تشير التحقيقات الأوّلية مع المشتبه فيه الأول حسين ف. في جريمة قتل أمّ وبناتها الثلاث من بلدة أنصار، أوقفَ قبل أيام من قبل مديرية المخابرات في الجيش، أنه نفذّ جريمته عن سابق إصرار وتصميم.
عملياً، كان يفترض بالقطعة الأمنية التي وصلتها الاستنابة حول وجود أفراد مختفين، أن تباشر عملها كما ينصّ عليه القانون، غير أن ما حصل مثّل علامة فارقة. وبحسب معلومات "الأخبار" ، انحصر تحرك التحري في انتظار أي معلومات إضافية من دون التعمّق في التفاصيل، أو التوسّع في القضية من خلال إجراء التقصي والتحرّيات اللازمة كاحتمال قائمة لحصول عملية خطف. وطوال 25 يوماً على حصول الجريمة، لم يُدرج التحري أي إضافة على ما جرى، وهو ما يمكن إدراجه في خانة الإهمال. يضاف إلى ذلك مسار قضائي ليس أقل سوءاً، تعامل مع قضية الاختفاء على أنها حادثة غياب غير قصري وناتجة من قرار بمحض الإرادة، وسرعان ما يجري حلها.
وتشير معلومات "الأخبار"، إلى أن الموقوف/المشتبه فيه، قدّم إفادة أمام المحققين في مديرية المخابرات كشفت خيوطاً حول علاقته بالإجهاز على المغدورات.
وبحسب مصادر "الأخبار"، تقدم حسين ف. بمزيد من الاعترافات بعيد ساعات من تسلّمه، يمكن اعتبارها أنها تقدم صورة مبدئية حول ما جرى تلك الليلة. فقد ذكر الموقوف أنه قام باستدراج الضحايا بناء على فكرة ناقشها مع شريكه سوري الجنسية، من خلال دعوة على العشاء في أحد مقاهي مدينة صور. وبعد قبول المغدورات تلبية الدعوة، وفي أثناء وجودهن في سيارته، ادعى رغبته في اطلاعهم على العمل الجاري في مغارة موجودة في خراج بلدة أنصار (كان قد أعدّها مسبقاً مع شريكه لغرض إتمام الجريمة)، مدعياً أنها عبارة عن مشروع سياحي يقوم بإنجازه. وعند وصولهم إلى المغارة قاما بضرب الضحايا على رؤوسهن من جهة الخلف ودفعهن إلى داخل المغارة ومن ثم إطلاق النار عليهن من سلاح صيد بنية القتل (عثر عليه في منزل حسين ف.). ولاحقاً وبناءً على مشورة شريكه السوري، قاما بدفن الجثث وإغلاق الحفرة بمادة الإسمنت منعاً لانبعاث الروائح، وغادرا المكان.
وتشير المعلومات، إلى أن التقرير الأولي للطبيب الشرعي، لم يذكر وجود أي عبث في الجثث، ما له أن يقضي على فرضية بيع الأعضاء كسبب أدى إلى حصول الجريمة.
وتشير معلومات "الأخبار"، إلى أن التحقيقات مع الجاني والتي تتمّ تحت إشراف القاضي غسان عويدات، وعدت شعبة المعلومات بإنجازها ورسم الصورة الكاملة للجريمة خلال 3 أيام من تاريخ تسلم المتهم من مديرية المخابرات، علماً أن الأخيرة كان لها الحصة الأكبر من كشف ملابسات ما حصل، بدءاً من العثور على الجاني ثم الوصول إلى مكان دفن الجثث وإماطة اللثام عن السياق المبدئي للجريمة.
لغط قانوني
وفي السياق القانوني، ذكرت "الأخبار" أن خطوة القاضي فادي عقيقي بالادعاء على رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أثارت لغطاً حول قانونية الادعاء بعد ختم التحقيقات وإحالة الملف إلى قاضي التحقيق، ما يعني أنه لم يعد قادراً على التدخل فيه. غير أن مصادر قانونية أكّدت لـ"الأخبار" أنه يحق للنائب العام، كونه يمثل الحق العام، وفي حال توافر أي عناصر جديدة أن يضمّها إلى الملف ويتحرّك بموجبها حتى بعد إحالة الملف إلى قاضي التحقيق، بناءً على نص المادة 63 من أصول المحاكمات الجزائية، وبالتالي، بإمكان عقيقي أن يعدّ أقوال أعرج بمثابة إخبار. في المقابل، يحق لقاضي التحقيق، بدوره، طلب الاستدعاء بصفة شاهد والاستماع إلى المستدعى، غير أنّه لا يحق له توجيه أي ادعاء، بل العودة بالإفادة إلى النيابة العامة للاطلاع، وتقع على الأخيرة صلاحية التحرك بناءً على مضمون ما يرد إليها.
أكدت مصادر قضائية لـ"الأخبار" أنّ "ادّعاء عقيقي حصل قبل تبلّغه طلب الرد، مؤكدة أنّه يُفترض أن يوقّع على تبلّغه بردّه اليوم" . وفي الخلفيات، كشفت مصادر لـ"الأخبار" أن وكلاء أهالي شهداء الطيونة الذين كانوا قد تقدّموا قبل أشهر بطلب لردّ صوان، تراجعوا أخيراً عن هذا الطلب عقب اتصالات سياسية وبلدية للوصول إلى تسوية، ما سمح للقاضي صوان باستئناف تحقيقاته. عندها، تقدم حزب القوات بطلبات لإخلاء سبيل الموقوفين، لكنهم خشية قيام عقيقي برفضها تقدموا بطلب لردّه عن الملف، إلا أن الأخير قرر الادعاء قبل أن يتبلّغ بالطلب.
أما في ما يتعلق بما أعلنه عن توافر معطيات جديدة في الملف، فإن ذلك، بحسب المصادر، مدعاة ارتياب أصلاً. فالقاضي عقيقي استند إلى مقابلة على يوتيوب مع الرئيس السابق لتنظيم نمور الأحرار جورج أعرج تحدث فيها عن مسؤولية القوات عن المجزرة، وأنّ مسؤول أمن جعجع زاره قبل ليلة من الجريمة ليطلب مساندة الأحرار "لنكون جميعنا في المعركة… وقلّي بكرا مش نظيف". وأضاف: "كلّن بشرّانية إجوا من بشري على عين الرمانة".
وبحسب المصادر، فإن أعرج لم يُقدّم جديداً يختلف عن مضمون التحقيقات التي توصلت إليها استخبارات الجيش عن مسؤولية القوات اللبنانية في الجريمة، وإن كان قد عزّزها. وبالتالي، فإنّ استناد عقيقي إلى مضمون هذه المقابلة غير كافٍ للادعاء. إذ يُفترض به قانونياً أن يستدعي أعرج لتثبيت مضمون إفادته في محضرٍ رسمي يحصل الادعاء بموجبه.