على ضوء التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها البلاد في العامين الماضيين، كان من الممكن الرهان على أن تنجح قوى "​الثورة​" في احداث خرق كبير في ​الانتخابات النيابية​ المقبلة، المقرّرة في الخامس عشر من أيار المقبل، لكن على أرض الواقع لا يبدو أنها بعيدة عن حالة الإرباك التي تمر بها مختلف القوى السياسية، لا سيما على مستوى التحالفات، مع وجود خلافات إستراتيجية فيما بينها تمنعها من تشكيل لوائح موحدة في العديد من الأقضية.

في الوقت الراهن، البحث في الدوائر، التي من الممكن أن تنجح فيها القوى والشخصيات التي تحسب نفسها على أساس أنها "ثورة"، يقود إلى سجال كبير حول مفهومي: القوى المعارضة والقوى التغييرية، فالأولى لا تمانع التحالف مع أحزاب وشخصيات قررت الخروج من السلطة منذ بداية الأزمة، النائب ​أسامة سعد​ وحزب "الكتائب" على سبيل المثال، بينما الثانية ترفض ذلك بشكل مطلق، الأمر الذي من الممكن أن يقود إلى وجود أكثر من لائحة تدّعي تمثيل "الثورة" في بعض الدوائر، ما قد يؤثر على حظوظ الجانبين معاً.

في هذا السياق، قد يكون رهان معظم تلك القوى على أصوات المغتربين، على قاعدة وجود أعداد كبيرة اضطرّت إلى الهجرة، في العامين الماضيين، من المفترض أن تذهب أصواتها إلى أيّ لائحة تمثل "الثورة"، وهي تملك تأثيراً كبيراً في بعض الدوائر، لا سيما بيروت الأولى، حيث تشكّل أصوات المغتربين ما يقارب الحاصلين، لكن ما ينبغي التوقف عنده هو أن القوى والشخصيّات الحزبيّة لديها حصّتها في هذه الأصوات.

بالإضافة إلى هذا المعطى، هناك رهان آخر على الواقع في الدوائر التي يملك فيها الصوت السنّي تأثيراً كبيراً، لا سيما بعد قرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري العزوف عن الترشّح، لكن هذا الأمر يصطدم بعقبة أساسيّة، تتمثل بأنّ "المستقبل" قد يكون حاضراً من تحت الطاولة، كما هو الحال في دائرة عكّار على سبيل المثال، حيث من المفترض أن يكون هناك لائحة تضمّ عدداً من أعضاء الكتلة الحاليين.

رهان القوى التغييرية...

تراهن القوى التغييرية على إمكانية الخرق في عدد من ​الدوائر الانتخابية​، لكن الأمر يحتاج إلى المزيد من التدقيق بعد ظهور اللوائح والتحالفات، نظراً إلى أن هذا الأمر يُحتمل أن يتبدل بشكل جذري بعد ذلك، لكن من حيث المبدأ فانّ المنافسة القوية ستكون في: بعبدا (مقعد واحد)، الشوف وعاليه (مقعد واحد)، بيروت الأولى (مقعد أو مقعدين)، بعلبك الهرمل (مقعد واحد)، النبطية-بنت جبيل-مرجعيون-حاصبيا (مقعد واحد)، زحلة (مقعد واحد)، البقاع الغربي وراشيا (مقعد واحد)، صيدا-جزين (مقعد واحد)، بيروت الثانية (مقعد أو مقعدين)، الكورة-البترون-بشري-زغرتا (مقعد واحد)، كسروان جبيل (مقعد واحد أو مقعدين)، عكار (مقعد واحد)، طرابلس-المنية-الضنية (مقعد واحد)، بعبدا (مقعد واحد).

في هذا الإطار، ينبغي التنبه إلى نقطة جوهرية تتمثل أن الرهان، في العديد من الدوائر المذكورة أعلاه، يكمن في إمكانية إحداث خرق في المزاج السنّي، الأمر الذي من الممكن أن يضعفه بشكل كبير دخول تيار "المستقبل" على الخط، لا سيما من خلال النواب الحاليين أو الشخصيات المقرّبة منه، نظراً إلى أن هذا الأمر يؤثّر على الطموحات في: عكار، طرابلس-المنية-الضنّية، بيروت الثانية، بعلبك الهرمل، زحلة، النبطية-بنت جبيل-مرجعيون-حاصبيا، البقاع الغربي وراشيا، صيدا-جزين.

رهان المعارضة

قبل الانتقال إلى الحديث عن المقاعد التي تراهن عليها قوى المعارضة، من الضروري الإشارة إلى أمرين: الأول هو أن تحالف الشخصيات المستقلة مع قوى أو شخصيات سياسية معروفة قد لا يصب في صالحها، نظراً إلى أنه قد يساعد اللائحة في تأمين الحاصل لا أكثر، بينما يذهب المقعد إلى الوجوه الحاضرة في البرلمان الحالي، أما الثاني فهو أن مثل هذه اللوائح قد لا تنجح في إستمالة الناخبين الذين كانوا يصوتون للوائح الأحزاب في الدورات الماضية، على قاعدة أنها تضم حزبيين أيضاً.

بالنسبة إلى المقاعد التي لديها القدرة عليها يمكن الحديث عن: المتن (مقعدان ل​حزب الكتائب​)، كسروان وجبيل (مقعدان بالحد الأقصى على ضوء التحالفات التي سيبرمها نعمة افرام)، الكورة-زغرتا-البترون-بشري (مقعد مضمون لميشال معوض وآخر من الممكن المنافسة عليه)، صيدا-جزين (مقعد واحد يعود إلى أسامة سعد)، بيروت الثانية (مقعدان لفؤاد مخزومي)، بيروت الأولى (مقعد أو مقعدين على ضوء اللوائح، نظراً إلى وجود لائحة موحدة من الممكن أن يقود إلى الفوز في 3 مقاعد)، بعبدا (مقعد واحد)، الشوف وعاليه (مقعد واحد).

المنافسة المُضرّة

في بعض الدوائر قد تكون هذه المنافسة مضرّة إلى حدّ بعيد، خصوصاً لناحية إنقسام الأصوات بين لائحتين أو أكثر، الأمر الذي يمنعهما من تحقيق الحاصل (بعبدا، الشوف عاليه، النبطية-بنت جبيل-مرجعيون-حاصبيا، زحلة، عكار، بعلبك الهرمل، عكار، البقاع الغربي وراشيا، طرابلس- المنية- الضنية)، أو يمنع احدها من الفوز بمقعد إضافي (المتن، كسروان-جبيل، بيروت الأولى، بيروت الثانية، صيدا-جزين، الكورة-البترون-بشري-زغرتا).