لا شكّ أن حزب الله لم يكن راضياً عن قرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، فالأخير كان بالنسبة للحزب الزعيم السني المناسب لإبقاء العلاقة مستقرة بين المكون الشيعي والمكون السني، لكن بما يخص الإنتخابات فالصورة تبدو مغايرة، إذ أن التشرذم السني بحال استمر سيكون من مصلحة حزب الله نيابياً.
هناك محاولات كثيرة لرصّ صفوف الشارع السني في الانتخابات، وحركة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة تصب في هذا الإتجاه، حيث يسعى الرجل لكي يكون زعيماً يترأس لائحة نيابية، ومثل السنيورة هناك شخصيات أخرى تسعى لفعل المثل، تماماً كما تفعل قوى أخرى على الساحة السنية مثل الجماعة الإسلاميّة التي تشعر أن هذه اللحظة مناسبة لها لكي تعود بكتلة نيابية من 3 نواب الى المجلس النيابي، ومثلها جمعية المشاريع.
إن نجاح السنيورة في مسعاه يصعّب المسألة على حزب الله، فهو من أشد المعارضين للحزب، حتى عندما كان سعد الحريري موجوداً، وخطاب الرجل اليوم يعتمد على التصويب على الحزب، ولن يتغير بحال تمكن من صنع حيثيّة نيابية في الانتخابات المقبلة.
اما بحال بقاء الساحة السنية على تشرذمها الحالي فإن ذلك يمنح حزب الله القدرة على تشكيل كتلة سنّية حليفه له أكبر من تلك التي كانت قائمة تحت ما يسمى "كتلة اللقاء التشاوري"، فبحسب مصادر مطّلعة يمكن لحزب الله حصد 5 مقاعد سنّية إضافيّة، اولها في دائرة طرابلس، المنية الضنّية، التي يملك حزب الله فيها مقعدين لحلفائه حالياً، مقعد إضافي الى جانب المقعد المخصص للحزب في دائرة بعلبك الهرمل، مقعد إضافي في دائرة بيروت الثانية، واخيراً مقعد في دائرة الشوف عاليه، بالإضافة طبعاً لمقعد في صيدا بدل النائب أسامة سعد بحال قرّر الأخير المضي في ترشحه خارج لائحة الثنائي الشيعي.
تُشير المصادر إلى أن حزب الله والحلفاء سيحاولون الحصول على كتلة سنية حليفة لا تقل عن 11 أو 12 نائباً، أي أقلّ من نصف عدد النواب السنّة في المجلس النيابي بقليل، وهذا ما يعني ضمان عدم مقاطعة سنّية مستقبلاً، وضمان وجود كتلة سنّية وازنة لتغطية اختيار رئيس الحكومة المقبل وتشكيل الحكومة.
بالمقابل يسعى خصوم الحزب للحصول على كتلة سنية تصل الى حدود الـ20 نائباً، وذلك لمواجهة الحزب بحال حصل مع حلفائه على الأكثرية النيابية، ولكي يكون لهذه الكتلة الكلمة الفصل في الاستحقاقات المقبلة، من تشكيل الحكومة الى انتخاب رئيس الجمهورية.
من جهة سعد الحريري، فإنه يتمنّى بكل تأكيد وصول الحزب الى مسعاه، ليؤكد لمنتقديه أنه الرجل الأول لدى الطائفة في لبنان، وأن خروجه يعني شرذمتها، وأن أحداً غيره لن يكون بمقدوره السيطرة على الشارع السني في لبنان.
كثيرة هي الأسباب التي تجعل الانتخابات المقبلة مفصلية في رسم المسار السياسي في لبنان لسنوات مقبلة، فهل تتغير خارطة القوى السياسية داخل البرلمان الجديد؟.