بعد إعلان حزب "القوات اللبنانية" عدم رغبته بالمشاركة في الحوار الوطني، الذي من المفترض أن يدعو إليه رئيس الجمهورية ميشال عون، جاء إعتذار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن المشاركة، ليعيد طرح علامات الإستفهام حول الجدوى منه، خصوصاً لناحية التوقيت الذي يسبق موعد الإنتخابات النيابية.
من حيث المبدأ، لم تبدِ أغلب القوى الأساسية الأخرى، على الأقل حتى الآن، عدم الرغبة في تلبية الدعوة إلى الحوار، لكن ما ينبغي التنبّه إليه أنّ المشاركة باتت تنحصر بقوى الأكثرية النّيابية بشكل أساسي، أي قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر"، مع العلم أنّ خلافات هذه القوى كانت هي السبب وراء هذا الطرح.
في هذا السياق، تعتبر مصادر نيّابية، عبر "النشرة"، أنّ من المستبعد الإستمرار في هذا الطرح في ظلّ عدم رغبة فريقين أساسيين في المشاركة، على قاعدة أن البنود المطروحة من المفترض أن تؤجل البحث إلى ما بعد الإنتخابات النيابية، وبالتالي من الأفضل الذهاب للحديث عن كيفية تفعيل مجلس الوزراء في الفترة الفاصلة عن هذا الإستحقاق، خصوصاً أن أمام هذا المجلس الكثير من الملفات التي تحتاج البت بها.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا الواقع يعيد النقاش إلى النقطة الأساس، أي أن الحوار المطلوب هو بين أركان الأكثرية النيابية، نظراً إلى أنه قد يكون هو المفيد راهنا، لا سيما أن النجاح في الوصول إلى نتائج من الممكن أن يخرج الحكومة من عنق التعطيل، بينما الحوار الوطني قد لا يأتي بأيّ نتائج تذكر، كما هو الحال بالنسبة إلى غالبيّة الجلسات التي عقدت في الفترة الماضية.
على هذا الصعيد، كان حديث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قبل أيّام، عن التوجّه إلى دعوة مجلس الوزراء للإجتماع في الأيام المقبلة، كمؤشر على أنّ الرجل قرر الخروج من دائرة الإنتظار، لا سيما أن أي إتفاق مع صندوق النقد الدولي يتطلب قبل ذلك إقرار مشروع الموازنة العامة لعام 2022، وبالتالي الأمور لم تعد تحمل المزيد من التأجيل، ما يعني أنّ الكرة باتت في ملعب "حزب الله" و"حركة أمل" لحسم موقفهما.
حول هذا الموضوع، توافق مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، بأنّ الحوار بين أركان الفريق الواحد قد يكون أكثر فائدة من الذهاب إلى حوار وطني، وتشير إلى أنّ هذا الأمر يجب ان يكون برعاية "حزب الله"، الذي يمثل قناة التواصل الرئيسيّة بين أركان هذا التحالف الواسع، وتشدد على أن النجاح في معالجة الخلافات القائمة بين "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" من الممكن أن يقود إلى ما هو أكبر من ذلك.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هذه المهمّة لن تكون سهلة على الإطلاق، بالرغم من مساعي الحزب القائمة على تهدئة السجالات بين التيار والحركة، نظراً إلى أن الخلاف بينهما تخطى كل الحدود الماضية، حيث بات من الممكن الحديث عن خلاف بين مشروعين يراهن كل منهما على الإنتصار في الإنتخابات النيابية، وتلفت إلى أن "الوطني الحر" أصبح يعتبر أنّ معركته الأساسية هي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بينما الأخير يبحث عن أيّ وسيلة تقود إلى إضعاف التيار في الإنتخابات النيابية.
في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها بأنّ أيّ حوار قبل الإنتخابات النّيابية، مهما كان نوعه، لن يقود إلى أي نتائج تذكر، إلا بحال كان الحزب قادراً على إعادة ترتيب التفاهم بين قوى الأكثرية النيابية في وقت قريب، لكنها تستبعد النجاح في هذا الأمر، نظراً إلى أنّ حاجة كل من "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" إلى المواجهة بينهما على المستوى الإنتخابي.