لم تكفّ "المنظومة" السياسية عن محاولاتها، منذ أشهر، لتمرير مشروع "كابيتال كونترول" مقنّع يهدف إلى نهب وسرقة ما تبقى من أموال المودعين، في حين أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف طبّقوا "الكابيتال كونترول"، منذ ما بعد 17 تشرين الأوّل 2019 إلى اليوم، بطريقة غير مباشرة، عبر السماح بتحويل مليارات الدولارات إلى الخارج من جهة ومنع المودعين من سحب أموالهم من جهة أخرى.
محاولات "تهريب" قانون لتشريع الاحتيالات والمخالفات السابقة وقرصنة ما تبقى من أموال مستمرّة، سواء أردنا أن نسمّيها هكذا أو لا. تحت ذريعة "الكابيتال كونترول"، تريد الحكومة، التي يعتبر رئيسها نجيب ميقاتي أن سلامة هو ضابط في "الحرب" لا يمكن الاستغناء عنه، في حين أنّه ملاحق في عدّة بلدان بتهمة "اختلاس الاموال"، أن تعطي حاكم المركزي صلاحيّات استثنائية، مع لجنة خاصة تضع بين يديها مصير المودعين وهذا ما كشفته "النشرة" منذ أيّام عدّة عن عمليّة الاحتيال هذه لتشريعها في المجلس النيابي.
في قانون الكابيتال كونترول أو قانون "إبراء ذمة" المصارف ومصرف لبنان من كل الارتكابات السابقة، تتحدّث المادّة الخامسة عن إنشاء لجنة خاصة مؤلّفة من: وزير الماليّة، وزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير البيئة. وهذه اللجنة مسؤولة عن اصدار التنظيمات والتطبيقات المتعلقة بهذا القانون، وبشكل خاص بما يتعلق بحظر نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل والمدفوعات...
هنا يشرح المتخصص في الرقابة القضائيّة على المصارف المحامي الدكتور باسكال ضاهر، في حديث لـ"النشرة"، أنّ "الاسماء الواردة في اللجنة هي نفسها التي كانت موجودة طيلة الفترة السابقة، وهم فعليًّا من تسبّبوا بالمشكلة"، ويذهب أبعد من ذلك ليتحدّث عن الصلاحيّات الاستثنائيّة للجنة، حيث يشير إلى أن "هذا البند يقضي على كل دور للقضاء يمكن أن يقوم عبر الرقابة، فإن مرّ هذا الاقتراح يُمكن للجنة أن تمارس استثناءات غير شفّافة لتسديد الوديعة بعملتها".
من جانبه، يعتبر الخبير الاقتصادي ميشال فياض، في حديث لـ"النشرة"، أن "تأليف هكذا لجنة ليس منطقياً، فهي تضمّ طرفاً واحداً للنزاع، هو الحكومة والمصارف، في حين أن ليس ضمنها من يدافع عن حقوق المودعين، فكيف يحصل ذلك"؟، ويشدّد على أنّ "هذه اللجنة منحازة لجهّة واحدة، فكيف سيكون الحال مع اعطائها صلاحيات لممارسة الاستثناءات"؟.
"ما تقوم به السلطة السياسية اليوم هو مجرّد قضم لحقوق المودعين"، هذا ما يشير اليه الدكتور ضاهر، مشدّداً على أنّ "السلطة السّياسية تريد ارساء المشروعيّة على كلّ المخالفات التي ارتكبت في الفترة السابقة"، ويلفت الى أنّه "في القانون الحالي، الذي تسعى الحكومة إلى تمريره، ترتكب "مجزرة" أبشع بحقّ المودعين، إذ تعتمد تاريخ 9 نيسان 2020 كبديل عن تشرين الأوّل 2019، مع تأكيدنا أنه لا يوجد ودائع "فريش" وودائع قديمة".
أخطر ما في الأمر تأثير هذا القانون على الاقتصاد، ففي البند الثالث من المادة السابعة من المشروع، التي تتحدث عن اعادة الأموال المتأتية عن الصادرات، ينص على: "إن العملات الأجنبية المتأتّية عن عائدات التصدير لا تعتبر أموالاً جديدة وفقاً لمفهوم هذا القانون، ويعود "للجنة" تقرير كيفية استخدام العملات الاجنبيّة الناتجة عن عائدات التصدير"... هذا البند خطير وهو يشير إلى أن الصناعيين والزراعيين اختفت جميع عائداتهم بموجب هذا البند، الذي رأى فيه الوزير السابق راوول نعمة "قتلا للإقتصاد"، شارحاً أن "مزارعاً أو صناعياً قام بتصدير منتوجاته بالدولار الفريش وارسل له المال بواسطة المصرف فالقانون يرغمه على تلقّي أمواله باللولار وليس الدولار الفريش".
إذاً، مجلس النواب على موعد غداً مع أبشع "مجزرة" بحق المودعين والشعب، وهي تأتي استكمالاً لكل ما فعلوه به طيلة الفترة السابقة... فهل ينجح المعنيون في إمرار هذه السرقة وعمليّة النهب بالقانون والقضاء على حقوق الناس والاقتصاد أم ستبوء محاولاتهم بالفشل؟! فغدًا لناظره قريب...