لم يمرّ بيان وزارة الخارجية اللبنانية، تعليقًا على الأزمة الرّوسيّة- الأوكرانيّة مرور الكرام، فأكّدت معلومات صحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "البيان أحدث انقسامًا داخليًّا حادًّا حوله،تفاعَل إلى حدّ الانفعال الشّديد جدًّا بين الجدران السياسيّة الحكوميّة والرّئاسيّة، وإثارة أسئلة اتهاميّة من قبل مراجع مسؤولة، حيال من أوحى بهذا الموقف غير المألوف والغاية منه، وكذلك حيال التفرّد في خطوات ومواقف خطيرة، تتجاوز البيان الوزاري للحكومة، وتقفز فوق المكونات السياسية والاساسية في البلد، وتأخذ لبنان الى غير موقعه وتحمّله مواقف اكبر من قدرته على تحمّل نتائجها وانعكاساتها وردود الفعل عليها لا بل عواقبها، في الوقت الذي هو في حاجة ماسّة الى كلّ دول العالم لمساعدته في أزمته الصعبة".
وذكرت أنّه "نُقل عن مصادر في "التيار الوطني الحر"، قولها إنّ قيادته قامت بما يلزم لإبلاغ الجانب الروسي بأن لا علاقة له بالبيان الصادر عن وزارة الخارجيّة بشأن الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، كما أنّ "التيّار" يلتزم سياسة النأي بالنفس التي يطبّقها مع دول الجوار كما مع الدول البعيدة". ولفتت المصادر إلى أنّ "التيّار يؤيّد حلّ الأزمات بطرق سلميّة، آملاً أن تجد الأزمة الروسيّة الأوكرانيّة حلّاً عن طريق التفاوض".
هل تُلغى زيارة لودريان إلى بيروت؟
أشارت مصادر دبلوماسيّة من باريس، لـ"الجمهوريّة"، إلى أنّ "لا جديد واضحًا حول زيارة وزير الخارجيّة الفرنسيّة جان إيف لودريان إلى بيروت، فهي في الأصل محدّدة، وتندرج في سياق الرّغبة الفرنسيّة الدّائمة للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، والتأكيد على اولوية إجراء الاصلاحات الضرورية التي تساهم في معالجة الازمة اللبنانية الصعبة، وكذلك التشديد على الحفاظ على استقرار لبنان وصولاً الى إجراء الانتخابات النيابية في اجواء ديموقراطية سليمة وهادئة بعيداً عن ايّ ضغوطات او مؤثرات".
وعما اذا كانت الاحداث في روسيا ستعدل برنامج لودريان، أكّدت ان "تطور الاحداث في اوكرانيا، مع الحرب التي تشنها موسكو على كييف، فرضَ بالتأكيد قواعد اولويات ومقاربات جديدة. ولكن حتى الآن، ليس في الامكان تأكيد او نفي زيارة لودريان الى بيروت".
"مستقبليون": لدعم السنيورة!
أوضحت مصادر في تيار "المستقبل"، لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لم يقل إنّ أحداً لا يمكنه أن يترشح الى الانتخابات النيابية، بل أوعز بعدم الترشح باسم التيار، وبالتالي، إنّ موقف رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة لا يتعارض مع موقف الحريري". أمّا لجهة إمكانية إقبال جمهور "المستقبل" على الإقتراع للسنيورة في حال أقدم على الترشُح، فرأت المصادر أنّ "هذا الأمر يحتاج الى رضى أو مباركة علنية من الحريري".
وركّزت على "أنّها لا توافق على نظرية أنّ السنيورة يريد أن يرث الحريري في زعامة السنّة"، معتبرةً أنّ "السنيورة قد يكون من الأكثر صدقاً مع الحريري والذين يريدون حماية ظهره"، مشيرةً الى أنّ "اقتناع السنيورة، مع احترامه لقرار الحريري، هو أنّ الفراغ غير مقبول ويؤدي الى ترك الساحة لأشخاص لا يستأهلون تمثيل هذه الساحة، وبالتالي إنّ خيار السنيورة لحماية ظهر الحريري أثناء غيابه أكثر ممّا هو العكس، فضلاً عن أنّ عمر السنيورة وتجربته لا يسمحان بمغامرات مثل هذه".
الغزو الروسي لأوكرانيا يعمّق جراح لبنان
شدّد مصدر نيابي مقرّب من القوى السياسية الداعية إلى فك ارتباط الحل في لبنان بالمتغيّرات المرتقبة على المستويين الإقليمي والدولي، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، على أن "من راهن على حصول متغيّرات في المنطقة لتحسين شروطه في التسوية الداخلية، سرعان ما اكتشف مع بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، بأن رهانه لم يكن في محله". وأكد أن "الفريق الذي كان يعتقد بأن المتغيّرات في المنطقة ستأتي لمصلحته، بدأ يكتشف أن حساباته خاطئة، وأن وضع كل أوراقه في خدمة محور الممانعة بقيادة إيران لم يكن في محله".
