أكّد وزير الدّاخليّة بسام مولوي، تعليقًا على إمكانيّة تنقية العلاقات اللّبنانيّة- الخليجيّة، والبيانين اللّذين صدرا عن الخارجيّة السّعوديّة ونظيرتها الكويتيّة، "أنّني لم أشك يومًا بنقاء العلاقة اللّبنانيّة- الخليجيّة وبياضها، وبأنّ دول الخليج الّتي احتضنت لبنان وحرصت على مصالحه يمكن أن تسمح بأي جدارٍ، سميكًا كان أو غير سميك، يعترض علاقة لبنان بمن أسميْتُها "دول الفضل وأهل الخير"، أو أن تسلّم بجدارٍ غير قابل للاختراق".
وركّز، في حديث إلى صحيفة "الرّاي" الكويتيّة، على أنّ "علاقة لبنان بدول الخليج هي علاقة شقيق أصغر بشقيق أكبر، وعلى الأصغر أن يتحلّى بالوفاء. وما من شكّ في أنّ الأكبر يتحلّى بالحكمة وحُسن القرار وصوابيّته، وهو ما عوّدتنا عليه القيادة الخليجية، ولذا فإنّني لا أسمّي ما حصل "اختراقًا" في الجدار، بل هو نهج دائم يقوم على احتضان دول الخليج للبنان". وأشار إلى أنّه "لم يكن يساورني أيّ خوف من أنّ هذه الدّول ستترك لبنان، لاقتناعي الرّاسخ بحكمة القادة في السعودية والكويت والإمارات، وفي سائر دول مجلس التّعاون، وبأنّ مواقفهم تصبّ دائمًا في مصلحة لبنان".
ورأى مولوي أنّ "ما حصل واصطُلح على تسميته بـ"الأزمة"، سببه مُحِقٌّ من النّاحية السّعوديّة والخليجيّة. فمن حقّ دول مجلس التعاون الإضاءة على ما يصيبها من أذى ويلحق بها من ضرر، نتيجة سلوك جهة معينّة أو مجموعة بعينها من لبنان. فمن قضيّة الوزير السّابق جورج قرداحي، إلى الوقاحة في تهريب المخدرات إلى دول الفضل والخير، مرورًا بما تضمّنتُه الورقة الكويتية عن الوقاحة في الاعتداء اللّفظي والفعلي على دول الخليج الّتي تحبّ لبنان... كلّها وقائع دفعت السعودية ودول الخليج إلى القول، وعن حق، إنّ ما هكذا يُبادَل الحرصُ على لبنان ومحبّته والوقوف الدّائم إلى جانبه، بأذى هذه المجموعة وضررها، وخصوصًا أنّ السعوديّة والكويت ودول الخليج الأخرى لم تميّز بين اللّبنانيّين، وخيرها عمّ الجميع وكانت لها مساهمات كبيرة في الإعمار".
وذكّر بأنّه "حتّى في حرب تموز 2006، ساعدت وبنت، إضافة إلى أن اللبنانيين المقيمين في الخليج والذين يعملون في دوله، هم من جميع الفئات والطوائف، كما أن الإخوة الخليجيين عندما يصطافون في لبنان يقيمون في جميع المناطق ويعمّ خيرهم على الجميع"، مؤكّدًا أن "من حق السعودية وسواها من دول الخليج، رفْع الصوت والقول إنها تتعرض للأذى من مجموعات أو من سياسات لجهاتٍ في لبنان تؤيد وتناصر المُسيَّرات والصواريخ التي تعتدي على السعودية ودولة الإمارات وتهدّد أمن الآمنين فيهما".
وأعلن مولوي أنّ "ما قام به لبنان، أو ما قمتُ به في لبنان لم يكن أكثر من واجبي، وبحسب الدستور الذي يؤكد على هوية لبنان وانتمائه العربيَين، وبحسب القانون الذي يمنع التعرّض للدول العربية وتعكير الصلات معها ويعاقب على ذلك، ويمنع تهريب المخدرات وتوجيه الأذى اللفظي للدول الشقيقة ولحكامها... قمتُ بذلك وأنا مقتنع بما فعلتُ وسأبقى أقوم بذلك دفاعاً عن الدولة التي بالنسبة إلينا هي إيمان مطلق وخيار لا يعلوه أي غبار".
