أكّد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، أنه "على عكس المرأة الكنعانية، الوثنية، التي آمنت بالمسيح رغم ما أظهره من قسوة تجاهها، نجد اليوم أناسًا، يدّعون أنهم مسيحيون مؤمنون، وينتقدون الكنيسة ورجالها، مدفوعين من مصالحهم الشخصية، أو من زعمائهم وأحزابهم، الذين ينزعجون من كلمة الحق التي تقولها الكنيسة، غير محابية وجه أحد. لقد أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي كالمزبلة، يرمي فيها كل من ظن نفسه قاضيًا عادلًا، نفايات أفكاره. فمنهم من يطلق الإشاعات، ومنهم من يستبيح الكرامات، وآخرون يشتمون ويهينون ويحاكمون النيات، وينصبون أنفسهم ديانين لإخوتهم، أو يتطاولون على الكنيسة، ويطوعون الإنجيل حسب أهوائهم عوض أن يطيعوه، لكن الكنيسة أمّ وهي تسامح أبناءها المسيئين إليها مهما فعلوا".
وشدّد في عظة الأحد من كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت، أن "على الناس ألا تنقاد وراء كل من يسخره الشيطان في ضفر أكاليل الشوك التي يحاول إلباسها للكنيسة ولإخوته. آلام المسيح وأشواكه تحولت فرحا قياميا وربيعا مزهرا، أما من جعل نفسه ألعوبة في يد الشرير، فسوف يرميه الشيطان ويتخلى عنه في منتصف الطريق، بحثا عن غيره ليوقعه في شباكه"، مشيرًا إلى أنّ "الله في وسط كنيسته فلن تتزعزع، مهما حاول البعض رمي تقصيرهم عليها، متهمينها باللامبالاة بشؤون الناس وآلامهم، ومهما حاولوا استغلال آلام مناصريهم ومآسيهم في سبيل النيل من سمعتها. الكنيسة تعترف بأخطائها عندما تخطئ، لأن العاملين فيها من البشر، لكنها من جهة أخرى، لا تطبل وتزمر عندما تعمل لخير الإنسان. الكنيسة تعمل عكس رجال السياسة والزعماء وذوي المصالح، ولا تستغل أولاد الناس ومآسيهم لتشهر بأحد، بل تبلسم الجراح بدل نكئها".
ولفت عوده، إلى أنّ "إنجيل اليوم يدعونا، عبر المرأة الكنعانية، أن نحتمل القسوة والآلام، وألا ننقاد إلى اليأس الموصل إلى نكران المسيح، مثلما فعل يهوذا الإسخريوطي. هذا هو موقف الكنيسة أمام كل موجات الشر الهادرة ضدها، وهذا الموقف الذي تشجع الكنيسة أبناءها على اعتماده أمام كل عاصفة شيطانية"، موضحًا أنّ "المسيح ظهر صامتًا أو غير آبه بصراخ المرأة الكنعانية لأنه في الحقيقة كان ناظرًا قلبها وإيمانها، وأراد أن يزكي اتضاعها وحرارة طلبتها أمام الجميع ليتعلموا. إن الله وحده "فاحص القلوب والكلى"، "ويعلم خفايا القلب" وهو وحده يعرف نية المرشحين وإرادتهم الحسنة".
وأشار إلى أنّ "أننا نمرّ الآن في فترة صعبة تسبق الإنتخابات، وكل فئة أو حزب سيجند كل الوسائل من أجل محاربة الآخرين، وتشويه سمعتهم والنيل من كراماتهم والتشكيك بصدقهم، بالإضافة إلى مدح النفس والاستعلاء"، موضحاً أن "على الشعب أن لا يتأثر بالدعايات الإنتخابية وبالتجريح المتبادل، بل عليه النظر في برنامج المرشحين وخبرتهم وماضيهم الناصع، وإنجازاتهم ونزاهتهم وتواضعهم وعدم تبجحهم، كما عليه إعمال حسه النقدي، وسماع صوت ضميره وحسب، من أجل اختيار أفضل الممثلين له، بإرادة حرّة وقناعة أنهم سيقودون البلد إلى الخلاص".