تساءل تقريرا نشرته مجلّة "فورين أفيرز" الأميركية، عما إذا كانت روسيا تستعين بالصين لمساعدتها على إخفاء أموال، في احتمال تدعمه تحركات مالية مشبوهة قبل وقوع "الغزو" الروسي لأوكرانيا.
أثر الإبعاد عن الأسواق المالية العالمية بالفعل على اقتصاد روسيا رغم أن شهرا واحدا فقط مر منذ الحزمة الأولى من العقوبات.
ودفعت العقوبات التي فرضت في 26 شباط المستثمرين الدوليين إلى الخروج من الأسواق الروسية، وفي غضون ساعات فقط، فقد الروبل ما يقرب من ثلث قيمته ورفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة من 9.5% إلى 20% لوقف بيع الروبل وإبطاء انخفاض قيمة العملة، في حين أمرت الحكومة المصدرين الروس بالتخلي عن 80% من إيراداتهم من العملات الأجنبية.
وستساعد مثل هذه التدابير النظام على الحفاظ على الدولارات على المدى القصير - ولكن من خلال رفع تكلفة رأس المال التجاري والاقتراض الاستهلاكي بشكل كبير، فإنها ستلحق ضربة قوية بقدرة روسيا على الحفاظ على قوتها في حرب كبرى طويلة.
وبحسب تقرير مجلة فورين أفيرز، فإنه "بعد أن جمع بوتين 630 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، كان واثقا من قدرته على الصمود في وجه كل ما قد يلقيه الغرب عليه، ولكن الآن، وبسبب العقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي، فقد أصبح معزولا عن جبل أمواله".
وأضافت المجلة، أن "أبحاثنا تشير إلى أن روسيا ربما تكون قد خبأت عشرات المليارات من الدولارات من الأصول الاحتياطية في حسابات خارجية مبهمة، حيث تحتفظ بأوراق مالية مقومة بالدولار بعيدا عن متناول العقوبات الدولية وتجميد الأصول".
ويقول تقرير المجلة: "نرى مؤشرات على أنه عبر فترتين مختلفتين - واحدة في منتصف عام 2018 والأخرى في أواخر العام الماضي، حيث عززت روسيا قواتها على الحدود الأوكرانية - ربما تكون روسيا قد خبأت ما يصل إلى 80 مليار دولار من سندات الخزانة في الخارج، ,قد يكون إجمالي حيازات روسيا من الدولار في الخارج أعلى، وهناك أيضا دلائل على أن روسيا ربما تكون قد نقلت بعض دولاراتها بمساعدة حكومة أجنبية".
وعلى الرغم من أن حالة الطوارئ المالية اليوم قد تكون الأسوأ التي تحل بروسيا منذ أزمة الروبل في عام 1998، عندما اضطرت موسكو إلى إعادة هيكلة ديون تزيد قيمتها عن 70 مليار دولار، فإن العقوبات الغربية قد تكون أقل صرامة مما تشير إليه التقارير الإعلامية وتعليقات زعماء العالم.
ويشير التقرير إلى "اختفاء" 38 مليار دولار في عملية بيع لسندات قامت بها روسيا في عام 2018.
ويضيف التقرير أن "نظام بوتين قد يحتفظ بعشرات المليارات من الدولارات من سندات الخزانة الأميركية التي لا يمكن تتبعها حاليا".
ولفتت المجلة إلى أن ارتفاعات كبيرة بشكل غير طبيعي وجدت في حيازات مصارف جزر كايمان بقيمة 20 مليار دولار وحيازات بلجيكية بقيمة 25 مليار دولار. بمبلغ إجمالي بالغ 45 مليار دولار وهو أكثر من كاف لحساب الحيازات الروسية المفقودة.
ويقول الموقع إن إخفاء الأوراق المالية المقومة بالدولار في حسابات خارجية يجعل من الصعب استهدافها بالعقوبات.
ويعتبر مبلغ 38 مليار دولار من الأصول الدولارية، بحسب الموقع، مهما لقدرة روسيا على شراء الواردات الأساسية أو الوفاء بمدفوعات الفائدة على ديونها السيادية.
وتقول المجلة إنه بمجرد أن بدأ بوتين في التحضير لـ "غزو" كبير لأوكرانيا، تم إعداد المسرح لخطوة كبيرة أخرى في مخبأ وزارة الخزانة الروسية.
ووفقا لأرقام وزارة الخزانة الأميركية المنشورة في 15 شباط، ارتفعت حيازات سندات الخزانة البلجيكية في كانون الأول 2021 بمقدار هائل بلغ 47 مليار دولار.
ويقول الموقع، إن من شبه المؤكد أن الصين كانت وراء زيادة سابقة في عام 2014، وطوال ذلك العام، ارتفعت أصول بنكها المركزي مضيفة "من الواضح أن بنك الشعب الصيني كان يبني صندوق الحرب الخاص به من احتياطيات الدولار ويخزنها في سندات الخزانة".
ومع ذلك، في عام 2021، ظلت احتياطيات بنك الشعب الصيني ثابتة، مما يشير إلى مصدر مختلف للارتفاع المفاجئ في الحيازات.
ويقول الموقع "من المرجح أن يكون هذا المصدر هو روسيا".
وعلى الرغم من أن العقوبات حظرت المعاملات مع البنوك الروسية الكبرى، إلا أنه كان بإمكان موسكو بسهولة استخدام وسطاء غير روس عند وضع حيازاتها من الخزانة لدى يوروكلير.
ويشير الموقع، إلى أنه كان بإمكان البنك المركزي الروسي هيكلة معاملاته لتجاوز العقوبات تماما.
وقبل أشهر فقط من التعرض لعقوبات مالية شاملة، ربما تكون روسيا قد عزلت 40 مليار دولار أخرى أو أكثر من سندات الخزانة التي يمكن أن تستفيد منها في قرصة.
وتقول فورين أفيرز إن الصين قد تكون وسيط روسيا لإخفاء سندات الخزانة في الخارج.
وفي كانون 2021، في نفس الوقت الذي ارتفعت فيه حيازات وزارة الخزانة البلجيكية بمقدار 47 مليار دولار كعائدات كما يبدو لبيع سندات الخزانة، أبلغ البنك المركزي الروسي عن زيادة هائلة بقيمة 41 مليار دولار في عملته وودائعه المحتفظ بها في "البنوك المركزية الوطنية الأخرى".
ويقول الموقع إن المتلقي الأكثر ترجيحا لهذه الودائع هو بنك الشعب الصيني.
ويمتلك البنك المركزي الروسي وصندوق الثروة السيادية ما يقدر بنحو 140 مليار دولار من السندات الصينية.
وتظهر بيانات من حزيران 2021 أيضاً، أن الصين تمتلك 14.2% من احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي، وهي أكبر حصة من أي دولة.
ويقول تقرير المجلة "لن تترك هذه الأموال بالضرورة أثرا واضحا في الميزانية العمومية الضخمة لبنك الشعب الصيني البالغة 3.2 تريليون دولار".
ويضيف أن من شأن مثل هذا الترتيب أن يفسر لماذا قفزت عملة بنك الشعب الصيني وودائعه لدى البنوك التي تتخذ من الصين مقرا لها بمقدار غير مسبوق بلغ 13 مليار دولار في كانون الأول الماضي، في نفس الوقت الذي تم فيه تسجيل البيانات المالية البلجيكية والروسية الشاذة.