كما لفت إلى "أنني عندما قمتُ بما يُمليه عليّ ضميري وواجبي، في مكافحة تهريب المخدرات ومنع الأنشطة المؤذية لدول الخليج، كنت أُسأل عما إذا كانت لديّ ضمانات بعودة العلاقات مع السعودية والكويت وسواهما إلى سابق عهدها، وكنت أردّ بأنني أقوم بواجبي وأطبّق القانون والدستور ليس إلا، ولا أطلب أي ضمانات ولم أفكّر بها، وتالياً ما حُكي عن اختراق، هو قرار سعودي وقرار كويتي، ولم يخطر على بالي للحظة إنهما سيتخليان عن لبنان".
وأفاد بأنّه "تكثر الأسئلة عن هذا الاختراق وتوقيته، هل هو نتيجة ما قام به وزير الداخلية أو رئيس الحكومة أو أنه ثمرة لدور فرنسي... أنا أقول إن ما حصل هو قرار سعودي وكويتي وخليجي كنتُ على اقتناع انه سيحصل. نحن علينا القيام بواجبنا والكف عن التذاكي وكأننا نملي على الآخَرين، وعندها لا يبادلنا الأشقاء إلا العناية والخير، فنحن إلى جانبهم وإلى جانب أمن مجتمعاتهم، فهذه مصلحتنا".
وشدد مولوي على "أنني فخور بما قمت به في ميدان منع تهريب المخدرات إلى الدول العربية وسأواصل هذا الجهد دائماً، لكن هل أنا مُطْمَئن؟ لا اطمئنان في الأمن الذي يحتاج إلى متابعة وحذر، وأيُّ اطمئنانٍ في المجال الأمني في شأنه أن يؤدي إلى ثغر"، مبيّنًا أنّ "همّنا الدائم والأكيد هو منع معاودة تهريب المخدرات إلى الدول العربية وقطع دابر استهدافها وإلحاق الأذى بها، وعملنا سيكون متواصلاً لضمان استمرار نجاحنا في هذا المجال".
وعن مثابرته على مستوى منع الأذى اللفظي عن دول الخليج عبر أنشطة ومنتديات مناهضة لها، فسّر أنّ "ما قمنا به هو تطبيق للقانون والدستور، فالأذى اللفظي كالأذى الفعلي يلحق الضرر بالنفوس رغم حصانة المجتمعات في دول الخليج العصية على هذه الحملات من بعض المنتديات التي لا تسيء إلى دول الخليج بقدر ما تسيء إلى لبنان وإلى منطق الدولة في لبنان، وإلى أمنه المجتمعي".
وعمّا إذا كان لبنان قادرًا على الالتزام ببنود المبادرة الكويتية، ركّز على أنّ "المبادرة الكويتيّة المشكورة هي ورقة خليجية، بحسب ما أخبرني وزير الخارجية الكويتية أحمد الناصر، الّذي شرّفني بزيارته للداخلية. وللكويت الفضل في حَمل هذه المبادرة وبذل الجهود، كما دول الخليج الأخرى، من أجل إعادة العلاقات مع لبنان إلى سابق عهدها".
وذكر مولوي أنّه "لإعادة العلاقات مع الخليج إلى ما نصبو إليه، ينبغي إصلاح الخلل المرتبط بالجانب الداخلي في لبنان. ويجب أن نقرّ بأن الخلل سببه بعض المجموعات وبعض السياسات، وبعض المجرمين تجار المخدرات"، كاشفًا "أنني اطلعتُ على الورقة الكويتية ومضمونها القابل للتطبيق، عبر قرار صريح وواضح وحاسم بتنفيذ القانون والدستور والالتزام بقرارات الشرعية الدولية. علينا ألا نستحي عندما نقول إنه يجب تطبيق قرارات الشرعية الدولية، لأن احترام الشرعية الدولية واجب، في القانون الدولي كما في القانون المحلي، كما علينا التقيد بمقتضيات الشرعية العربية التي تؤمّن المظلة لكل تطور سياسي إيجابي في لبنان. يجب أن نُطبِّق قرارات الشرعية الدولية، وأن نستظلّ الشرعية العربية".
