أيّها القدّيس مارون المُلهَم والمُلهِم، أَلهِم أبنائكَ، روح الشجاعة لقول الحقيقة والحقّ، والعيش من أجل “قضايا” الإنسانيّة والوطن، بكلّ فخر واعتزاز. أعطهم القوّة والقدرة، على بناء إنسان هذه الأرض، على أسسٍ ثابتةٍ ومتينة، مستمدّة من تعاليم الإنجيل المقدّس. فكما كنتَ أنتَ، فليكونوا هم سائرين على خطاكَ، محافظين على وديعة الإيمان وصورتكَ المقدّسة، رافضين الانقسامات والانشقاقات والتباعد، لا بل مزوّدين بروح الحبّ والإيمان والرجاء، ممتلئين حكمةً وصبرًا وقوّةً، لكي يستحقّوا أن يتَكَنّوا باسمكَ، ويحافظوا على قداستكَ، واسمكَ المقدّس والطاهر، فيقتدون بكَ، غير خائفين، بل متسلحين بقوّة الإيمان والفضائل، والوداعة والتواضع، والامّحاء والخدمة والبساطة.
يُطلب اليوم من الذين اتخذوه شفيعًا لكنيستهم، أي الموارنة، التوقّف عن التشرذم الجارح، والخلافات العقيمة، والتباعد القاتل، والنفور المشكّك، والتقوقع الأنانيّ، والكيديّة الرخيصة والحقد الفتّاك وغيرها، “فقد أخبرني عنكم […] أنّ بينكم مخاصمات”(1 قور 1: 11)، “أزيلوا من بينكم كلّ شراسةٍ وسخطٍ وغضبٍ وصخبٍ وكلّ ما كان سوءًا(أفسس 4: 31(.
أين نحن اليوم من القادة المدنيّين والرُّوحيّين، لا سيّما من أبناء مارون؟ هل تكَنَّوا باسم قدّيسهم فقط؟ أَم أنّهم تناسوا أو ابتعدوا عن روحانيّته وصِفات وقداسة مارون البارّ؟ هل هؤلاء القادة أو ما يسمّى “بالزُّعماء” يملكون الآفاق وموهبة الإلهام، والصِّدق والوعيّ، والتَّعاطف والأُخوَّة، كما المحبّة والتَّواضع، والقُدرة على تخطّي العوائق، من خلال المُسامحة والتَّعاون والتَّعاضد والرِّعاية والتَّآخي؟ هل يؤدّون “خدمتهم” بالتَّفاني والإجتهاد، هل هم مُمتلؤون بالإيمان والرَّأفة؟ أَم بالمجد الباطل وحبّ الذَّات والظُّهور، والتسلُّط، ومُمارسة الفساد والغشّ، والضّغينة والكيديّة، وعيش الأحقاد؟ نعم، تتَّسم القيادة بالفقر الرُّوحيّ لا بروح التملّك والسَّعي وراء النَّزوات والتَّأبُط بروح الأنانيّة والكبرياء والهيمنة والعجرفة.
لنَنهض بمجتمعنا من النَّاحية التَّربويّة والتَّعليميّة والأخلاقيّة، من أجل قيادة المجتمع نحو الأفضل، أيّ الطَّريق الصَّحيح، للحَدّ من الفراغ الرُّوحيّ والضَّياع والتَّشرذم، والفساد والتَّسلّط والإستئثار بالسُّلطة. أَليس عالمنا اليوم( لا سيّما بلادنا)، أَحوَج إليه من أيّ وقتٍ مضى، إلى الصَّلاة والزُّهد والانبعاث والإلهام. فالتجرُّد طريقٌ نحو الحريّة الرُّوحيّة، إلى اكتشاف الذَّات الضَّائعة، إلى انقاذ عالم الغد من كلّ أنواع الشُّرور والأخطاء، والابتعاد عن الخوف والضَّجر والكآبة والاكتئاب، والأمراض النَّفسيّة، وتردّي الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة.