادر اعتبرت ان الرئيس عون تقصَّد أن لا يقفل الباب بالكامل مع حليفه وحليف حليفه، وأن ما كان منتظراً من الكلمة أكثر مما قيل بكثير، أما وقد جاءت مفردات الخطاب بهذا القدر، فهذا يعني ان أبواب الأخذ والرد بقيت مفتوحة، وأن الاتصالات الجارية ربما تفعل فعلها لجهة إعادة تصويب الأمور بين «التيار» و«الحزب» تحت مظلة الثوابت الوطنية المتفاهم عليها، مشددة على أن فك الارتباط بين حارة حريك وميرنا الشالوحي غير وارد من قبل الطرفين أقله في الوقت الراهن