وأوضح "أنّني في وزارة الداخلية حققتُ ما يعنينا من مضمون الورقة الكويتية، إن على صعيد مَنع الأذى اللفظي والفعلي ومَنع أي نشاط لمنتدياتٍ في وجه دول الخليج وكل ما يتعلق بتصدير الأذى كالمخدرات... قمتُ بذلك منذ تسلُّمي الداخلية وزيارتي الأولى لجهاز أمن المطار، واستمررت في القيام بذلك، قبل الورقة الكويتية وبعدها، وسأقوم به دائماً. أما في شأن النقاط السياسية، فعلى الحكومة الاستجابة لها وهي قادرة، ويجب أن يكون قرار الحكومة واضحاً وبلا أي تردد".
إلى ذلك، أكّد أنّ "على الحكومة الالتزام بقرارات الشرعيّة الدوليّة وتطبيقها، وعلى الحكومة حماية السلم الأهلي وتأمين مقتضياته. المسألة ترتبط بالإرادة والفعل. قرارات الشرعية الدولية التي صدرت لحماية لبنان وأهله لا تُعَرِّض السلم الأهلي للاهتزاز"، مشيرًا إلى "أنّني عندما منعتُ المنتديات المسيئة لدول الخليج وأزلتُ صوراً ولافتات مسيئة للسعودية والإمارات في بعض المناطق، لم يهتز الوضع الأمني ولا السلم الأهلي. وعندما يكون المسؤول واضحاً وشفافاً وعادلاً لا خشية على السلم الأهلي".
على صعيد آخر، رأى وزير الدّاخليّة أنّ "ما يحدث على الصعيد القضائي- المصرفي سببه عدم تطبيق القانون. وقد طلبتُ في مجلس الوزراء من الجميع تطبيق القانون. وبهذه الطريقة نحن لا نحمي المصارف بل نحمي الناس، لا نحمي حاكم المصرف المركزي، إنما نحمي مؤسسة المصرف المركزي المسؤولة عن سلامة النقد الوطني"، لافتًا إلى أنّ "هدفنا حماية الناس، والوسيلة هي بالقانون وحُسن تطبيقه والنظر إلى تداعيات كل قرار يُتخذ".
وشدّد على أنّ "من غير المقبول أن يتخذ بعض القضاء قرارات غير قانونية وغير صحيحة وغير حكيمة، وأن تكون قراراته متفلتة من أي ضوابط أو أي عقال. القانون منطقٌ كُتب على ورق، فمن غير المقبول أن تصدر قرارات قضائية لا علاقة لها بالقانون وبالمنطق، أو أن تصدر قرارات انطلاقاً من خلفيات سياسية وانتقامية". وجزم أنّ "على القاضي أن يكون متجرداً، وأن ينظر إلى المتقاضين بالطريقة عينها، وإذا مال لأحدهم يكون خرج عن حياديته. ولا يكفي أن يكون القاضي مقتنعاً بحياديته، بل يجب أن يُقْنِع الغير بها".
ووجد أنّ "ما يحصل من بعض القضاء لا علاقة له بالحيادية أو الوضوح أو الشفافية. بعض القضاء واضح في كرهه لأحد الجهتين، والقاضي عندما يبدي كرهاً أو عداوة أو أي تصرف يُخشى معه الميْل (لأحد الجانين)، عليه أن يتنحى عن الملف وإلا وجب رده وكف يده. وهذا ما ينص عليه القانون اللبناني كما كل قوانين العالم". وركّز على أنّ "ما نراه اليوم هو جنوحٌ من القاضي نحو أحد الجهتين وكرهٌ لأحدهما، وهذا يجب ألا يكون في القضاء. ما يحصل خطير جداً وقد يؤدي إلى انفجار اجتماعي".