أشار رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، خلال ترؤّسه قدّاسًا احتفاليًّا بمناسبة عيد القديس أنطونيوس الكبير، في كنيسة مار أنطونيوس في زحلة، إلى أنّ "بصلواتكم الكنيسة تستمرّ، لأنّ الكنيسة هي الجماعة المصلّية وليست فقط بناءً من حجر. البناء مهمّ لأنّ فيه نجتمع، وهو يتقدّس منّا أكثر ممّا نتقدّس منه، لأنّ المؤمن الّذي لبس المسيح تحوّل إلى هيكل حيّ للروح القدس".
وأوضح أنّ "لذلك، هرب مار أنطونيوس من المدنية إلى الصّحراء حيث لم يكن هناك كنائس كبيرة"، سائلًا: "هل يا ترى كان خارج الكنيسة؟ بالتّأكيد لا، لأنّه كان كنيسةً حيّةً متحرّكةً أينما حلّ هناك كانت الكنيسة، ونحن أيضًا أينما نكون تكون الكنيسة"، لافتًا إلى أنّ "الكنيسة لن تقوى عليها أبواب الجحيم، هذا وعد إلهي. لسنا نحن من نقرّر أن تستمرّ أو لا تستمرّ، لأنّها وعد إلهي. إرادة الله هي أن تستمرّ الكنيسة، والكنيسة هي مجموعة مواهب".
وذكر المطران ابراهيم أنّ "في الرهبانية اللبنانية لدينا قديسون تقدّسوا بالنّسك، وعلى رأسهم القديس شربل، لكن لدينا أيضًا قدّيسون تقدّسوا بالتّعاطي مع الناس، بالرّسالة كالقديس نعمةالله الحرديني والقديسة رفقا. مواهب الكنيسة كثيرة، وإحداها كانت الحياة الرهبانيّة في النّسك، وعلى رأسها مؤسّس الحياة الرهبانية ما أنطونيوس الكبير".
وركّز على "أنّنا اليوم مشتّتوا الإنتباه بشكل غير مألوف في عصرنا الحالي، كلّ لحظة لدينا اهتمام مختلف، ننتقل من فكرة إلى فكرة ومن اهتمام إلى اهتمام، وآخر اهتمامنا يكون الجوهر مع الأسف. مار أنطونيوس أراد أن يكون الجوهر في صلب اهتمامه، والجوهر هو أن يمتلئ من الرب". وبيّن أنّ "في الصّحراء الحياة ليست سهلة، حياة تقشّف فيها مخاطر دائمة، فيها تجارب. والصّحراء بالنّسبة لمار أنطونيوس هي المكان الأفضل والأسمى للقاء الرب".
كما شدّد على أنّ "مع الأسف، نحن في هذا البلد الصحّراء أتت إلينا، المخاطر والتّجارب أتت إلينا، وأصبحنا نعيش في جفاف ويباس ويأس، وكأنّ الصّحراء تغلّبت علينا، بينما مار أنطونيوس تغلّب عليها"، مشيرًا إلى أنّ "لذلك، علينا اليوم أن نقطع وعدًا بأن نكون على مثال مار أنطونيوس ونتغلّب على هذه الصّحراء، نتغلّب على هذا الوضع ولكن كيف؟ بالإيمان".
وأكّد ابراهيم "أنّنا مدعوّون إلى الانتصار على هذه الصّحراء الّتي تجتاحنا من كلّ الاتّجاهات وفي الوقت نفسه: أزمة اقتصاديّة، أزمة "كورونا"، أزمة سياسيّة، فقر، انقسامات في البلد وهجرة تسرق من شبابنا. علينا الإنتصار على هذه الصّحراء بالصّلاة والتقشّف والمحبّة وعمل الخير، بالتحمّل والصّبر، بالإيمان العميق بأنّ الله عندما يكون معنا لا تستطيع أيّ صحراء الإنتصار علينا، بالإيمان العميق بأنّ بلدنا الّذي مرّ بصعاب كثيرة، سيقوم من جديد وسيزدهر من جديد من خلال الإيمان والمحبّة". ولفت إلى أنّ "صلاتي معكم اليوم، أن يصير كلّ واحد منّا أنطونيوس جديد، وينتصر بالإيمان على كلّ التّجارب بنعمة الرب يسوع".