فيما تكافح المؤسسات الصحية الفلسطينية ووكالة "الاونروا" بكل امكانياتها لمواجهة تفشي جائحة "كورونا" بمتحوره الجديد "اوميكرون" في ظل انتشاره السريع داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وسط ظروف خانقة ومتشابكة بين البطالة والفقر المدقع انعكاسا للازمة اللبنانية الاقتصادية والمعيشية وارتفاع كلفة العلاج وثمن الادوية، جاءت مبادرة "مجموعة أصدقاء المريض الفلسطيني" المنتسبين لمكتب خدمات الطلبة الفلسطينيين في لبنان لتساهم في بلسمة الامراض والاوجاع معا.
مئة وستون متطوعا ومتطوعة من طلبة الجامعات ومعاهد التمريض، انخرطوا في مستشفى "الهمشري" التابع لـ"جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" في لبنان لخدمة المرضى مجانا، انضمّوا الى فريقي "الإسعاف والطوارئ" و"مكافحة كورونا" وفي مختلف الأقسام بهدف الوقوف الى جانب "الجيش الابيض" باطبائه وممرضيه والمشاركة في تخفيف المعاناة والتدرب ايضا واكتساب الخبرات العلمية.
ويوضح رئيس مكتب خدمات الطلبة الفلسطينيين في لبنان الناشط عاصف موسى لـ"النشرة"، ان التعاون مع ادارة مستشفى "الهمشري" ممثلة بمديرها الدكتور رياض ابو العينين ومسؤول فريق الإسعاف والطوارئ الدكتور زياد ابو العينين ومسؤول قسم التمريض يونس ياسين، بدأ منذ أكثر من عامين حيث عقدت لقاءات واجتماعات لتنظيم عملية انضمام المتطوعين ظمن شروط اولها ان يكون المتطوع يحمل إفادة تثبت انه درس او لا يزال يتابع دراستة باختصاص العناية التمريضية وان يملأ استمارة خاصة بالتطوع، بالإضافة إلى سجل عدلي وصورة عن الهوية وصورتين شمسية، على ان يلتزم بكافة الشروط والمعاير للتطوع الموضوعة من قبل إدارة المستشفى.
ويقول موسى، ان مبادرة "مجموعة أصدقاء المريض الفلسطيني" المنتسبة للمكتب تتوزع على ثلاثة مهام، الاولى داخل مستشفى "الهمشري" نفسه، حيث يتناوب المتطوعون على الدوام والخدمة في مختلف الاقسام، من الطوارىء الى التمريض الباطني والاشعة والمختبر وصولا الى قسم كورونا".
والثانية مواكبة الحملات الميدانية التي ينظمها فريق وحدة "كورونا" خارج المستشفى في المخيمات والتجمعات لاجراء المعاينات الطبية واعطاء الارشادات وأخذ فحوصات PCR.
والثالثة القيام بزيارات منفردة الى المرضى في منازلهم وتقديم الدعم والأدوية والمساعدة في دفع فواتير العلاج، مشيرا الى تحضيرات تجري لاستقبال مئة متطوع ومتطوعة جدد لفرزهم لمستشفى "الهمشري" وغيره من المؤسسات الطبية. علما ان المكتب الذي ينتسب المتطوعون اليه، عمل على تأمين منح دراسية بقيمة مئة بالمئة واخرى جزئية من خلال مؤسسات ورجال اعمال، بالإضافة إلى تأمين الزي المدرسي وثياب التمريض.
رسالة تطوعية
وتكتسب خطوة التطوع أهمية خاصة في ظل الازمة المعيشية وتفشي جائحة "كورونا" وارتفاع كلفة العلاج والازمة الاقتصادية والمعيشية، حيث دفعت بالمئات من القطاع الصحي وخاصة التمريض الى الهجرة بحثا عن فرصة عمل جديدة في الخارج مع فقدان الرواتب قدرتها الشرائية والغلاء ارتباطا بالدولار الاميركي في السوق السوداء.
وتقول الفلسطينية مي شقير المتطوعة من مخيم عين الحلوة انها تشعر بسعادة مضاعفة لخدمتها في اقسام الطوارىء والباطني في المستشفى منذ سنة ونصف السنة، وتضيف لـ"النشرة"، ان الاوضاع الصعبة تحملنا مسؤولية مضاعفة، ومهمتنا رسالة انسانية اولا وأخيرا تتجاوز الحسابات المعيشية وتهدف الى تقديم المساعدة وبلسمة جراح المرضى، وعزيمتنا قوية رغم كل المخاطر والضائقة الحياتية.
بينما يقول المتطوع عبد الله عبد الكريم، ان التطوع عمل انساني راق، دوامي ثلاثة ايام في المستشفى وثلاثة ايام في الحملات الميدانية خارجها، واشعر بسعادة كبيرة حين يرفع المرضى الدعاء لنا بالتوفيق والنجاة، شعبنا الفلسطيني يحتاج الى كل دعم مهما كان وحتى حملات التوعية والارشاد في ظل تفشي كورونا".
ويعتبر "الهمشري" اكبر وأهم مستشفى فلسطيني في لبنان، وهو يحظى برعاية خاصة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" وسفير فلسطين في لبنان اشرف دبور، الذي يحرص على تفقده بشكل دائم للإطلاع على احتياجاتها وأعمال الترميم والصيانة والتجهيزات الجارية فيه، حيث شهد نقلة نوعية مع تسلم رئاسته الدكتور رياض ابو العينين وهو اول من تولى مهام التصدّي لجائحة كورونا واجراء الفحوصات وافتتح قسما خاصا للمصابين، ويجري العمل على افتتاح قسم القلب، وهو متعاقد مع "الاونروا" والضمان الصحي الفلسطيني.
نداء الاونروا
وتؤكد اوساط فلسطينية، ان خطوة التطوع هامة وتتجاوز رمزيتها لجهة الاعداد الحالية والمتوقعة لاحقا، لتلامس معاناة اللاجئين الصحية في المخيمات الى جانب مستشفى الهمشري، في وقت تئن فيه وكالة الأونروا من عجز مالي يهدد استمرارها بتقديم خدماتها الصحية الحالية وليس زيادتها كا يطالب اللاجئون والقوى السياسية والشعبية، ما دفعها الى اطلاق "نداء خاص" منذ ايام لدعم لاجئي فلسطين في لبنان ولاجئي فلسطين من سوريا في لبنان المتضررين جراء الأزمات الاجتماعية والاقتصادية العميقة وأزمة جائحة كوفيد-19 والنداء هو جزء من الميزانية الإجمالية البالغة 1.6 مليار دولار أميركي للعام 2022 والتي تحتاجها الوكالة لتقديم خدماتها الحيوية بما في ذلك التعليم والصحة والمساعدات الغذائية.