قضي الأمر، مبدئيًا. لا "ميغاسنتر" في الانتخابات النيابية المقبلة، بعدما تجاوز مجلس الوزراء "الجدل" القائم حولها منذ أسابيع، ليغلّب "واجب" إجراء الاستحقاق في موعده الدستوري، على "خيار" استحداث "إصلاح" انتخابيّ قد يجرّ الحكومة إلى "تمديد تقني"، أقلّه وفق بعض الآراء والاجتهادات، التي تحدّثت عن وجوب الذهاب إلى "تعديل قانوني" في مجلس النواب.
لعلّ المفاجئ في الأمر أنّ البند المرتبط بموضوع "الميغاسنتر" مرّ بسلاسة في مجلس الوزراء، بعد توقعات بإمكانية "تفجيره" للجلسة، في ظلّ التباينات والانقسامات حولها بين الوزراء، وهي "سلاسة" قد لا يبرّرها "التعهد" باعتماد "المياسنتر" في انتخابات 2026، لا لأنّ "تعهّدات" شبيهة أطلقت بعد انتخابات 2018، ولكن لأنّه يبقى "حبرًا على ورق" حتى إثبات العكس.
في المقابل، اختار "التيار الوطني الحر" التصعيد إعلاميًا، خارج قاعة مجلس الوزراء، فاعتبر رئيسه الوزير السابق جبران باسيل ما حصل "ضربة كبيرة للديمقراطية"، واضعًا إياه في سياق "الممارسات" التي دأبت عليها "المنظومة نفسها"، وفق تعبيره، والتي لطالما عملت على "ضرب الإصلاحات"، معتبرًا أنّه وحده من "يرفع الصوت" في وجهها، في كلّ مرّة.
لكن، ماذا بعد سقوط "الميغاسنتر" على طاولة مجلس الوزراء؟ هل من خيارات "جدية" متاحة أمام "التيار الوطني الحر" لمواصلة "التصعيد" حتى إقرارها، كما يقول بعض نوابه؟ وكيف سيتلقّف "العونيّون" الأمر، وهم المتّهَمون أساسًا بأنّهم "تذكّروا" الأمر متأخّرين، في حين كان الأجدى بهم "الضغط" لإقراره منذ أشهر طويلة، لو مانت النوايا "صادقة" فعلاً؟.
مبدئيًا، ومع أنّ جميع الأفرقاء استيقظوا "متأخّرين" على تطبيق "الميغاسنتر"، ما أوحى وكأنّ كلّ الجدال حولها لم يكن أكثر من "مناورة انتخابية"، إلا أنّ أحدًا لا يستطيع أن ينكر أهمية هذا الإصلاح الانتخابي الرياديّ، الذي من شأنه أن يخفّف "معاناة" الناس في يوم الاقتراع، التي ستجد نفسها مضطرة لدفع تكاليف "باهظة" للانتقال من أماكن السكن إلى أماكن القيد، لممارسة حقّ الانتخاب، في ظلّ الارتفاع الهائل في أسعار المحروقات، والذي يبدو بلا أفق.
بمعنى آخر، فإنّ اعتماد "الميغاسنتر" كان من شأنه أن يرفع من نسبة الاقتراع، التي يتوقّع كثيرون أن تضرب رقمًا قياسيًا هذا العام، وتسجّل أدنى مستوياتها على الإطلاق، لا بسبب انعدام "الحماس" لدى شريحة واسعة من المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابي، لغياب "الأمل" بتحقيق أيّ "خرق"، ولكن قبل ذلك، بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والتي باتت معها مجرّد "رحلة" إلى القرية أو الجبل بحاجة إلى "ميزانية" غير بسيطة.
وإضافة إلى كلّ ما تقدّم، فمن شأن هذا الإصلاح أيضًا، وفق ما يؤكد الخبراء الانتخابيون والمطّلعون على الخبايا الانتخابيّة، أن يحدّ من نسبة المال السياسيّ الانتخابيّ، الذي قد يسجّل أيضًا مستويات قياسيّة في دورة هذا العام، تحت عنوان "نفقات التنقّل" التي لن يتوانى المرشحون عن دفعها فوق وتحت الطاولة، بذريعة الأزمة الماليّة أيضًا، ما سيجعل الكثيرين "مرهونين" لمن يدفع أكثر، ولو أنّ نسبة لا بأس بها من المواطنين تأبى مثل هذا "اللعب بالكرامات".
