احياء ابنة يائيرس وشفاء المرأة النازفة، اعجوبتان تحدث عنهما الانجيل في المقطع نفسه، واتيا في سياق الاعاجيب التي اجترحها ابن الله المتجسد على هذه الارض. ولكن ما يقوم به المسيح لايقتصر على الزمان والمكان والحدث فقط، بل يتخطى كل ذلك الى ما هو ابعد. يعترض الكثيرون على مفهوم القدّيس ودوره وكيف يتميّز عن سائر البشر، فيما الواقع اننا نحن انفسنا من يميّزه، تماماً كما حصل مع يائيرس والمنزوفة، لانه في بحر من الجموع التي كانت في انتظار المسيح، تجرأ كل منهما وخطا خطوته بايمان كبير، فيما الباقون لم يفعلوا الامر نفسه، وبذلك تميّز الاثنان من بين الجميع، ولو كان للجموع كلها الايمان نفسه، لكانوا ايضاً تميزوا عن غيرهم. قد لا يكون يائيرس والمنزوفة في مصاف القديسين، ولكن التشبيه هو لتقريب الصورة فقط وتوضيحها حول من اختاروا الله في حياتهم وقبل اختيارهم.
اما احياء الابنة فله كلام آخر، لان المسيح اراد ان يثبت انه سلطانه يطال اعظم ما يخيف الانسان، اي الموت، لذلك عمد الى احياء الموتى لكسر حاجز الخوف هذا... صحيح ان من احياهم المسيح عادوا وماتوا مجدداً على غرار القديسين، ولكن المفهوم قد تغيّر، تماماً كما حصل مع احباء لنا غادرونا من هذه الحياة، الا انهم بقوا حاضرين معنا بفعل المحبة والرجاء على لقائهم في الحياة الابدية. لذلك، علينا، مهما كانت الامور صعبة، ان نتميّز عن غيرنا في هذا المفهوم ايضاً، وننفض الغبار عن ايماننا بالله وبقدراته، كي لا يكون الموت سوى مرحلة تقودنا الى استحقاق المحبة الكبير.