فيما انتقل البحث انتخابيًّا إِلى مرحلة تشكيل لوائح مُتجانِسةٍ للمُعارضة "الثّائرة"، في مُواجهَة لوائح السّلطة الحاكمة، برز السُّؤال في السّاعات الثّماني وأَربعين الأَخيرة عن "إِمكان" تشكيل "ائتلافٍ مُعارِضٍ" لمُواجَهَة "المَنظومة السّياسيّة القائمة"!.
وفي هذا الإطار، تتواصل المُشاورات بين عددٍ مِن القِوى والمجموعات المحسوبة على "الانتفاضة"، في دائرة بيروت الأولى، وهي تتركّز في شكلٍ خاصٍّ، بَيْن تنظيم "مدينتي" الّذي يُرشّح ليون تلفزيان (أَرمن أُرثوذكس)، ندى الصّحناوي (المقعد الكاثوليكيّ)، طارق عمّار (المقعد الأُرثوذكسي)، جاك جندو (مقعد الأَقليّات)، و"تحالُف وطني" الّذي يُرشّح كُلّاً مِن النّائبة المُستقيلة بولا يعقوبيان (أَرمن أُرثوذكس)، المُرشّحة ماغي نانيجيان (أَرمن أُرثوذكس) والمرشّحة إِضافة إِلى اختيار مجموعة "ReLebanon" الّتي تُعتبر ضمن "تحالُف وطني" ترشيح سينتيا زرازير (مقعد الأَقليات).
وفي حين يُفتَرض انحسار عدد بعض المُرشّحين الّذين يُمثّلون المجموعات إِذا نجحت المُشاورات القائمة، باعتبار أَنْ ثمّة أَكثر مِن مُرشّحٍ عن المقعد نفسه. وتتركّز المُفاوضات على "انتقاء المُرشّحين الأَنسب على اللائحة المُؤْمَل في ولادتها، إِنطلاقًا مِن "تمثيل مناطق الدّائرة على تنوُّعها، والأَخذ في الاعتبار التنوّع العمريّ، والسّعي إِلى أَن تضمّ اللائحة عددًا مُتساويًا مِن المُرشّحين الرّجال والنّساء"، في وقتٍ يُؤْخَذ على عددٍ كبيرٍ مِن اللوائح الانتخابيّة، على مُستوى كُلّ لُبنان، أَنّها قد أَهملت "الكوتة النّسائيّة" في متن تشكيلاتها...
تنظيم "مدينتي"
وفيما المساعي مستمرّةٌ في دائرة "بَيْروت الأُولى" بهدف "بَلْوَرة لوائح" وإِقامة "مُفاوضاتٍ تحالُفيّةٍ"، يُراهن تنظيم "مدينتي" على امتلاكه مشروعًا إِنقاذيًّا مُتكاملًا، قد أَسّست له مُنذ العام 2016، قاعدته الاقتصاد الحديث، في وقتٍ يُهَيمن شبح المجاعة في طول البلاد وعرضها... نافخًا بأبواق الانهيار الشّامل... وفي هذا الإِطار يرى المرشّح عن الأَقليّات جاك جندو أَنّ "الحَوْكَمَة والتحوُّل الرّقميّ هما الخلاص الوحيد للُبنان، بدلًا مِن التّفكير في الاستعطاء، وانتظار أَن تأتينا الرّحمة مِن الخارج".
ويستغرب جندو كيف أَنّ اللُبنانيّ الّذي "نجح خليجيًّا في إِرساء دعائم الحُوكمة والتحوُّل الرّقميّ، قد حالَت التّشريعات البالية عندنا دُون الإِفساح في المجال أَمامه، وعلى رُغم امتلاك الجيل الجديد المهارات اللُبنانيّة، لتطوير المعاملات وتحديثها".
وكان جندو جال الأَحد الماضي في بَيْروت الأُولى، على عددٍ مِن مناطق دائرته الانتخابيّة، في حملةٍ مُبتكرةٍ، قائمةٍ على استطلاع رأي النّاس، ومُحاورتهم في هُمومهم، والاستماع المُباشر إِلى شكواهم، مِن دون أَن يعرفوا أَنّه مُرشّحٌ نيابيٌّ، إِفساحًا في المجال أَمامهم للتّعبير الحُرّ عن كُلّ ما يُراودهم مِن هُمومٍ ومشاكل. وقال جندو إِنّ الحملة ستستمرّ وتشمل مناطق غير بيروت، إيمانًا منه بأنّ "النّائب إِنّما هو للأُمّة جمعاء"!.
"تحالُف وطني"
وفي المُقابل يرصُد "تحالف وطني" ما قد تبادر به "المَنظومة الحاكمة" لكي يَبني على الشّيء مُقتضاه. لذا فقد توقّعَت النّائب المُستقيلة بولا يعقوبيان، على سبيل المِثال لا الحصر، أَن يُحاول "البنك الدّوليّ تكبيل السّياسيّين، لعدم استعمال البطاقة التّمويليّة في المحسوبيّات والانتخابات، وهم (أَي السّياسيّون)، يُحاولون البحث عن طُرقٍ للاستفادة مِن الأَموال".
وعليه، فيعقوبيان تعتمد في مُقاربتها، طريقةَ الفعل وردّ الفعل... وهذا ما يَظهر تاليًا في الخطاب السّياسيّ الّذي تعتمده في "تحالف وطني". هو خِطابٌ العالي النّبرة ومُشبَع شعبويًّا!... وقد يأْنس النّاس لهكذا خطابٍ مُدغدغٍ للمشاعر ولاعبٍ على العواطف...
هل مِن لائحةٍ مُشتركَةٍ؟
قد تكون حُظوظ التّسوية بَيْن "تنظيم مدينتي" و"تحالُف وطني" غير مرتفعةٍ جدًّا، بالنّظر إِلى تبايُناتٍ عدّة بَيْن اللائحتَيْن وكذلك التّبايُن في مُقارَبة المسائل بينهما، إِلَّا أَنْ لا شيء يمنع التّجربة، علّ الأُمور تُفضي إِلى نهجٍ مُوحّدٍ في السّباق التّشريعيّ المُحتَدِم!.