الحزب التقدمي الإشتراكي هو من أقدم الأحزاب في لبنان، أسّسه كمال جنبلاط عام 1949.
رسّخ نفوذه في السلطة اللبنانية منذ إتفاق الطائف: تمثّل الحزب بكتل نيابية وازنة في كل الدورات الإنتخابية.
شارك الحزب التقدمي الإشتراكي في الحكومات وكان جزءا من تركيبة السلطة السياسية في كل المراحل.
شكّل ركيزة من ركائز قوى 14 أذار سياسيا ونيابيا وشعبيا، قبل أن يستقّل عنها.
يُعتبر الحزب التقدمي الإشتراكي من أقدم الاحزاب اللبنانية، لكن الحزب التقدمي الذي رفع شعار الإشتراكية، عقد تحالفات وإتخذ قرارات سياسية وإقتصادية لافتة، تناقضت مع مفاهيم وشعار الحزب.
عُرف رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط بتقلباته السياسية، وبدّل من تحالفاته وخصومه مرات عدة:
تحالف جنبلاط مع رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري و رئيس مجلس النواب نبيه بري، منذ إنطلاقة الحريرية السياسية، وشكلوا مع قوى أخرى جبهة حلفاء سوريا في لبنان، منذ ما بعد إتفاق الطائف إلى حين وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد عام 2000.
دعم جنبلاط الحريري بكل خطواته، وأيده لإقرار مشروع سوليدير في وسط بيروت، لكن رئيس الحزب التقدمي واظب بعد إستشهاد الحريري على إنتقاد سوليدير، وإستخدامها مطيّة عند كل خلاف مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، موجّهاً الاتهامات الى سوليدير تارة بإستملاك قاعدة بيروت العسكرية البحرية، وتارة أخرى بإنتقاده "تكرّر سوليدير في كل حي وزاوية ورواق"، أو نفيه علاقة مشروع سوليدير "بالنسيج الإجتماعي القديم والحفاظ على ذاكرة الماضي والتاريخ".
إلتصق الحزب التقدمي بتيار المستقبل، وكرّس تحالف 14 آذار الفريقين توأماً سياسياً واحداً، فتصدّر جنبلاط واجهة الهجوم على سوريا، لكن رئيس التقدمي كان الأسرع بالخروج من نسيج 14 آذار، فباشر قبل انتخابات عام 2009 الإنفتاح على "حزب الله" عبر لقاءات مع قيادات الحزب المذكور بعد قطيعة، واطلاق مواقف غزلية بحق سوريا: "لا يمكن ان نبقى في حالة عداء معها". وبعد الإنتخابات سارع جنبلاط إلى دقّ اول مسمار في نعش قوى 14 آذار، مما دعا حليفه الحريري إلى مهاجمته بحدّة.
كان شارك جنبلاط بكل الحكومات، وتحالف مع جميع القوى السياسية، وحاول بعد خروجه من 14 آذار أن يتموضع في الوسط، إلاّ أن أزمة سوريا عام 2011 عادت وجذبته إلى موقع العداء مع النظام السوري.
تصدّر الحزب التقدمي في مواجهة دمشق منذ عام 2012، ونظّم جنبلاط حملات إعلامية تضامنية مع حمص، في وقت كان خصومه يتهمونه بأنه يسعى إلى إثارة الدروز في السويداء ضد دولتهم، مما إنعكس سوءاً على علاقة جنبلاط بحزب الله وباقي قوى 8 آذار.
بقي تحالف التقدمي والمستقبل صلباً، رغم كل المطبّات التي كانت موجودة في طريق جنبلاط والحريري، غير ان تقارب المستقبل مع التيار الوطني الحر عام 2016 باعد بين جمهوري الفريقين، لتكرّ سبحة الإفتراقات التي أدّت إلى إشتعال المواجهة الإعلامية بينهما عام 2017.
وافق التقدمي على قانون إنتخابي جديد(الحالي)، بعد إعتراضات طويلة، لكن قلق جنبلاط من التحالف العميق بين الحريري وباسيل قاده إلى القبول بصيغة القانون المُعتمد، خوفاً من أكثرية كانت ستحصد معظم نواب الشوف وعاليه.
حاول التقدمي الإشتراكي بناء تحالفات سياسية مع كل من الكتائب والقوات والتيار الوطني الحر، لكن الحسابات السياسية المتباعدة حكمت علاقات كل منهم بالآخر، غير ان التقدمي ركّب تحالفات إنتخابية مع كل فريق سياسي، طبقاً لحسابات الربح والخسارة في دوائر جبل لبنان بشكل أساسي.
قال جنبلاط في حديث لمجلة "لوريان لوجور" أجري معه في كانون الأولى الماضي: لا أريد الإنضمام إلى جبهة سياسية ضد حزب الله، لقد إكتفيت من الجبهات. لكنه قال في المقابلة ذاتها: سأكون في حلف مع "القوات" ضد التيار "الوطني الحر".
لم تكن مسيرة الحزب التقدمي علمانية، بل كان جنبلاط جزءاً أساسياً من التركيبة السياسية اللبنانية المبنية على معادلة الطائفية.