ومع أنّ سهام "النقد" طالت "التيار الوطني الحر"، الذي رفع شعار "الميغاسنتر" متأخّرًا، بدل أن يخوض "المعركة" في الوقت المناسب، ما أوحى لكثيرين أنّ هدفه لم يكن سوى "تطيير الانتخابات" باسم "الميغاسنتر"، فإنّ ما يقوله الخبراء الانتخابيون "ينسجم" بشكل أو بآخر مع ما يكرّره هو حول أهمية تطبيق هذا الإصلاح، ما يدفع إلى التساؤل عن موقفه اليوم، وإلى أيّ مدى يمكن أن يذهب بعيدًا في "تصعيده".
بالنسبة إلى الدائرين في فلك "التيار"، فإنّ التصعيد سيستمرّ حتى النهاية، ولو أنّ مروحة الخيارات المُتاحة لم تعد واسعة، بعدما أقفلت "المنظومة" كلّ الأبواب أمام اعتماد الميغاسنتر، ولا سيما أنّها كبّلت الإصلاحات بعوائق لوجستية وقانونية "وهمية" بالجملة، وحوّلت القانون إلى "معقّد" بدل أن يكون "ميسّرًا"، في حين أنّ تطبيق الميغاسنتر لم يكن يستلزم أكثر من اعتماد الآلية نفسها المتبعة مع انتخابات المغتربين، من دون بطاقة ممغنطة ولا من يحزنون.
لكن رغم ذلك، فإنّ "التيار" لن "يستسلم"، وفق ما يقول بعض المحسوبين عليه، مشيرين إلى "اجتماعات تشاورية" يعقدها لبحث مجموعة من الأفكار، من بينها العودة إلى البرلمان من جديد، من خلال تقديم اقتراح قانون معجّل مكرّر حول الميغاسنتر، ولو أنّ الاعتقاد أنّ مثل هذا الاقتراح سيسقط أيضًا، بحجّة "ضيق الوقت"، تمامًا كما سقط في السابق من دون "حجّة مقنعة"، ومن قبل أولئك الذين باتوا اليوم يشيدون بالميغاسنتر، ويتذرّعون بالوقت لتطييره.
باختصار، يواصل "العونيّون" معركتهم، وهم مدركون سلفًا أنّها لن تفضي إلى أيّ مكان، فالبند سقط في مجلسي النواب والوزراء، وما عاد بالإمكان اعتماده كما يؤكد العارفون الذين يشيرون إلى أنّ عامل "الوقت" بدوره لا يُعَدّ "تفصيلاً"، ما يوحي بالنسبة إلى هؤلاء إلى أنّ الأمر بات، بشكل أو بآخر، جزءًا من "الحملة الانتخابية" لـ"التيار" لا أكثر ولا أقلّ، وسط ترجيح لإمكانية "توظيفه" للتأكيد على "صدقية" شعار "ما خلّونا" الذي تحوّل إلى مدعاة سخرية.
ويُعتقَد في هذا الإطار أنّ "الميغاسنتر" سيكون في صدارة "الخطاب الانتخابيّ" لـ"التيار الوطني الحر" الذي يستعدّ في الأيام القليلة المقبلة لإطلاق "حملته الانتخابية" رسميًا، و"تكثيف" إطلالاته، وصولاً إلى الاحتفال المُنتظر في 14 آذار المقبل، قبل يوم واحد من إقفال "بورصة" الترشيحات الرسمية، والذي سيدشّن من خلاله الوزير السابق جبران باسيل رسميًا "المعركة الانتخابية" التي يتأهّب لها "العونيّون" بكلّ ما أوتوا من قوة.
ويشير المطّلعون في هذا الإطار إلى "السجال" الذي دار بين "التيار" و"القوات اللبنانية" هذا الأسبوع، للدلالة على أنّ "الميغاسنتر" ستكون بندًا مضافًا على لائحة "الاتهامات" التي أعدّها "التيار" ضدّ خصومه، وبرز جانب منها في ردّ الوزير باسيل على رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، حين هاجمه من دون تسميته، على موقفه من الميغاسنتر، والذي وضعه تحت عنوان "مش أول مرة بيتراجع وبيخون"، وفق ما قال.
في النتيجة، قد يكون "الثابت" الوحيد أنّ "الميغاسنتر" قد طارت، وأنّ "العونيين" يدركون ذلك قبل غيرهم، ولو أصرّوا على "التصعيد المضاد". لكن "الثابت" أيضًا أنّ الانتخابات "حُصّنت" من "لغم" آخر خاف كثيرون أن يكون قد "زُرِع" في طريقها، ولو أنّ "العين" عليها لا تزال تنذر بالكثير من المطبّات والألغام التي لن تتوقف حتى 15 أيار المقبل!.