لم يكد المواطن اللبناني يصدّق أنه استطاع تنفّس الصعداء مع انتهاء أزمة طوابير البنزين التي شهدتها الأشهر الماضية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة وايقاف مصرف لبنان الدعم، حتى وقعت أزمة الحرب الروسية الاوكرانية وإنعكاساتها على العالم في موضوع النفط، لتزيد "الطين بلّة" وتعيد المخاوف من جديد لارتفاع أسعار المحروقات من جهة وعودة الطوابير من جهة أخرى.
مع بدء الحرب الروسية- الاوكرانية أخذت أسعار النفط ترتفع مع تزايد المخاوف في أن تؤثر الحرب على الامدادت في العالم، وقد قفزت أسعار النفط إلى مستويات تاريخية ليلامس البرميل الـ 140 دولار مقتربة من أعلى مستوى لها على الإطلاق والذي سُجّل في أول عام 2008، وجاء هذا الارتفاع بعد أن كشفت الولايات المتحدة إنها تناقش فرض حظر على استيراد النفط من روسيا، ثاني اكبر منتج للخام في العالم، ما أثار مخاوف من حدوث ازمة قاسية في الإمدادات، اضافة الى احتمال فرض مزيد من العقوبات على موسكو وزيادة الطلب العالمي على الطاقة بعد عودة النشاط الاقتصادي للدوران.
مشهد الخوف في العالم إنعكس على لبنان بناحيتين، عودة زحمة السيارات أمام المحطات بحيث تهافت المواطنون على تعبئة البنزين خوفاً من ارتفاع الاسعار الكبير أو إنقطاع هذه المادة، أيضاً انعكس ارتفاع اسعار النفط والحرب الاوكرانية الروسية ارباكاً لدى المعنيين بقطاع المحروقات فيما يتعلق باصدار جدول الأسعار. وفي هذا الاطار كشف جورج البراكس أن "وزارة الطاقة والمديرية العامة للنفط والشركات المستوردة قد عقدوا اجتماعا للاتفاق على آلية لاصدار جدول لتركيب الاسعار بطريقة منتظمة".
يلفت البراكس الى أن "انتظام سعر صرف الدولار مقابل الليرة على 20 الف ليرة خفف من وطأة ارتفاع الاسعار عالمياً"، مضيفا: "لو حدثت هذه الازمة في منتصف كانون لكان سعر صفيحة البنزين بالوضع الحالي لامس لـ500 الف ليرة"، مشددا على أن "أسعار المحروقات متجهة الى الارتفاع ولا يمكن تحديد السقف لأنها مرتبطة بارتفاع أسعار النفط بالعالم". في المقابل يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين الى أن "سعر برميل النفط يتجه صعوداً وحكماً إذا ارتفع سعر برميل النفط الى 185 دولار فإن سعر صفيحة البنزين في لبنان سيلامس لـ650 الف ليرة وذلك على دولار 20 الف أما إذا ارتفع الدولار الى 30 الف ليرة فإن سعر الصفيحة سيبلغ 950 الف ليرة حكماً".
"مشهد الطوابير على المحطات قد يعود في عدة حالات". أولها بحسب البراكس إذا لم يحصل التوزيع من الشركات المستوردة للنفط بحال لم يتم الاتفاق على آلية لاصدار جدول أسعار للمحروقات يتماشى مع الارتفاع العالمي للنفط وإذا لم يتحلّ المواطنون ببرودة أعصاب وتهافتوا على محطات البنزين بشكل كبير.
في المحصّلة سيكون هناك ارتفاع جنوني في اسعار المحروقات ليبقى السؤال الأهمّ هل سيشلّ الحركة الاقتصادية خصوصا وأن سعر الصفيحة قد يفوق الحد الادنى للأجور في لبنان؟