قبل إستعراض توقّعات "أم شفيق" الخطيرة لعام 2022، لا بُدّ من التوقّف سريعًا وبإختصار عند أبرز خُلاصات مراكز التحليل وكبار الصحافيّين، بشأن التوقّعات السياسيّة والإقتصاديّة والصحيّة، إلخ. لسنة 2022 في العالم أجمع، وفي لبنان أيضًا.
أوّلاً: عالميًا، الإصابات بالمُتحوّرات المُتتالية من وباء "كوفيد 19" ستستمرّ بالتصاعد خلال الأسابيع وربّما الأشهر الأولى من العام 2022، الأمر الذي سينعكس سلبًا على القطاعات الصحيّة في مُختلف دول العالم، وسيؤدّي إلى إنهيار بعضها. كما ستنعكس سياسة إعادة الإغلاق سلبًا على الأوضاع الإقتصاديّة والماليّة في العالم، بشكل شبيه بما حدث في العام 2020، وسيستمرّ العمل عن بُعد في كثير من القطاعات. لكنّ دول العالم المُتقدّم ستعمل جاهدة على رفع نسب التلقيح، وعلى توسيع مُساعداتها الطبيّة للدول النامية، بهدف تحصين نسب أكبر من الناس ضُدّ الوباء، بعد أن تبيّن أنّ ترك الكثير من الأشخاص من دون لقاح في أيّ مكان في العالم، يؤدّي حُكمًا إلى فشل مُحاولات التوصّل إلى الحماية المُجتمعيّة المَطلوبة. ويأمل المُحلّلون في القطاع الطبّي أن يكون النصف الثاني من العام 2022 أفضل من النصف الأوّل، لجهة إعادة السيطرة من جديد على الوباء، عبر زيادة أعداد المُلقّحين في العالم، وعبر تطوير لقاحات فعّالة بمواجهة كلّ المُتحوّرات، وكذلك عبر تعميم إستخدام أدوية مُخصّصة لمُعالجة مُضاعفات الإصابة بأي سُلاسة من "كوفيد 19".
ثانيًا: عالميًا أيضًا، الأولويّة في العام 2022، هي للصراعات ذات الطابع الإقتصادي والتجاري والمالي، خاصة بين الصين والولايات المُتحدة الأميركيّة، وكذلك بين روسيا ودول الإتحاد الأوروبي مَدعومة من أميركا، حتى لو أخذ هذا التنافس على الحُصص في الأسواق العالميّة، وكذلك على المواد الأوّليّة المُهمّة، مسارات تصعيديّة خطيرة، كما يحصل على الحدود الأوكرانيّة حاليًا. وكل ما يجري يصبّ في النهاية في خانة تقاسم الأسواق بين الدول المُتنافسة، وتأمين إمدادات النفط والغاز لكل منها من دون أيّ تهديد، إلخ. لا سيّما وأنّ العالم أجمع يشهد تضخّمًا سريعًا في الأسعار، وغلاء مُتصاعدًا، بسبب تداعيات وباء "كوفيد 19" ونقص الإنتاج والتصدير.
ثالثًا: إقليميًا، لا بُدّ وأن تنتهي المفاوضات بين دول الغرب وإيران، بنتيجة إيجابيّة في نهاية المطاف، ولوّ بعد فترة طويلة نسبيًا من عمليّات شدّ الحبال، ومن التهديدات والتصعيد. وعند التوصّل إلى صيغة جديدة للإتفاق النووي مع إيران، لا بُد أيضًا من أن ينعكس هذا الأمر إيجابًا على إستقرار منطقة الشرق الأوسط ككلّ، وأن يتمّ الإنكباب عندها لإنهاء الصراع في اليمن، والذي أثّر كثيرًا على السُعوديّة وعلى غيرها من دول الخليج. لكنّ المشاكل الإقليميّة لن تنته خلال العام 2022، حيث ستبقى ملفّات سوريا والعراق وليبيا وغيرها مفتوحة، نظرًا إلى عدم توقّع التوصّل سريعًا إلى حلول نهائيّة لهذه الصراعات.
