يُغلَق منتصف ليل اليوم الثّلثاء 15 آذار 2022، باب التّرشيحات الرّسميّة للانتخابات النيابية المحدّدة بعد شهرين من اليوم. ويُمنحُ المرشّحون رسميًّا مهلة عشرين يومًا تنتهي في 5 نيسان المقبل، لحسم خياراتهم في الانسحاب من المعركة أو البقاء في الميدان، تمهيدًا للانخراط في لوائح متنافسة، وذلك وفق ما تنصّ عليه المادّة 52 من قانون الانتخاب الحالي.
في هذا الإطار، لفتت صحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "بمعزل عن الخطاب المنبري والكلام الكبير الّذي يُساق فيه لزوم الشّحن الانتخابي للحزبيّين والمناصرين التقليديين، فإنّ المزاج الشعبي الذي تأثّر بالشعارات ووعد بالتغيير وإحداث انقلاب جذري في الخريطة النيابية القائمة في المجلس النيابي الحالي، هو، وفق ما تؤكد دراسات واستطلاعات أصحاب الاختصاص في مجال الانتخابات، مُصاب بإحباط حقيقي بعدما تَوضّحت امامه الصورة".
وذكرت أنّه "تبيّن له بما لا يقبل أدنى شك ان العناوين التغييرية التي رفعت على مدى اشهر طويلة قد تبدلت وتقزّمت، وانّ الهدف الاسمى للاحزاب التي استثمرت عليها لأشهر طويلة، هو الذهاب، ليس الى معركة كسر عظم وقلب موازين سياسية ونيابية، بل أقصى ما تريده هذه الاحزاب، هو خوض معركة انتخابية شرسة لتجميع "حَواصل" تمكّنها من الحفاظ على احجامها النيابية على ما كانت عليه في المجلس الحالي لا أكثر ولا أقل".
تفاوت في الحماوة
وركّزت "الجمهورية" على أنّه "اذا كانت كلّ المؤشرات والإستطلاعات تؤكّد أنّ الثّنائي الشّيعي يذهب إلى معركة سهلة في الدوائر المشتركة بينهما من بعبدا الى الجنوب والبقاع الغربي وصولا الى بعلبك الهرمل، بحيث تبدو هذه الدوائر مغلقة وصعبة الاختراق، تنتظر هذا الثنائي معركة حامية في بضع دوائر تعتريها بعض الصعوبة، ولا سيّما في جزين وزحلة وبيروت الثانية وجبيل، علما ان اوساطه تؤكد ان المقاعد الشيعية في هذه الدوائر مضمونة لحركة "أمل" و"حزب الله".
وبيّنت أنّ "في الموازاة، تبدو الصور ة السنية الأكثر إرباكا وضبابية، بعد انكفاء تيار "المستقبل" عن المشهد الانتخابي، وهو الامر الذي لم يبرز حتى الآن قيادة بديلة للمستقبل تشكل جاذباً يستقطب النّاخب السنّي. وعلى ما تؤكد الاستطلاعات الانتخابية، فإن المزاج السنّي ليس معنيا بكل الدعوات التي تتوالى من قبل بعض المراجع السنية الى عدم المقاطعة. فالإحجام عن المشاركة سيشكل النسبة الأعلى".
الحذر واجب
نقلت الصحيفة عن بعض المستويات السياسيّة والحزبية أنّ "ثمّة ما يوجِب الحذر الشّديد، والتنبّه بشكل خاص من الخلايا الارهابيّة، وكذلك من تداعيات محتملة جراء التوترات التي تزايدت في المنطقة في الايام الاخيرة، اضافة الى المناورة العسكرية الكبرى التي اعلن الجيش الاسرائيلي اجرائها في وقت قريب".
وأكّدت مصادر سياسية لـ"الجمهورية"، أنّ الأخطر في هذا المجال، هي "عبوة الترسيم"، موضحة أنّ "القلق في هذا الجانب ليس من تعثّر مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، فهي في الاصل متعثرة، والجولة الاخيرة للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين اثارت التباسات وأبقت الامور جامدة عند نقطة الخلاف الجوهرية، بل ان القلق هو ممّا قد يبرز من تطورات حيال هذا الملف البحري بأبعاده النفطية والغازية وكذلك الامنية، خصوصاً ان اسرائيل تتوجّه الى بدء عمليات الحفر والتنقيب في المنطقة البحرية المتنازع عليها مع لبنان، ومَنحت شركة "هالبيرتون" الاميركية عقدا للقيام بعمليات التنقيب عن النفط والغاز في تلك المنطقة".
