أشارت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير، الى أن "الرئيس الأميركي جو بايدن أثار ضجة واسعة بإعلانه أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يمكنه البقاء في السلطة، وأدى ذلك إلى تدافع مسؤولي البيت الأبيض، حيث بدا أن بايدن يقترح تغييرا جذريا في السياسة الأميركية".
ولفت الصحيفة إلى أن "بايدن كان كثيرا ما يذكّر جمهوره خلال حملته الانتخابية بالوزن الثقيل الذي يمكن أن تحمله كلمات الرؤساء"، إذ كان يردد أن "كلام الرؤساء مهم"، و"يمكنهم تحريك الأسواق"، و"يمكنهم إرسال رجالنا ونسائنا الشجعان إلى الحرب"، و"يمكنهم إحلال السلام".
يذكر أن بايدن قال في خطابه في بولندا، أمس السبت، "بحق الله، لا يمكن لهذا الرجل (بوتين) أن يبقى في السلطة".
وصف التقرير عبارة بايدن بأنها "كانت تصريحا مهما من شأنه أن يعكس السياسة الأميركية المعلنة، ويتعارض بشكل مباشر مع ادعاءات كبار مسؤولي الإدارة -ومن ضمنهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن- الذين أصروا على أن تغيير النظام ليس مطروحا على الطاولة، بل ذهب إلى أبعد مما قاله حتى رؤساء الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، وتردد صداه على الفور في جميع أنحاء العالم حيث سعى قادة العالم، والدبلوماسيون، وخبراء السياسة الخارجية إلى تحديد ما قاله بايدن، وما يعنيه؟ وإذا لم يقصد هذا التصريح، فلماذا قال ذلك؟".
وبعد وقت قصير من الخطاب، سعى مسؤول في البيت الأبيض للتوضيح، إذ قال: "كانت وجهة نظر الرئيس هي أنه لا يمكن السماح لبوتين بفرض القوة على جيرانه أو المنطقة؛ فلم يكن يناقش سلطة بوتين في روسيا أو تغيير النظام".
وأشار التقرير، وفقا لشخص مطلع على الخطاب تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إلى أن "عبارة بايدن لم يكن مخططا لها وكانت مفاجئة للمسؤولين الأميركيين. وفي أعقاب التصريح مباشرة، سارع المراسلون للبحث على مساعدي بايدن للحصول على توضيح بشأن الرئيس الذي يدعم -على ما يبدو- تغيير النظام في روسيا. لكن مساعدي بايدن اعترضوا، ورفضوا التعليق في أثناء مسارعتهم لصياغة رد".
وأوضح الدبلوماسي الأميركي آرون ديفيد ميللر أن "الخطاب كان مهما للغاية. وهذه واحدة من تلك الخطب حيث يرسم سطر واحد هدف الخطاب".
ولفت ميللر الى أنه "لو لم يوضح البيت الأبيض على الفور المقصود بقول بايدن، لكانت العبارة قد أدت إلى تحول كبير في السياسة ولكان بوتين فهم أن الولايات المتحدة ستحاول طرده من منصبه. ومن غير الواضح التأثير الكامل للتعليق في الأيام المقبلة. وقال إنه يكره المخاطرة، لا سيما مع رجل لديه أسلحة نووية. لكن هل ستكون لعبارة بايدن عواقب عملية؟ لا أحد يدري".
وركز التقرير الى أنه من المحتمل أن "تشير عبارة بايدن إلى ما كان يشك فيه بوتين بالفعل بشأن مشاعر بايدن الحقيقية، ومن شبه المؤكد أنه سيتم استخدامها ضمن الدعاية الروسية، لكنها أيضا توفر نافذة على تفكير بايدن الحالي، وبعض من طريقة تفكير الإدارة في ما يتعلق ببوتين".
بحسب التقرير، خلال الأسابيع القليلة الماضية أصبح خطاب بايدن عن بوتين حادا بشكل متزايد. وأضاف التقرير أن "بايدن روى مرة أنه قال لبوتين في وجهه ذات مرة لا أعتقد أن لديك روحا، والأسبوع الماضي وصفه بأنه "مجرم حرب" واليوم يطلق عليه لقب "جزار"، و"بلطجي"، و"دكتاتور قاتل"، لذا فإن القول بأنه يجب إبعاده عن السلطة يمكن أن يُنظر إليه على أنه خطوة منطقية بعد كل ما قيل".
وجاء رد روسيا على لسان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لوكالات الأنباء الحكومية: "هذا ليس من اختصاص بايدن. يتم انتخاب رئيس روسيا من قبل الروس".
وأوضح بعض المسؤولين، في كل من الولايات المتحدة وخارجها، أن "تعليق بايدن كان اعترافا صادقا بالواقع، فمن المحتمل ألا تكون للولايات المتحدة علاقة طبيعية مع بوتين بعد الغزو. لكن القلق الأكبر قد يكون، على المدى القصير، أن خطاب بايدن يمكن أن يصعد التوترات ويجعل من الصعب العثور على أي مخرج دبلوماسي".
وأشار التقرير أنه يجب أن "تكون هناك أولويتان الآن: إنهاء الحرب بشروط يمكن أن تقبلها أوكرانيا، وتثبيت أي تصعيد من جانب بوتين".
وبدوره، اعتبر الدبلوماسي ورئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ريتشارد هاس، أن "هذا التعليق كان غير متسق مع هذين الهدفين، والأمر المحبط حتى الآن أن إدارة بايدن تصرفت بانضباط كبير. هذا يتعارض مع اتجاه تعاملهم مع هذه الأزمة، من الواضح أنهم أدركوا ذلك، لقد عادوا في غضون دقائق، المشكلة من وجهة نظر بوتين هي أن بايدن كشف عن نيته ونياتنا الحقيقية".
وعلق محلل السياسة الخارجية والرئيس التنفيذي لمجموعة "روثكوبف" الأميركية ديفيد روثكوبف، على ما قال بايدن بأنه "يوجد في تعليق بايدن نواة من الحقيقة، لا يمكن لفلاديمير بوتين أن يهدم بلدا، ويقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ويرتكب جرائم حرب متسلسلة، ويتوقع أن يلقى الترحيب مرة أخرى في المجتمع الدولي. إذا كانت روسيا تريد أن تكون جزءا من مجتمع الدول، فسيتعين عليها إحداث التغيير".