رابعًا: بالإنتقال إلى لبنان، إنعكاسات التأثير السلبي للصراعات الإقليميّة والدَوليّة ستبقى قائمة، والشلل في دوران عجلة الدولة سيستمرّ حتى نهاية العهد الحالي، بمعزل عن إجتماع الحُكومة من عدمه. والإهتمام كلّه سيكون مَحصورًا بالنتائج التي ستفضي إليها الإنتخابات النيابيّة مُنتصف أيّار المُقبل، والتي ستُحدّد توزيع السُلطة والحُكم في السنوات القليلة المُقبلة، وحصّة القوى السياسيّة المُختلفة من هذا التوزيع. ونتائج الإنتخابات ستُحدّد أيضًا إذا كانت الإنتخابات الرئاسيّة المُقرّرة مطلع الخريف، ستجري بسلاسة في موعدها، أم أنّ الفشل في تأمين غالبيّة عدديّة لتأمين النصاب، وبالتالي لإنتخاب رئيس، سيُسفر عن تأجيل هذه الإنتخابات وسيؤدّي إلى الدُخول في فراغ رئاسي مرّة أخرى!.
خامسًا:بالنسبة إلى الوضع المَعيشي والحياتي في لبنان، من المُتوقّع أن يشهد المزيد من التدهور في الجزء الأوّل من العام 2022، في ظلّ وُجود العديد من التحليلات المُتشائمة التي تتكهّن بإستمرار إنهيار قيمة العملة الوطنيّة أمام الدولار الأميركي الذي سيُواصل إرتفاعه، مع ما يعنيه هذا الأمر من مآسٍ باتت تطال شرائح واسعة جدًا من المُجتمع اللبناني. وكل الحُلول ستكون مُؤجّلة إلى ما بعد الإنتخابات النيابيّة، حتى لوّ جرى توقيع أيّ إتفاق مع صُندوق النقد الدَولي، فإنّ "الضوء الأخضر" لتحويل الأموال التي سيتمّ رصدها للبنان، ولإطلاق المشاريع الإستثماريّة، لن يحصل قبل إجراء الإنتخابات وظُهور النتائج، وخُصوصًا إعادة تركيب السُلطة من جديد. وحتى ذلك الحين، الأوضاع ستكون صعبة، مع توقّع رفع فواتير العديد من الخدمات والرسوم، بالتزامن مع زيادة التضخّم، ومع إستمرار إرتفاع الأسعار، بحيث أنّ أيّ زيادات في الرواتب لن تكون كافية لسدّ الهُوّة الكبيرة بين الدخل من جهة، وقيمة السلع والخدمات الأساسيّة من جهة أخرى. وفي حين أنّ العالم المُتحضّر سيشهد في العام 2022 تعميمًا مُتزايدًا لإستخدام المركبات الكهربائيّة، وتنشيطًا لوتيرة مشاريع وتحضيرات الزيارات السياحيّة إلى الفضاء، سيبقى همّ اللبناني مُتمحورًا حول تأمين لقمة العيش!.
في الختام، كما لاحظتم لا وُجود لتوقّعات "أم شفيق" ولا من يَحزنون، وقد تعمّدت إختيار هذا العنوان السَطحي، لجذب القرّاء، وللدلالة على سُهولة إنجرارنا جميعًا لبدعة التنجيم التي يُتقنها بعض الدجّالين الذين أصبحوا من أصحاب الثروات الطائلة، بسبب غباء البعض من الرأي العام، وبسبب تواطؤ مجموعة من وسائل الإعلام لغايات محض تجاريّة وماليّة، عبر التسويق المُخادع لمئات التوقّعات المُبهمة، وحتى لتوقّعات مُتناقضة تتغيّر كل بضعة أسابيع أو أشهر. وكما يُمكن أن تصيب تحاليل الصحافيّين ومراكز الدراسات المُتخصّصة، أو لا تُصيب، كذلك الأمر بالنسبة إلى "توقّعات" المُنجّمين المَزعومين، خاصة وأنّ هؤلاء الدجّالين يعتمدون الضبابيّة وعدم الوُضوح في كلامهم، بحيث يُمكن تحميل المعنى لعشرات الأحداث، وكذلك لأنّ الفريق التقني التابع لكل وسيلة إعلاميّة جاهز-بأحدث وسائل المُونتاج المُتوفّرة، لإستكمال خداع الرأي العام، وبخاصة البُسطاء وغير المُثقّفين من الناس!.