ورأت أنّ "ملف الترسيم بات عنوانا مقلقا، حيث أنّ كل الاحتمالات تحيط به، ومن ضمنها الاحتمال الامني، في ظل عدم وصول المفاوضات بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي بوساطة اميركية ورعاية الامم المتحدة الى اتفاق حول النقاط المتنازَع عليها، وفي ظل اعلان اسرائيل مضيّها في التنقيب في تلك المنطقة، الذي قوبِل برفض لبناني لهذه الخطوة الاسرائيلية التي تنسف اتفاق الاطار حول مفاوضات الترسيم".
رسالة لوم من الحريري إلى دريان: لائحة السنيورة "شبه مكتملة" في بيروت
أشارت مصادر "الأخبار" إلى أنّ "رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ماضٍ في خيار الترشح للانتخابات النيابية، وتحديداً في دائرة "بيروت الثانية"، لملء شغور رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في مواجهة لوائح ثنائي حركة أمل وحزب الله والأحباش والنائب فؤاد مخزومي".
وكشفت الصحيفة أنّ "بحسب المعلومات، فإن السنيورة يضع اللمسات الأخيرة على لائحة في هذه الدائرة، تحظى بمباركة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، ويفترض أن تضمّ: القاضي خالد قباني، حسن منيمنة، لينا التنير، ماجد دمشقية، عماد الحوت (الجماعة الإسلامية)، منى فياض، فيصل الصايغ (الحزب التقدمي الاشتراكي) ميشال فلاح وجورج حداد، فيما ترددت معلومات عن إمكان انضمام رئيس نادي الأنصار نبيل بدر إليها".
ولفتت إلى أنّ "محاولات السنيورة التعاون مع العائلات البيروتية، اصطدمت برفضها دعم أي مرشح سنّي في بيروت، بعد اجتماع عُقد للعائلات قبل أيام تقرر فيه الالتزام بقرار الحريري. وهذا ما يزيد مهمة السنيورة صعوبة، وخصوصاً أنه يفتقر إلى أيّ أرضية انتخابية في العاصمة. وشمالاً، تكثّفت اتصالات السنيورة مع ميقاتي لتأليف لائحة تضم النائب السابق مصطفى علوش وربما النائب السابق أحمد فتفت، وتكون لميقاتي حصة فيها عبر ترشيح سليمان عبيد (نجل النائب الراحل جان عبيد) عن المقعد الماروني والنائب علي درويش".
دريان أبلغ السنيورة أنه لن يدعو الناخبين السنّة إلى التصويت للائحته
علمت "الأخبار" أن "مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان تلقّى رسالة من الحريري، تضمّنت عتباً ولوماً شديدين على "انحيازه" إلى السنيورة في حراكه الساعي إلى وراثة آل الحريري وتيار المستقبل". وأكدت مصادر قريبة من الدار، أن "دريان حاول الاتصال بالحريري من دون جدوى".
وذكرت الصحيفة أنّ "انتقادات الحريري ومناصريه، دفعت دريان إلى "الاستدارة" وإبلاغ السنيورة أنه لن يدعو الناخبين السنّة إلى التصويت للائحة التي ينوي تشكيلها في بيروت. صراع الحريري- السنيورة انعكس على مشايخ الدار في بيروت والمناطق الذين خضعوا عنوة لتصنيف "مع سعد" أو "مع السنيورة"، مع إقرار كثر بأن للسنيورة اليد الطولى في عائشة بكار حتى عندما كان الحريري في ذروته".
جعجع لنديم الجميل: Game over
أفادت "الأخبار" بأنّ "أربع لوائح تتنافس في دائرة بيروت الأولى على 8 مقاعد. الاصطفافات تبدو نفسها كما في الدورة الماضية، لولا أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع قرّر هذا العام إسقاط ابن مؤسس حزبه نديم بشير الجميل"، شارحةً أنّ "اللوائح الأربع تتنافس على 8 مقاعد (ماروني وكاثوليكي وأرثوذكسي وأقليات وأرمني كاثوليكي و3 أرمن أرثوذكس)، غير أن المفارقة الأبرز تكمن في انفراط التحالف بين "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب اللبنانية"، أو بالأحرى النائب المستقيل نديم الجميل، الذي حسم خياره بالتحالف مع رئيس مجلس إدارة مصرف "سوسييتيه جنرال" أنطوان الصحناوي".
