تشكل آمنة عطا ونجاة الميعاري علامة فارقة في "اللجان الشعبية الفلسطينية" التابعة لفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في مخيم عين الحلوة، قبل سنوات قليلة لم تكن المرأة ممثلة في "اللجان" رغم انخراطها منذ عقود في النضال الوطني الى جانب الرجل، وقد لعبت دورا بارزا في الاتحادات النسائية والمكاتب الحركية التنظيمية، الى ان استطاعت الدخول اليها والعمل على تطوير مشاركتها في المعترك السياسي، حيث وصل عددهنّ الى نحو 47 عضوة، يتوزّعن على مختلف اللجان في مخيمات لبنان.
وتقول آمنة عطا "أم محمد" لـ"النشرة، انها دخلت الى "اللجنة الشعبية" في عين الحلوة منذ خمس سنوات كممثلة عن المكتب النسائي لحركة "فتح" وما زالت، وقد اكتسبت خبرة طويلة خلال هذه الفترة نتيجة الاحداث التي مرّت في المخيم، وكانت تستدعي لعب دور بارز سواء في معالجة المشاكل وفض النزاعات والخلافات المتنوعة، او متابعة الملفات الساخنة التربوية والصحية، وآخرها مواكبة فرق وحدة "كورونا" في مستشفى "الهمشري" بجولاته الميدانية لاجراء الفحوصات ومعاينة المرضى والقيام بحملة توعية.
وتؤكد "لم تتعارض مهمتي الوطنية في اللجنة مع مهامي العائلية في البيت، بل وجدت كل تشجيع من أسرتي المؤلفة من زوجي وأربعة اولاد، فخدمة الشعب الفلسطيني في ظل الازمات الخانقة والفقر المدقع شرف كبير، واشعر بسعادة غامرة حين انجح في مد يد العون او تقديم مساعدة أو معالجة مشكلة سواء كانت عائلية او عامة".
وتوضح "لم تشعر بأي تمييز في الانضمام الى اللجنة ومشاركة اعضائها في الاجتماعات واللقاءات او الجولات الميدانية او القيام بحملات توعية وتوجيه، وبإعتقادي ان هذه المشاركة ليست فرصة لإثبات الجدارة فقط، وانما للعمل على تغيير النمط السائد في داخل المخيمات من ناحية النظرة العامة إلى المرأة، ومحدوديتها الى التكامل طالما أنّ المرأة انخرطت في النضال بكل اشكاله وهناك اسماء كثيرة لنساء قدّمن حياتهنّ وتضحيات جسام في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة وفي المقدمة منها حق العودة ورفض التوطين".
في العام 2007 وخلال إحصاء أجرته جمعية المساعدات النرويجية الشعبية، واتحاد المرأة الفلسطينية، وجمعية النجدة، وبيت أطفال الصمود، تبين أن عدد النساء الممثلات في اللجنة الشعبية هن سبعة ويقتصر دورهنّ على العمل الإداري، ولسن مستلمات مفاصل عمل، كالتربية، والصحة، والثقافة، وغيرها، فجرى تدريبهنّ ليستلّمن بعض المهام في اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية كافة، الى ان وصل عددهنّ حاليا إلى 47 امرأة.
وتقول عطا نحن اعضاء في اللجنة ونشارك في كل المهام وخاصة فض النزاعات والخلافات والتربية والصحة والعلاقات العامة، ونلقى التشجيع من أمناء سر اللجان في المخيم ومنطقة صيدا، ونعد حاليا الى خطوة متقدمة من خلال تشكيل لجنة نسائية في "القوة المشتركة الفلسطينية"، قبل ان تضيف "أكيد لن نحمل السلاح ونشارك في الاعمال الامنيّة كالرجال، ولكننا سنكون الى جانب عناصر "القوّة" في المهام الاداريّة والميدانيّة لجهة فضّ نزاعات تستدعي التدخل لاجراء مصالحة او قطع طريق على التوتير او الفتنة بهدف حماية المخيم وحفظ أمنه واستقراره، وقد بات لنا باعا كبيرا في هذه المهمة الشاقة".
وتشكل "اللجنة الشعبية" في المخيم الاطار الذي ينظم حياة الناس الاجتماعية والمعيشية وتسعى الى تأمين احتياجاتها ومعالجة مشاكلها، ويشارك فيها مندوب عن فصائل المنظمة (عشرة فصائل)، اضافة الى مسؤولي القواطع (القاطع عبارة عن اربعة احياء ويزيد او يقل حسب كبره)، اضافة الى التمثيل المؤسساتي مثل اتحاد المرأة الفلسطينية والمكتب النسائي لحركة فتح والهلال الاحمر الفلسطيني، ولكن الخلافات السياسية جعلتها تنقسم الى لجنتين، الاولى تابعة لفصائل المنظمة والثانية تابعة لـ"تحالف القوى الفلسطيني" والقوى الاسلامية وانصار الله"، والتي يقتصر تمثيلها حتى الان على الرجال فقط.
وتقول الميعاري "أم أحمد" لـ"النشرة" دورنا متكامل في اللجنة، ونولي الملفات الاجتماعية والانسانية والنسائية والتربوية والصحية اهتماما خاصا، ففي ظل الازمة المعيشية الخانقة وارتفاع نسبة البطالة نجري كشوفات واحصائيات بالحالات المحتاجة ونقدم لها المساعدات وفق الامكانيات، او نعطيها لمن يطلب من الجمعيات أو المؤسسات ونواكب عملية التوزيع"، مشيرة الى "اننا في خضم تفشّي جائحة "كورونا" قمنا بجولة على مدارس "الاونروا" ونظمنا حملة توعية للطلاب من اجل الالتزام بارتداء الكمامات والاجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي قدر المستطاع، كي نحمي أنفسنا ومجتمعنا من الانتشار الخطير".
وتؤكد "انها لا تواجه اية مشاكل في التوفيق بين العمل في اللجنة ومهام المنزل، وتلقى دعما وتشجيعا من زوجها الذي يقدّر معها أهميّة خدمة الناس في ظلّ الظروف الصعبة، وتقول "لقد أتاحت لي هذه التجربة الاطلاع على أوضاع الناس ومعرفة حقيقة اوضاعهم الاقتصادية والصحية، وأعمل على خدمتهم قدر المستطاع، المعاناة كبيرة والامكانيات قليلة".
وتكريما لدور المرأة الوطني، أُطلق على مخيّم عين الحلوة كإسم جديد غير رسمي "مملكة المرأة"، خلال تصدّيها لاسرائيل خلال اجتياح لبنان العام 1982، حين اعتقل الرجال وزجّ بهم في المعتقلات الاسرائيلية وخاصة في انصار، اعادت بناء المنازل التي دمّرت بجهود جبّارة، وفق ما يقول أمين سر اللجنة الشعبية الاسبق (مسؤول "جبهة التحرير العربية" في منطقة صيدا) محمود أبو سويد لـ"النشرة" قبل ان يضيف "لم نميّز يوما في المعاملة ولم نشعر بأي عنصريّة، فالمرأة الفلسطينية مناضلة وتتقاسم مع الرجال لقمة العيش والاهتمام بالعائلة ومهام الكفاح بكل اشكالها ونفتخر بها، لذلك انخراطها في اللجان الشعبية أمر طبيعي في مسيرة نضال طويلة".