اشارت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الى انه "قبل عملية الخضيرة تركز اليوم الأول لـ "قمة النقب" على تجميع وزراء خارجية دول الشرق الأوسط الذين وصلوا إلى إسرائيل. هبط أمس في مطار "نفتيم" وزراء خارجية البحرين والإمارات والمغرب ومصر، وانضم إليهم فيما بعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وزير الخارجية يئير لبيد، دون ارتداء ربطة عنق، استقبل الوزراء على مدخل فندق كدما في كيبوتس "سديه بوكر".
ونظم لبيد المؤتمر بشكل تلقائي في غضون بضعة أيام، منذ اللحظة التي عرف فيها عن زيارة بلينكن لإسرائيل، ولم يحدد قائمة أهداف واضحة للقاء. فبصورة رسمية، لم يتعهد أحد بمحاولة المشاركين صياغة بيان مشترك ضد إيران، واستخدام ضغط علني مشترك على الإدارة الأميركية في موضوع حرس الثورة الإيراني، ولن يعملوا على التوصل إلى اتفاق على زيادة إنتاج النفط في دول الخليج، وهي الخطوة التي تعمل عليها الإدارة الأمريكية لتقليل اعتماد المنطقة على النفط الروسي والإيراني.
مع ذلك، طرحت الأطراف في لقاء أول أمس أفكاراً للدفع قدماً بالتعاون لحماية أنفسها من إيران، وهي خطوة أطلقوا عليها اسم "هندسة الأمن الإقليمي"، التي استهدفت بلورة حلول رادعة أمام التهديد جواً وبحراً. وقدرت مصادر مطلعة على المحادثات أن الأطراف قد تعرض أيضاً "استخلاصات" وتفاهمات في هذا الموضوع في ختام القمة.
ولفتت الى انه "على أي حال، كان النجاح مضموناً مسبقاً ظاهرياً، فالصور التاريخية لوزراء الخارجية العرب الذين زاروا، غير بعيد عن قبر دافيد بن غوريون، كانت شهادة أخرى ملموسة على التغير الذي حدث في الشرق الأوسط منذ التوقيع على اتفاقات إبراهيم. “نأمل التوصل أيضاً إلى إنجازات سياسية"، قال أحد المشاركين في تنظيم الحدث.
وذكرت بان "الروح المركزية التي مكنت من عقد اللقاء التاريخي في النقب هي الفرصة التي لاحظها وزراء الخارجية لعقد لقاء مباشر وبدون وساطة مع بلينكن، الذي بكر زيارته إلى المنطقة ببضعة أيام. الخوف من تغيير دراماتيكي في سياسة الخارجية الأميركية إزاء المنطقة وحرف الانتباه عن الشرق الأوسط وإفريقيا وتوجيهه نحو روسيا والصين، أثار مؤخراً عدداً غير قليل من التخوفات في بعض الدول. في مكتب لبيد لاحظوا الفرصة على الفور بعد تأكيد بلينكن على قدومه بشكل نهائي. في البداية دعوا وزراء خارجية دول الخليج والبحرين، وهم الشركاء في القلق من تهديد إيران. وبعد ذلك انضم وزراء خارجية مصر والمغرب بعد إظهار اهتمامهما بالقمة".
"إسرائيل تلعب دوراً رئيسياً في المحور الذي يربط دول المنطقة وأميركا"، قال الدكتور غيل مورسياني، مدير عام معهد "متفيم" للسياسة الخارجية الإقليمية. "لا سيما على خلفية الرؤية المتصاعدة لتخلي أميركا والبرود الشديد في العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات. هكذا تغيرت الظروف، إذا كانت الولايات المتحدة في السابق هي العراب الذي أوجد العلاقة بين إسرائيل والإمارات، فإن إسرائيل هي التي تساعد الآن في الحفاظ على العلاقة بين أميركا والخليج".
وذكرت بانه "ستقف القضية الإيرانية في مركز محادثات اللقاء. وإسرائيل لاعبة رئيسية في الحلف الإقليمي الآخذ في التبلور من أجل الوقوف أمام نشاطات عدائية ينفذها حرس الثورة الإيراني وأذرعه، وإحباط عمليات الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة ضد أهداف في الخليج الفارسي والمنطقة كلها. "الطريق إلى ناتو إسرائيلي – شرق أوسطي تمر عبر واشنطن"، قال مورسياني. وحسب قوله، فإن "احتمالية التوصل إلى حلف دفاع إقليمي بدون دعم أميركا، ضئيلة. مقابل إسرائيل التي تدير لعبة مجموعها صفر مع إيران، تدير الإمارات والسعودية لعبة مختلفة، تحاول إدارة حوار مع جميع اللاعبين ذوي العلاقة بما في ذلك إيران".
على أي حال، اللقاء الدراماتيكي بحد ذاته إشارة واضحة لنظام طهران وللإدارة الأميركية التي تتفاوض معه في هذه الفترة: التقارب الأمني بين دول الخليج والمغرب ومصر من جهة وإسرائيل من جهة أخرى في كل ما يتعلق بمواجهة عمليات الطائرات المسيرة وجهود الذرة، ليس حقيقة واقعة فحسب، بل وعلنية صريحة. فضلت الإمارات، ومؤخراً في البحرين، عدم إصدار تصريحات حول الوقوف ضد إيران بشكل علني. "كل دولة لها حساسيتها الخاصة حول موضوع إيران، سواء تعلق الأمر بالإرهاب أو بالذرة. يجب السير بحذر بين المصالح المختلفة"، قال مصدر سياسي.
كاللقاء الذي جرى بين رئيس الحكومة نفتالي بينيت والرئيسين المصري والإماراتي، في شرم الشيخ، ستتناول الأطراف المشكلات الجارية أيضاً، مثل أزمة القمح التي ترفع أسعار الخبز في المنطقة عقب غزو روسيا لأوكرانيا والمبادرات الزراعية، ومحاولة توجيه النفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط وتصديرهما إلى أرجاء العالم عقب الأزمة. وفي ظل كل هذا، يستثمر لبيد في الجو: تم استئجار فندق “كدما” على مدخل “سديه بوكر” بشكل كامل من أجل الحدث، ووزراء الخارجية سيلتقون مع بعضهم بصورة شخصية، واستضيف الوزراء الستة على وجبة عشاء خاصة بدون البعثات ووسائل الإعلام. “أجواء كامب ديفيد”، هكذا وصفت وزارة الخارجية الحديث. والهدف تحطيم الجليد بين الوزراء وتحويل اللقاء إلى حدث اجتماعي لطيف وتمكينهم من بناء أساس لعلاقات مباشرة بدون وسطاء في المستقبل.
واشارالى ان اللقاء التاريخي في النقب دليل آخر على تدهور مكانة السلطة الفلسطينية في العالم العربي. فرغم أن الموضوع موجود على الطاولة، ولكن لا أحد من المشاركين اشترط اللقاء مقابل الدفع بعملية سياسية مع السلطة الفلسطينية. اختيار "سديه بوكر" خفف أيضاً على المشاركين في اللقاء. لم يكن على الدول العربية التعرج حول مكانة القدس، ولم يكن على لبيد مواجهة مسألة لماذا وافق على "التنازل" عن القدس لصالح قمة سياسية في "العاصمة البديلة" تل أبيب.