اشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الى "إن السعوديين يقاتلون من أجل حرف ميزان الحرب الأهلية في اليمن، ويحاولون منع الحوثيين الذين تدعمهم إيران من السيطرة الكاملة على شمال اليمن".
وفي تقرير من مأرب، المعقل الأخير للحكومة، وصف التقرير ما فعله مقاتل يمني حافي القدمين يطلق على نفسه "فؤاد الشجاع" عندما تعرض موقعه لضربات من الحوثيين، حيث أمسك ببندقيته وأطلق النار من خلف متراس رملي. فالنقطة الصحراوية التي يحرسها فؤاد وبضعة من الجنود الذين لوحتهم الشمس هي على الخط الأول للحرب الأهلية اليمنية والتي تضع قوات الحكومة التي تدعمها السعودية والإمارات ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
وتعد مأرب هي آخر الملاجئ الآمنة التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية في الشمال وقال فؤاد "إما أن ننتصر" أو "الموت ونحن نقاتل".
ولفتت الصحيفة الى أن السعودية وحلفاءها من الجماعات الوكيلة على الأرض يحاولون التمسك بمواقعهم. ولكنهم يصارعون حرف مسار الحرب بعدما خففت الولايات المتحدة من الدعم، ولهذا زادوا من الضربات الجوية والصاروخية. وشن التحالف الذي تقوده السعودية 700 غارة جوية في شباط حسب "يمن داتا بروجيكت" أو (مشروع بيانات اليمن) وهي منظمة غير ربحية تتابع الحرب في اليمن. مما يجعل الشهر الماضي الأكثر كثافة من ناحية القصف منذ عام 2018.
وشهدت الأشهر الأخيرة مقتل وجرح أكثر من 1.500 مدني يمني، أي بزيادة عن 823 في الأشهر التي سبقتها، بحسب "سيفيليان إمباكت مونيترينغ بروجيكت" (مشروع مراقبة الأثر على المدنيين)، وهو مشروع يجمع المعلومات عن الحرب لصالح الأمم المتحدة. ويقول المسؤولون السعوديون إن الهدف الرئيسي للغارات الأخيرة هو دفع الحوثيين على التراجع وضربهم بدرجة كافية للقبول بالتفاوض وإنهاء الحرب. وتوقفت جهود السلام منذ فترة وسط محاولات الحوثيين السيطرة على مأرب. وحثت الولايات المتحدة والأمم المتحدة التحالف السعودي على تخفيف الغارات لكن السعوديين واليمنيين يريدون ضرب الحوثيين بقوة.
وقال محافظ مأرب، الشيخ سلطان العرادة "نواصل القتال". وقد دمر الحوثيون بيته في أيلول عندما أطلقوا صاروخين باليستين عليه، وأضاف أن "هذا هو المسار الصحيح ولكنه البداية".
ورد الحوثيون على التصعيد العسكري بمزيد من الصواريخ التي أطلقت على الإمارات والسعودية وكذا مأرب بما فيها سبعة صواريخ أطلقت في 19 شباط أثناء وجود مراسل الصحيفة والمصور المرافق له في مأرب.
ويأتي التصعيد بعد سبعة أعوام من تدخل السعوديين مع مجموعة من الدول لوقف الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في عملية اعتقدوا أنها لن تطول سوى عدة أسابيع. لكن الحرب طالت وأدت لكارثة إنسانية قدرت الأمم المتحدة أن حوالي 377.000 ماتوا فيها نسبة الأطفال من بينهم 70%.
وفتحت الحرب المجال أمام إيران لتطوير القدرات القتالية للحوثيين وجعلهم مقاتلين مهرة. وباتوا اليوم يسيرون طائرات بدون طيار متقدمة وصواريخ طويلة المدى تستطيع ضرب العواصم في الخليج على مدى 800 ميل.
وفي الوقت الذي يقول فيه المقاتلون الذين تدعمهم إنهم حققوا تقدما في الأسابيع الماضية، لا يزال الحوثيون يسيطرون على عاصمة البلاد ومعظم مناطق الشمال. وتسيطر الحكومة اليمنية الهشة وحلفاؤها على الجنوب والشرق. ولو حقق الحوثيون نصرا في مأرب فإنه سيعطيهم سيطرة كاملة على كل الشمال إلى جانب أموال النفط التي يمكنهم استخدامها لمواصلة القتال. وقال مسؤول سعودي "لو سيطروا على مأرب فسنخسر الحرب ونفقد الأمن والاستقرار في المنطقة".
ويقول المسؤولون في مأرب التي كانت مرة مدينة مزدهرة إن أكثر من مليوني نازح وصلوا إليها من الشمال، أي 60% من 3.5 مليون مهجر يمني بسبب الحرب. ومعظمهم تم إسكانهم في 60 مخيما تنقصها الاحتياجات الأساسية حول المدينة.
وفر عرفات السبهري مع زوجته وأبنائه الخمسة من صنعاء عام 2017 بعدما قتل الحوثيون والده، وقال إنهم انتقلوا بين المخيمات أربع مرات. وتركوا واحدا بسبب تقدم الحوثيين وآخر بعد تعرضه للقصف منهم. وبات متعبا وعائلته من التنقل مع أن المخيم الذي يقيم فيه بدون مياه صحية "من الأفضل لو كان هناك مكان آمن".
وتتهم الولايات المتحدة والسعودية إيران بتقديم المساعدات الفنية والأسلحة والمستشارين للحوثيين بحيث ساعدهم على استهداف الرياض وأبو ظبي والسفن المارة قريبا من الشواطئ اليمنية. وتعتبر طهران هي واحدة من العواصم التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع الحوثيين، وتنفي أنها تقدم لهم الأسلحة. ويركز الحوثيون على مأرب لهزيمة الحكومة اليمنية المتداعية، ويقول المسؤولون السعوديون إن الحوثيين يرفضون التفاوض وهم يقاتلون في مأرب.
وقال نصر الدين أمير، نائب وزير إعلام الحوثيين إنهم يملكون المبادرة "فنحن الذين نتقدم على الأرض ويحاولون إقناع العالم أنهم حرفوا ميزان المعركة لصالحهم ولكنهم يكذبون".
وعبر الجنرال محمد علي المقدشي، وزير الدفاع اليمني الذي يدير الحرب من غرفة داخل جبل عن تشاؤمه من منظور السلام وأن المحادثات لن تنهي الحرب. وقال لن يقبل الحوثيون السلام ونحن لا نقاتل الحوثيين بل إيران.
ويحاول السعوديون عدم الظهور على جبهات القتال ولتقليل المخاطر استبدل المستشارون السعوديون زيهم العسكري بالزي التقليدي. وعلى خطوط القتال التي ليست إلا تلالا من الرمل، يشعر المقاتلون بالتعب وينتظرون المساء لاستئناف القتال بعد انخفاض درجة الحرارة.