عندما كان يتحدث رئيس حزب "القوات" سمير جعجع عن الأكثرية السنّية في الانتخابات النيابية هي عراضة إعلامية لا تستند الى واقع شعبي. قد يكون "الحكيم" يتمنى أن يخوض المعركة الانتخابية والسياسية بالنيابة عن القوى السنّية التقليدية. يُقال هنا ان جعجع يحاول تسويق طرح يقوم على اساس تزعّم السنّة بدعم خليجي، لكن الطرح غير واقعي في لغة الارقام والاحصاءات المرتكزة الى قياس المزاج الشعبي.
بيّنت نتائج دراسات جرت في عدد من المناطق السنّية ان شعبية تيار "المستقبل" هي الأعلى نسبياً في معظم المناطق السنّية، رغم حالة الإرباك التي ظهرت في صفوف الناخبين السنّة، بسبب غياب الحريري عن لبنان. لكنّ الإرباك يخفّ شمالاً بسبب تثبيت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفسه في الساحة السنّية. فهل يذهب الحريري وميقاتي الى بلورة تحالف تحت غطاء او مسمّى نادي رؤساء الحكومات؟.
يتردد في الصالونات السياسية كلامٌ عن توجه سنّي في هذا الإتجاه يحظى بدعم شعبي واسع، يحاكي التجربة الشيعية الثنائية. ستكون الفاعلية السنّية لثنائية الحريري-ميقاتي، لفرض تحالف انتخابي على مساحة كل الدوائر الانتخابية، ومد يد التعاون مع القوى السياسية الأخرى بحسب المناطق والدوائر.
عندها، لن يكون بمقدور "الحكيم" جذب الجمهور السنّي لإختيار لوائحه. اما الارباك الذي يعيشه السنّة في لبنان حالياً، فهو يؤكد ان بيدر خياراتهم السياسية لن يلائم حسابات حقل "القوات" الإنتخابية.
يدور النقاش السياسي حالياً حول مقدرة "الجسم السني" في حصد نواب خلال الانتخابات المقبلة. يمكن الجزم ان ثنائية الحريري-ميقاتي ستكسب الأكثرية النيابية السنّية، بإستثناء مقعد لكل من: بعلبك(حزب الله)، البقاع الغربي(حسن عبدالرحيم مراد)، مرجعيون-حاصبيا(قاسم هاشم)، طرابلس(فيصل كرامي)، المنية-الضنية(جهاد الصمد)، صيدا(اسامة سعد)، الشوف(نائب التقدمي)، ومقعدين في بيروت(المشاريع وفؤاد مخزومي).
لكن القضية ليست محصورة عند حدود النواب السنّة، بل ستطال مساحة نواب آخرين في الشمال وبيروت ودوائر أخرى يستطيع خلالها الثنائي المذكور حصد مقاعد مسيحية او دعم مرشحين آخرين من طوائف أخرى: هل يستطيع حزب "القوات" الحصول على مقاعد نيابية في بعلبك-الهرمل وعكار والكورة وبيروت من دون دعم سنّي؟.
بالتأكيد ان تفكّك الحلف بين الحريري وجعجع سيضر بمرشحي "القوات" في الانتخابات النيابية المقبلة، لكنه لن يصيب مرشحي "المستقبل" بتراجع شعبي يُذكر.
لكن ماذا لو قرر الحريري عدم خوض الانتخابات النيابية؟
يقول المطّلعون إن عدم ترشّح الحريري لا يعني إعتكاف مرشحي تياره عن خوض الانتخابات النيابية، والاّ سيؤدي التمنّع الى اعتكاف سني شعبي عن المشاركة فيها، وبالتالي احداث خلل يفوق ما حصل مع المسيحيين في اول استحقاق انتخابي بعد مؤتمر الطائف منذ ثلاثة عقود. فمن يملأ الفراغ؟ في حال استثناء مؤيدي ميقاتي وشخصيات مناطقية، سينقسم معظم السنّة بين تيارين: احدهما متشدد يُصبح مطيّة في ايدي الجماعات المتطرفة، والثاني سيجد نفسه أقرب الى سوريا التي عادت تشكّل نقطة جذب للبنانيين.