منذ إعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن إقرار الموازنة العامة في مجلس الوزراء، انطلقت معظم الكتل النيابية إلى توجيه الإنتقادات لها، لا سيما تلك المشاركة في الحكومة بالرغم من أن ممثليها كانوا حاضرين في جلسات مناقشتها، الأمر الذي فتح الباب أمام مجموعة من السيناريوهات التي قد تواجهها عند إنتقالها إلى المجلس النيابي.
على هذا الصعيد، كان من اللافت حجم الإعتراض الذي عبر عنه "حزب الله" و"حركة أمل" حيال ما حصل في جلسة مجلس الوزراء، الأمر الذي يوحي بأن الجانبين ذاهبان إلى مناقشات حامية في المجلس النيابي، بهدف إدخال المزيد من التعديلات عليها، بعد أن وصفا طريقة إقرارها في الحكومة بـ"الفوضى".
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ طريقة تعامل القوى السياسية مع مشروع موازنة العام 2022 لا تختلف عن كيفية تعاملها مع كل الموازنات التي أقرت في الماضي، حيث كانت تعمد إلى التصويب عليها في الاعلام بالرغم من أنها تشارك في إقرارها في مجلس الوزراء، وتلفت إلى أن هذا الأمر يتكرر أيضاً في جلسات المجلس النيابي، لا سيما أن تلك الجلسات تكون منقولة مباشرة على الهواء.
بالنسبة إلى هذه المصادر، فإن مياه المجلس النيابي هي التي من المفترض أن تكذب الغطاسين من القوى السياسية، خصوصاً أن المجلس يستطيع إدخال الكثير من التعديلات على المشروع المُرسل من الحكومة، في حال كانت هذه القوى فعلاً ترفض ما تضمّنته الموازنة من إجراءات، وبالتالي معالجة الأخطاء التي تعارضها، إلا إذا كان ما تقوم به في الوقت الراهن ليس إلا عبارة عن مسرحيّة هدفها الكسب الشعبي لا أكثر.
من وجهة نظر المصادر نفسها، كان من الواضح، منذ البداية، أن القوى المشاركة في الحكومة لا تملك القدرة على تعطيل الموازنة في مجلس الوزراء، لا سيما أنها ترتبط، بشكل أو بآخر، بالمفاوضات القائمة مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي إقرارها كان أمراً مفروغاً منه رغم كل الإعتراضات التي كانت تعبر عنها، أو محاولاتها الحديث عن أن ممثليها نجحوا في الحد من تداعياتها السلبية.
في هذا الإطار، لا تستبعد المصادر السياسية المتابعة أن يصار إلى التعامل مع الموازنة العامة بطريقة "خبيثة" في المجلس النيابي، بحيث يتم العمل على تأجيل البت بها إلى ما بعد الانتخابات النيابية، خصوصاً أن معظم القوى السياسية قد لا يكون من مصلحتها الذهاب إلى إقرار موازنة من هذا النوع قبل الاستحقاق الانتخابي، خوفاً من التداعيات التي قد تترتب على ذلك في صناديق الإقتراع.
وترى المصادر نفسها أن هذا الأمر من الممكن أن يتم من خلال تطويل المناقشات التي من المفترض أن تحصل في اللجان النيابية، لا سيما أن مجموعة واسعة من النواب، خصوصاً من الراغبين في إعادة الترشح للإنتخابات من جديد، ستكون حاضرة من أجل المزايدة الشعبية على ما تضمنته الموازنة، بينما إسقاطها في الهيئة العامة قد لا يكون أمراً سهلاً، بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك.
في المحصّلة، لدى هذه المصادر قناعة بأن القوى السياسية لن تكون في وارد الذهاب إلى إقرار هذه الموازنة في المجلس النيابي، ليس بسبب عدم قناعتها بما تضمنته من إجراءات كانت شريكة في مناقشتها وإقرارها في مجلس الوزراء، بل لخوفها من التداعيات الشعبية التي قد تترتب عنها، بينما هي في أمس الحاجة إلى محاولة تلميع صورتها أمام الناخبين.