وأوضحت أنّ "معراب التي لم تستسغ "التمرّد"، ردّت بالتحالف مع مرشح مستقل على المقعد الماروني هو الرئيس السابق لنادي "الحكمة" جورج شهوان"، مبيّنةً أنّ "القوات تأخذ على الجميّل أنه فضّل الانضواء في لائحة يترأسها النائب جان طالوزيان على لائحتها، فيما اكتفى الجميل، في اتصال مع "الأخبار"، بالقول إن هناك متسعاً من الوقت في حال أراد مرشح القوات غسان حاصباني الانضمام إلى لائحته".
وشدّدت على أنّ "انفصال "القوّات" و"ابن بشير" ليس تفصيلاً بمعناه السياسي. فتبني جعجع ترشيح ماروني في وجه نديم، يعني مقارعة نجل مؤسس "القوّات" بشير الجميل في "أشرفيته"، وصولاً إلى إسقاطه إذا ما نالت اللائحة حاصلين". وأكّدت مصادر مطلعة أن "جعجع حاول استمالة الجميل إلى اللائحة مرتين، لكن شرط أن ينضم لاحقاً إلى كتلة "الجمهورية القوية"، فقوبل عرضه برفض من نديم، على خلاف الدورة الماضية حين خالف قرار الكتائب وفرض تحالفه مع القوات".
اقتراح هوكشتين: لبنان يرفض أم يتحفّظ؟
ذكرت "الأخبار" أنّه "التأمت في بعبدا، أمس، جلسة ثانية لـ"اللجنة المصغّرة" للبحث في الاقتراح الخطي الذي قدّمه "الوسيط" الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، عاموس هوكشتين، ويتضمّن تعديلات على الخط البحري الفاصل بما يعطي لبنان أقل من الـ860 كيلومتراً مربعاً التي يتضمّنها الخط 23".
وفي معلومات "الأخبار"، فإنّ "أجواء اللجنة التي شارك رئيس الجمهورية ميشال عون في جانب من اجتماعها، لا توحي حتى الآن بأن لبنان في صدد السير بأي خيار، وأنها تدرس كل الاحتمالات". وأوضح مصدر مواكب للاجتماعات لـ"الأخبار"، أن اللجنة "بحثت في مساوئ العرض الأميركي، وأن رئيس هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط ومدير مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش المقدم عفيف غيث تولّيا قدّما شروحات تضمنت وجهة نظر تقنية من الاقتراح، وحذّرا من المخاطر المترتّبة عن القبول بطرح هوكشتين، وهما تطرّقا إلى نقطتين: الأولى أن الخط الذي يقترحه الوسيط الأميركي مرسوم بطريقة غير تقنية. إذ لا يأخذ بقاعدة الانطلاق من رأس الناقورة، ويرتكز على خط متعرّج غير صالح للاستخدام وغير معتمد سابقاً، ما يفقده قوته القانونية، والثانية ضرورة رفض التنازل عن البلوك الرقم 8 الذي يسعى الإسرائيلي إلى الحصول عليه لعلمه بما يحتويه من ثروات".
وبحسب المصادر، فإن هذه الشروحات "تؤسس لبداية سقوط الاقتراح"، مشيرة إلى أن "ثمة خشية لدى الجانب اللبناني من أن اعتماد اقتراح هوكشتين الذي يتنافى والمعايير اللبنانية (كامل الخط 23) والدولية، قد يتحوّل إلى سابقة تبني عليها الدول المجاورة في أي عملية ترسيم لاحقة مع لبنان للمطالبة بوحدة المعايير". لذلك، فإن التوقّع على نطاق واسع هو أن الصيغة بشكلها الحالي "ما رح تمرق".
كما كشفت معلومات "الأخبار"، أن "التأجيل لمزيد من الدرس هو الخيار المطروح حالياً، ولا شيء نهائياً بعد، ولو أن مصادر الاجتماع أشارت إلى "ملامح جواب" يجب أن يتبلور قريباً بناءً على اجماع وطني ومن ضمن مسار التفاوض الذي يفترض أن يُستأنف بطريقة غير مباشرة لاحقاً".