على الرغم من أن قانون الإنتخاب الحالي، الذي ستجرى على أساسه إنتخابات أيار 2022، لا يُعتمد للمرة الأولى، إلا أنه لا يزال هناك بعض المفاهيم الخاطئة عند الناخبين، أبرزها قد يكون التعامل مع الورقة البيضاء، التي تُفسّر على أساس أنها موقف إعتراضي ينمّ عن عدم الرضى على أيّ من المرشحين أو اللوائح.
في ظلّ الظروف الحالية، هناك الكثير من الناخبين الذين يعتبرون أنّ هذا الخيار قد يمثل التعبير الأفضل عن موقفهم السياسي، خصوصاً في وجه أحزاب السلطة، لا سيما في الدوائر التي لا تتوفر فيها لوائح أو مرشحين من الممكن أن يمثلوا البديل المنتظر، لكن في حقيقة الأمر هم يقدّمون خدمة مجانيّة لهذه الأحزاب من حيث لا يدرون.
بحسب قانون الإنتخاب، تلعب الأوراق البيضاء دوراً أساسياً في تحديد النتائج، حيث يتم إحتسابها مرتين: في الحاصل الأول، الذي يتمّ على أساسه إستبعاد اللوائح التي لم تصل إليه، وفي الحاصل الثاني، الذي يتمّ على أساسه توزيع المقاعد على اللوائح الفائزة، وبالتالي الأوراق البيضاء، خصوصاً عند إحتساب الحاصل الأول، تساهم في رفع عدد الأصوات التي تحتاج لها أيّ لائحة للفوز بمقعد نيابي، الأمر الذي يخدم لوائح الأحزاب الكبرى.
بالنسبة إلى عمليّة إحتسابها في الحاصل الثاني، هناك جدل قانوني حول صحة هذا الأمر، نظراً إلى أن القانون، تحديداً الفقرة 3 من المادة 99، يُخرج، عند إحتساب الحاصل الثاني، من ضمن الأصوات التي يعوّل عليها، تلك التي ذهبت إلى لوائح لم تصل إلى الحاصل، الأمر الذي يدفع البعض إلى التأكيد على ضرورة تطبيق الأمر نفسه مع الأوراق البيضاء.
من وجهة نظر هؤلاء، لا يجوز، من الناحية المنطقية، حذف أصوات ناخبين اقترعوا للوائح مشاركة في العمليّة الإنتخابيّة، بسبب عدم وصولها إلى الحاصل الإنتخابي، بينما يتم إحتساب أصوات ناخبين لم يصوّتوا لأيّ لائحة، من خلال ذهابهم إلى خيار الورقة البيضاء، كما حصل في الإنتخابات الماضية في العام 2018.
في هذا السّياق، تُطرح مجموعة من الخيارات التي يمكن أن يذهب إليها الناخبون الذين يرغبون بالتصويت بورقة بيضاء، من دون أن يقود ذلك إلى خدمة الأحزاب أو اللوائح الكبرى، منها أن يعمد الناخب إلى القيام بأي أمر يحول ورقته إلى ملغاة، الأمر الذي يمنع إحتسابها، مع العلم أنّه لا يمكن إعتبار جميع الأوراق الملغاة تعبيراً عن موقف سياسي، نظراً إلى أنها، في معظم الأحيان، ناتجة عن عدم إدارك القانون، إلا إذا كان سبب الإلغاء كتابة تعابير تعبر عن موقف سياسي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن الذهاب إلى خيارين آخرين: الأوّل هو المقاطعة، في حال لم يكن أمام الناخب خيارات مقنعة، الأمر الذي يساهم في توجيه مجموعة من الرسائل السياسية، أبرزها عدم إقتناعه بأي من اللوائح المرشحة، من دون أن يقود ذلك إلى رفع الحاصل الإنتخابي، سواء كان الأول أو الثاني، الأمر الذي يعزّز فرص الخرق أمام الأحزاب أو اللوائح الصغرى، ويفتح الباب أمام الطعن بشرعية تلك الكبرى على أساس أنها لم تفز بنسبة إقتراع يعول عليها.
أما الخيار الثاني، فهو ما بات يعرف بـ"التصويت العقابي"، خصوصاً إذا ما كان الناخب يريد أن يوجّه رسالة إلى الأفرقاء الذين كان يصوت لهم عادة، حيث يمكن له أن يعمد إلى التصويت إلى لوائح أخرى حتى ولو لم يكن مقتنعاً بها بشكل كامل، الأمر الذي يعزز فرصها بالخرق، في حال نجحت في الوصول إلى الحاصل الإنتخابي، أو يعطي إشارة إلى هؤلاء الأفرقاء بأن الحالة الإعتراضية تكبر، بسبب أدائهم في السنوات الماضية.