على الرغم من كل الأحاديث عن إحتمال تأجيل الانتخابات النيابية، طوال الفترة الماضية، كان "الثنائي الشيعي" أول من بادر إلى بدء التحضير لهذا الاستحقاق، سواء كان هذا الأمر على المستوى الداخلي أو على مستوى العلاقة مع الحلفاء، بالرغم من بعض الإختلاف في الرؤية على المستوى العام، نظراً إلى أن "حزب الله" لا يزال يركز على تأمين الفوز بالأكثرية النيابية، بالتحالف مع "التيار الوطني الحر"، بينما التوتر في العلاقة بين الأخير و"حركة أمل" لا يحتاج إلى الكثير من الشرح.
كسروان-جبيل المعركة الأساسية
من حيث المبدأ، معركة الثنائي الأساسية تكمن في كيفية ضمان الفوز في جميع المقاعد الشيعية، مع العلم أنه في الدورة الماضية كان قد خسر مقعدا واحدا هو المقعد الشيعي في دائرة كسروان جبيل، الذي ذهب إلى المرشح على لائحة النائب فريد هيكل الخازن مصطفى الحسيني، بسبب عدم القدرة على التوافق بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" حوله.
في هذا السياق، يبدو أن المعركة الكبرى التي يخوضها الثنائي هي حول هذا المقعد أيضاً، نظراً إلى أنه الوحيد من بين المقاعد الشيعية الذي لا يضمن الفوز به وحيداً، بسبب عدم قدرته على تأمين الحاصل الانتخابي له، الأمر الذي يفتح الباب أمام مروحة من السيناريوهات، أبرزها أن يتم التحالف مع "التيار الوطني الحر"، لكن بشرط التخلي عن ترشيح شخصية حزبيّة، أيّ أن يتم الذهاب إلى خيار تبنّي شخصية مقبولة من الشارع الجبيلي، لا سيّما أن المعركة في هذه الدائرة ستكون سياسية بالدرجة الأولى.
هذا التحالف، في حال تم التوافق عليه، من الممكن أن يقود إلى تأمين فوز اللائحة بـ3 حواصل إنتخابية، أي لمقعدين ماروني وشيعي في جبيل وآخر ماروني في كسروان، وهو قد يساعد على التفاهم بين الجانبين في دوائر أخرى، أبرزها بعلبك الهرمل.
بعلبك الهرمل وبعبدا ومعضلة دعم الحلفاء
في الصورة العامة، من المفترض أن تكون المقاعد الشيعية في الدائرتين (6 في بعلبك الهرمل و2 في بعبدا) مضمونة، إلا أنه قد يكون لـ"حزب الله" فيهما حسابات أخرى.
في هذا الإطار، يجري الحديث في بعض الأوساط عن أن الحزب في بعلبك الهرمل قد يعمد إلى خوض معركة سحب المقعد الماروني من حزب "القوات اللبنانية"، الأمر الذي يهدّد أحد المقاعد الأخرى في لائحته، نظراً إلى أنّ "القوات" تستطيع الفوز بمقعد نيابي في هذه الدائرة، وبالتالي المعركة تتطلب رفد المرشّح الماروني بعددٍ كبير من الأصوات التفضيليّة، وهو ما قد يهدّد المقعد السنّي الذي يفوز فيه الثنائي، أو أحد المقاعد الشيعيّة الستّة.
بالنسبة إلى دائرة بعبدا، يستطيع تحالف الثنائي الشيعي مع "التيار الوطني الحرّ" أن يضمن الفوز بالمقعدين الشيعيّين وأحد المقاعد المارونية، مع العلم أنه في العام 2018 فازت اللائحة بمقعدين مارونيين بسبب حصولها على الكسر الأكبر، وبالتالي في حال قرر الحزب أن يدعم التيار لضمان الفوز بالمقعدين المارونيين فهو قد يهدد أحد المقعدين الشيعيين.
مرجعيون حاصبيا وباقي الطوائف
في الدورة الماضية، عمد تحالف "حزب الله" و"حركة أمل" بالتركيز على رفع الحاصل الانتخابي، من خلال رفع نسبة الاقتراعلدى الطائفة الشيعية، لكن على الرغم من ذلك كان هناك فرصة كبيرة لحصول خرق في المقعد الأرثوذكسي الذي فاز به النائب أسعد حردان، لكن في الدورة الحالية الظروف قد تكون مختلفة، بسبب وجود عدد كبير من المسجّلين في الإغتراب (21911 مقابل 8232 في العام 2018)، بالإضافة إلى وجود نقمة في الشارع الشيعي قد تؤدّي إلى تراجع نسبة التصويت.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ عاملين أساسيين ينبغي أخذهما بعين الاعتبار: الأول هو غياب المرشح الدرزي القوّي (في حال قرر النائب أنور الخليل عدم المشاركة في هذا الاستحقاق)، أما الثاني فهو إمكانية ذهاب الأصوات السنّية إلى لائحة تضم قوى المعارضة الشيعيّة، خصوصاً الحزب "الشيوعي"، نظراً إلى أن تبنّي "المستقبل" المرشح عماد الخطيب، في الدورة الماضية، حال دون حصول هذا التحالف.
هذا الواقع لا يقود إلى تهديد المقاعد الشيعيّة، لكن من حيث المبدأ يفتح الباب أمام الاحتماللخرق واحد في 3 مقاعد: السني، الدرزي، الأرثوذكسي، من الممكن معالجته عبر الذهاب إلى التحالف مع "التيار الوطني الحر"، الذي من المفترض أن يكون له مرشحاً عن هذا المقعد ضمن إحدى اللوائح.