تعتبر أزمة الايجارات واحدة من المشاكل التي تعترض اللبنانيين وتضاف الى المشاكل الى التي تواجههم وتأتي نتيجة غياب رقابة الدولة من جهة وتفلت أسعار الصرف من جهة أخرى ما ولّد أزمة حقيقية... فمن أين يأتي المواطن بالمال حتى يدفع ثمن إيجار شقة يرتفع ثمن العقد فيها شيئا فشيئا نتيجة كل العوامل التي ذكرناها وأمواله محجوزة في المصارف!.
أبعد من ذلك، هناك مشكلة الايجارات الّتي تتفاوت بين الايجار الحرّ والايجار القديم. والمشكلة الحقيقية تكمن في القديم منها، وهنا تشرح المستشارة القانونية للجنة الاهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة لـ"النشرة" أنه "بالنسبة لايجارات السكن القديم فهي تخضع للقانون 2/2017 الذي يعطي المواطن الحق من الاستفادة من العقد لمدة 9 او 12 سنة بحسب الحالة الا اذا كان يستفيد من الصندوق ويدفع المواطن 4% من ثمن الشقة التي يسكنها"، مشيرة الى أن "هذا القانون ينظّم العلاقة بين المالك والمستأجر". بدوره يطالب رئيس لجنة المالكين باتريك رزق الله مجلس القضاء الاعلى بالبتّ بطلبات المستأجرين للاستفادة من الصندوق مع العلم أن الزيادات الطارئة على بدلات الايجار فقدت أكثر من قيمتها بنسبة تفوق 95% بفعل الازمة.
أما فيما يتعلّق بالاستثمار التجاري فهنا قصّة أخرى، ويشير باتريك رزق الله الى ان "الايجارات غير السكنية لم تحرر ولا تزال تخضع لتمديد تلو الآخر وهذا أمر غير مقبول"، هنا تشرح المحامية مايا جعارة أن "الايجارات القديمة لا تزال على حالها وتزداد البدلات بحسب غلاء المؤشر"، يعود باتريك رزق الله ليسأل "هل يعقل أن بدل ايجار مكتب لا يتعدى 50 الف ليرة ومؤشر التضخم كبيرا وهناك عدة أسعار للدولار والمستثمر يبيع البضاعة على الدولار نقداً، فهل هذا مقبول"؟.
تشدد المحامية مايا جعارة على أن "الجميع يعاني من هذا الموضوع والدولة لا تتدخل لوضع الضوابط". أما باتريك رزق الله فيطالب "بتحرير فوري للايجارات غير السكنية قبل الوصول الى تموز، والا سنكون قادمين على انكفاء عن التأجير لأن صاحب الشقة، خصوصا التي تم توقيع عقد ايجار استثماري فيها يفضّل عدم تأجيرها على أن يستفيد منها 50 الف ليرة مثلاً".
في هذا الشأن يلخص المحامي ميشال سعد عبر "النشرة" المشكلة أنّ "عقود الايجارات هي بالدولار والمستأجر يدفع الدولار على 1515 ليرة، والمحاكم لم تبت بهذا الموضوع على أي سعر صرف دولار عليه أن يدفع عقد الايجار"، شارحا أنّ "الازمة الكبرى تكمن في فرق سعر صرف الدولار والعقود القديمة والجديدة كلها أصبحت بدون قيمة".
إذاً، ازمة الايجارات السكنية وغيرها تحتاج الى حلّ سريع أولا لناحية تنظيم العلاقة بين المالك ومستأجر الشقّة السكنيّة في هذا الوضع بالذات وعلى الامد البعيد، أما فيما خص الايجارات الاستثماريّة، على الدولة أن تكون هي المحرّك لناحيتين أن تراقب ما يحصل اليوم وتضع القوانين التي تساعد على حلحلة هذه المسألة، وتنصف المالك والمستثمر في آن بشكل لا يشعر أحد من الطرفين أنه "مغبون"...