في الوقت الذي من المفترض فيه أن تعمد الحكومة إلى معالجة مختلف الأزمات التي تعاني منها الجامعة اللبنانية، في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي تحول دون وجود أي بدائل أخرى لدى الطلاب، يبدو أنها قررت الإستمرار في السياسات السابقة التي تعرقل عملها، بدليل الإضرابات المعلنة فيها، التي تحول دون عودتها إلى العمل لممارسة دورها بالشكل السليم.
في هذا السياق، تبرز مجموعة من المطالب الأساسية التي من الضروري العمل على معالجتها، هي: إقرار ملف الملاك للاساتذة المتفرغين المنجز والجاهز والذي لا يحتاج إلا لوضعه على جدول أعمال الحكومة وإقراره، إقرار ملف التفرغ للاساتذة المتعاقدين على الساعة المنجز والموجود أيضاً لدى الحكومة، تعيين العمداء، حيث كان هناك التزام من وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي بأن يعرض في أول جلسة للحكومة بعد عودتها الى الإنعقاد، خلال فترة مقاطعة وزراء "الثنائي الشيعي"، ملفّ الموازنة التي لا تكفي لتشغيل الجامعة ويحتاج إلى تعديل، بالإضافة الى دعم صندوق تعاضد الأساتذة عبر رفع مساهمة الدولة فيه لمنع انهياره والمحافظة على الحد الأدنى من التقديمات لحفظ كرامتهم.
في هذا السياق، يشير رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور عامر حلواني، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الأساتذة لم يعد لديهم إلا هذا التوقيت للتحرك، نظراً إلى أن الحكومة الحالية ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال بعد الإنتخابات النيابية المقررة في 15 أيار المقبل، في حين لا تزال ملفّات الجامعة التي لها علاقة بالأساتذة والموظفين عالقة على طاولة مجلس الوزراء، حيث القوى السياسية مختلفة على التعيينات المتعلقة بالعمداء.
إنطلاقاً من ذلك، يشدد حلواني على أن الاساتذة سيذهبون مضطرين للتصعيد في هذا التوقيت بالذات، ويكشف أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خلال إجتماع معه، أقر أن المشكلة لدى مجلس الوزراء بسبب الخلاف على ملف العمداء، بينما هناك 3 ملفات جاهزة. ويستغرب حلواني ربط هذه الملفات بملف العمداء، ويسأل: "إذا كان هناك "ملف عالق" لماذا عرقلت باقي الملفات"؟، ويضيف: "نحن ضد هذا الربط، ولا نريد ملف العمداء إذا كان هو المعرقل".
من وجهة نظر حلواني، هذا الربط يعود الى الخلاف على تقاسم الحصص، بحال كان يريد أن يكون حسن النية، أما بحال كان يريد أن يكون سيء النية فإن الهدف هو أن يكون هناك حجة لعدم القيام بأي أمر في الجامعة اللبنانية، ويؤكد أنه بحال لم تقدم الحكومة الحالية على المعالجة، فهذا يعني إستمرار الأزمة طويلاً وبشكل مرعب، بينما من الممكن أن يكون هناك تسرباً كبيراً للإساتذة من الجامعة بسبب الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية.
من جانبه، يلفت عضو هيئة التنسيق النقابية ورابطة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية الدكتور وليد الشعار، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن ملف العمداء أساسي، لكن في إطار المحاصصة هناك خلافات كبيرة حوله بين القوى السياسية الممثلة في مجلس الوزراء، كما يشير إلى أهمية ملف التفرغ، حيث تنص قوانين الجامعة على أن نسبة الأساتذة المتعاقدين لا يجب أن تتجاوز 20%، بينما اليوم هناك 20% ما بين متفرغ وملاك و80% متعاقدين.
ويوضح الشعار أن الأستاذ المتعاقد كان، قبل الأزمة الاقتصادية، قادر على تحمل الواقع المالي الذي يعاني منه، حيث يحصل على مستحقاته المالية كل عام أو عام ونصف، لكن اليوم من المستحيل ذلك، ويضيف: "حتى الآن لم نقبض مستحقاتنا المالية عن العام الماضي، بينما إذا أرادوا أن يدفعوها اليوم فهي تتراوح ما بين 10 و20 مليون ليرة عن كل عام دراسي كامل"، الأمر الذي يدفع بعض الأساتذة إلى العمل في وظائف أخرى، بينما معظمهم يسعى إلى مغادرة البلاد.
في المحصلة، يلفت الشعار إلى أنه لولا أزمة كورونا وما تركته من تداعيات إقتصادية على الأسواق لكان الاستنزاف كارثيًّا، على إعتبار أن نسبة الأساتذة المغادرين ستكون كبيرة جداً، ويعتبر أن الأولوية يجب أن تكون لمعالجة الوضع المعيشي، حتى ولو اضطر ذلك إلى تأجيل ملف العمداء بالرغم من أهميته، ويعتبر أن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع ملف الجامعة اللبنانية والمدرسة الرسمية تدل على واحد من أمرين: هناك قرار ضمني متفق عليه بإقفالها عن قصد، أو عدم وجود هكذا قرار لكن نسير بهذا الإتجاه عن غباء، نظراً إلى أنه عند فتح الأسواق العالميّة وزيادة الطلب على الأساتذة لن يبقى أحد وبالتالي ستُقفل.