لفت وزير المالية يوسف الخليل، في كلمته بمناسبة إطلاق الاستراتيجية الوطنية لإصلاح الشراء العام، في لبنان، برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في السراي الحكومي، إلى أن إطلاق الاستراتيجية "خطوة منسجمة، أوَّلاً مع متطلبات الاصلاح التي التزمت به حكومتنا، وثانيًا مع مطالبة المجتَمَعين اللبناني والدولي، تأمين أعلى درجات الفعّاليّة والشفافيّة والمساءلة، في إنفاق المال العام".
واعتبر أن "في إصلاح الشراء العام، فرص جدّيّة للتطبيق الفعلي لهذه المبادئ، وَضَعَ مداميكَها القانون الجديد، ولكن أيضا والأهمّ بالنسبة لأوضاعِنا الماليّة اليوم، هو تحقيق انتظام ماليّ أكبر، من خلال مبدأ الإدماج بالموازنات"، موضحًا أن "هذا المبدأ يتطلّب تخطيطًا مُسبقًا للإنفاق، ورؤية متوسطة الأجل، مُدمَجة في مشروع موازنات كلّ جهة شارية في الدَولَة، بحيث لا يُمكن صَرف الأموال مِن خارِج هذا السياق، ويُصبح بالتالي لوزارة الماليّة قُدرة فعليّة ولو بعد حين، على استشراف حاجاتِ التمويل، كما وعلى دفع مستحقّات الموردين عِند استحقاقِها ودون تأخير".
وأكد الخليل، أن "إصلاح الشراء العام، بالنسبة إلينا، هو أساس لإصلاح طريقة إدارة الدولة، لإنفاق موارِدها الماليّة، أياًّ كان مصدرُ هذه الموارِد، وأيّاً كانت الجهات التي تتولى إنفاقَها، ولذلك فإن مبدأ الشموليّة، هو المبدأ الأوَّل الذي نُصِرّ عليه. ومِن دون ذلك سيبقى التخبّط، ولن نتمكّن مِن تخطيط الالتزامات الماليّة للدولة، ولا تحقيق التصحيح المالي المطلوب، كما أنَّ في هذا الإصلاح مداخل لاستقطاب الاستثمارات، في المشاريع الاقتصاديّة الحيويّة، التي يحتاجها لبنان للنهوض باقتصاده".
وأشار إلى "أننا وضعنا المدماك الأول، رغم الإمكانات المحدودة، اعتمدنا على أنفسِنا، وعلى الطاقات البشريّة الكفؤة في إداراتِنا، وعلى الخُبرات التي راكمها معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي خلال خمسٍ وعشرين سنة مِن عطائه، وقد كلّفنا هذا المعهد مسؤوليّة تنسيق هذا الجهد الوطني الكبير، وكان ولا يزال على قَدَر التحدي بشاهدة المؤسسات الدوليّة، وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص الذين كانوا لنا شركاء فعليّين".
ورأى الخليل، "أننا استطعنا، بفضل هذه الشراكات ومع المشورة التقنيّة التي قدّمها كلّ من البنك الدولي، والوكالة الفرنسيّة للتنمية، ومبادرة "سيغما"، من إنجاز أوّل المسح التقييمي بالاستناد إلى منهجية MAPS واقتراح قانون عصريّ أقرّه مجلس النوّاب صيف العام الماضي بعد عملٍ جبار قاده رئيس اللجنة الفرعيّة الأستاذ ياسين جابر مشكوراً".
وذكر أننا اليوم نقف أمام استحقاق دخول القانون، حيّز التنفيذ في تموز من هذا العام، هذا تحدٍ كبير بالنسبة لنا، يتطلّب عملاً تقنيّاً معقّداً، مدعّماً بإرادة سياسيّة أكيدة، وهو بالتأكيد يحتاج إلى توفير الموارد البشريّة والتقنيّة والماليّة، لإنجازه ضمن المُهل المحدّدة".
ودعا "كل الشركاء إلى توفير الدعم المُنَسّق، لتنفيذ ما حدّدته استراتيجيّة إصلاح الشراء، من خطوات تنفيذيّة، وأبرزها:
أولاً: إقرار المراسيم المكملة للقانون واقتراح التعديلات على القوانين الأخرى المرتبطة به.
ثانياً: إصدار الارشادات ودفاتر الشروط النموذجيّة ووضعها في متناول المعنيين.
ثالثاً: تعزيز القدرات الوطنيّة من خلال تدريب كافة العاملين في الدولة ومؤسساتها وفي البلديّات واتحاداتها وجميع الهيئات والشركات التي تُنفق مالاً عامّاً.
رابعاً: تشغيل المنصّة الالكترونيّة المركزية التي تشكل العامود الفقري للنظام الجديد.
خامساً: تعزيز الهيئة الناظِمة: هيئة الشراء العام.
سادساً: انشاء ودعم هيئة الاعتراضات وهي الهيئة الضامنة لحقوق المعترضين وفق الأسس الجديدة العصريّة للشكوى والاعتراض".
وأعلن أنه "إضافةً بالطبع إلى المحاور الأخرى التي حدّدتها الاستراتيجيّة والتي ستساهم فعلياً في تحقيق الوفر، وتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أسوة بالبلدان التي سبقتنا، من جهتنا، سنعمل مع رئيس الحكومة، على أن يتم إقرار هذه الاستراتيجية في مجلس الوزراء، ووضع الخطوات العملية موضع التنفيذ، مع تحديد للأولويات، والمتابعة والرصد".
ولفت الخليل، إلى أن "كلّ الامتنان لممثلي المؤسسات الدولية، وسفراء الدول الصديقة، ورؤساء الهيئات الرقابية والمدراء العامون، وممثلي القطاع الخاص، الذين ننتظر منهم المساندة والدعم للمضيّ قدماً على مسار هذا الإصلاح الصعب، حتّى لا يبقى قانون الشراء العام حِبراً على ورق، وحتّى لا يضيع كلّ الجَهد الوطني المبذول، ولكي نُطَمئن المانحين والممولين والقطاع الخاص ونؤكد لهم أننا نسير على أسس واضحة، أكيدة".