إنتقلت القوات من هيكلها العسكري كذراع لحزب الكتائب إلى الإستقلالية السياسية، وتغيير المسمّى الوظيفيّ لقيادتها من "قائد القوات اللبنانية" إلى "رئيس الهيئة التنفيذيّة" ثم رئاسة حزب القوات.
بعد خروج سمير جعجع من السجن بعفو عام أقرّه مجلس النواب سنة 2005، دخل حزب القوات في صلب الحياة السياسية كشريك في السلطة.
شارك حزب القوات في حكومات ما بعد عام 2005: حكومات الحريري، والسنيورة، وسلام، وميقاتي.
كسب الحزب مقاعد نيابية في الإستحقاقات الإنتخابية، وراكم أعداد كتلته وصولا إلى إنتخابات 2018 التي صار فيها عدد كتلة القوات 15 نائبا قبل أن يخرج منها كل من سيزار معلوف وجان طالوزيان.
رشّح حزب القوات رئيسه لرئاسة الجمهورية، بإعتباره أحد الأركان الموارنة الأربعة، لكنه لم يُنتخب، ولم يتخلّ عن الحلم أيضاً.
شكّلت مرحلة نهوض قوى 14 أذار رافعة سياسية لحزب القوات الذي استنهض صفوفه بعد إقرار العفو عن رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع، الذي خرج من السجن ليتفرّغ إلى إعادة بناء حزب القوات.
إستند جعجع إلى نفوذ قوى 14 اذار في مؤسسات الدولة والمجتمع اللبناني بعد عام 2005، لإعادة تسويق نفسه سياسيا وطي صفحة الماضي.
لم يكن لحزب القوات ثقل في حكومات ما بعد 2005، لكنه أصبح شريكاً في السلطة، إلى أن قاطع حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014.
تعامل جعجع مع المشاركة في السلطة وفق معيار: دخول الحكومات لفرض القوّات شريكا في القرار السياسي، وبالتالي تحقيق توازن مع الخصوم، وتحديدا التيار الوطني الحر وحزب الله، خصوصا لجهة حسابات إنتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس النوّاب.
أوحى تصرّف حزب القوات أنه كان أسير السباق السياسي مع التيار الوطني الحر في الساحة المسيحية، وصار جعجع رأس حربة في وجه مشروع التيار الوطني الحر، مستندا إلى تفاهم مارمخايل في شباط 2006، لكن حزب القوات ربط نفسه عملياً بالتوازنات الإقليمية، وخصوصاً بعد تمتين علاقته مع السعودية.
لم يثبت حزب القوات في حلف أو علاقة سياسية أو خصومة، وجّرّب كل أنواع التحالفات: كان حليفاً لتيار المستقبل، وخصماً للتيار الوطني الحر، فتقرّب من التيار الوطني الحر وعقد معه تفاهم معراب، وابتعد عن تيار المستقبل، كما حاول وزيره ملحم رياشي التقرّب من "حزب الله".
مضى في المصالحة مع تيار المردة لطي صفحة أليمة من محطات الحرب اللبنانية، لكنه لم يفلح في فرض حلف مع المردة.
تقرّب من الحزب التقدمي الإشتراكي وتحالفا إنتخابياً، ولم يفهم إذا كانا حليفين أو خصمين، لكن "المصيبة السياسية" في خصومة التيار الوطني جمعتهما، والمصلحة الإنتخابية أوجدت تحالفا بينهما في الجبل.
فشل القوات في فرض جعجع رئيسا للجمهورية، وهو ما شكّل أزمة ضمنية لدى القواتيين الذين جرّبوا كل التحالفات السياسية، وخاضوا المواجهات الإنتخابية من دون القدرة على إمساك القرار السياسي المسيحي. وهم يسعون حاليا لكسب مزيد من المقاعد النيابية في إنتخابات 2022، لكن لا قدرة لديهم على نسج تحالفات واسعة بغياب الحليف المسلم بعد خصومة مع تيار المستقبل وقرار الحريري بالإبتعاد عنهم، ثم تعليق رئيس "المستقبل" العمل السياسي، من دون إيجاد القوات فريق سياسي سنّي وازن يشكّل بديلاً من الحريري.