وركّز على أنّ "رئيس الجمهورية ميشال عون والفريق السياسي المحسوب عليه، لم يكونا مضطرين إلى هدر الوقت بتفويت الفرصة التي أُتيحت لهما للمضي في مشروع إنقاذ لبنان، بإخراجه من أزماته ووضعه على سكة التعافي المالي، خصوصاً بعد أن لقي احتضاناً دولياً فرضه الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت، ما أعاده إلى خريطة الاهتمام الدولي"، ورأى أنه "كان يتوجّب على رئيس الجمهورية السير قدماً إلى الأمام في الخطة الإنقاذية، بدلاً من أن يُقحم نفسه في اشتباكات سياسية توخّى منها إلغاء القوى السياسية التي هي على خصام مع وريثه السياسي رئيس "التيار الوطني" النائب جبران باسيل".
وبيّن أنّ "الرئيس عون أهدر الفرصة التي أُتيحت للبنان للإفادة من مؤتمر "سيدر"، الذي رعته باريس لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته، وأمعن في تماديه في تعطيل تشكيل الحكومات، ولم يُفرج عنها ما لم يحصل على ضمانات تجعل من باسيل الآمر الناهي، وألا شيء يمشي بلا موافقته"، لافتًا إلى أنّ "عون بتمرّده على المبادرة الفرنسية، كان وراء الإطاحة بها وأصبحت حبراً على ورق، رغم أن باريس تصر على التدخُّل من باب رغبتها بإثبات وجودها، لئلا يقال إن مبادرتها أصبحت من الماضي".
بوحبيب كتب وميقاتي عدّل... وشقير وافق | بيان الخارجية: الرئيس لم يكن يعلم
من جهتها، أفادت صحيفة "الأخبار"، بأنّ "الأزمة التي فجّرها بيان وزارة الخارجية، أول من أمس، بإدانة "الاجتياح" الروسي للأراضي الأوكرانية، تفاعلت أمس، ولا سيما لجهة موقف الرئيس عون الرافض لمضمون البيان". وأوضحت أنّ "الرواية التي حصلت عليها من مصادر عدة، تقاطعت عند إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على وجوب إصدار بيان حول ما يحصل في أوكرانيا. وهو تواصل لهذا الغرض مع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، الذي أبلغ رئاسة الجمهورية طلب ميقاتي. وأعدّ بوحبيب مسودة بيان "رمادية"، حملها الى بعبدا الخميس، أثناء انعقاد اجتماع وزاري لمناقشة مسألة الكهرباء في حضور ميقاتي".
وذكرت أنّ "على هامش الاجتماع، عُقدت خلوة ضمت رئيس الحكومة ووزير الخارجية ومستشار رئيس الجمهورية أنطوان شقير، عرض خلالها المسودة على ميقاتي، فأصرّ الأخير على إيراد تضمينها عبارة تدين "الاجتياح الروسي"، فيما لم يبدِ أي معارضة. عندها، أصدر بوحبيب البيان بصيغته النهائية بعد تعديلات رئيس الحكومة".
وبحسب المعلومات، فإن "شقير لم يطلع رئيس الجمهورية على الصيغة المُعدّلة، ما دفع عون إلى تأنيبه لاحقاً. وثمة من يربط بين أداء المستشار الرئاسي، ووعد تلقاه من ميقاتي بالموافقة على تعيينه سفيراً لدى الفاتيكان، ضمن التعديلات الدبلوماسية التي وعد رئيس الحكومة بوضعها على جدول أعمال الجلسة المقبلة". وأكدت مصادر مطّلعة أن "موقف ميقاتي جاء بطلب مباشر من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، وهو ما أبلغه الى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، عندما هاتفه الأخير مستنكراً مضمون البيان".
وكشفت "الأخبار" أنّ "في إطار تصويب الموقف اللبناني، أجرى باسيل اتّصالًا بالسّفير الرّوسي في لبنان ألكسندر روداكوف أمس، أبلغه فيه أنّ البيان الصادر عن الخارجية اللبنانيّة "لا يعبّر عن رأينا"، وأكّد التمسك بسياسة النأي بالنفس". وركّزت مصادر التيار أن "الاتصال ساهم في إزالة "سوء التفاهم"، وخصوصاً مع إشارة باسيل الى عدم وجود إجماع لبناني حول البيان، وتأكيد تعرّض بوحبيب لضغوط".
ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من رئيس الجمهورية، قولها إن "موقف باسيل يعكس موقف عون، وسيكون هذا الموضوع على طاولة البحث خلال زيارة مستشاره للشؤون الروسية أمل أبو زيد، موسكو الأسبوع المقبل، للقاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف". وأعلنت أن "عون لم يكن على اطلاع كامل على البيان، رغم مناقشة المسودة في بعبدا"، لافتة إلى أن "بوحبيب لا يمكن أن يصدر بياناً من دون استشارة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، والواضح أنه استشار الثاني".