نظمت نقابات المهن الصحية وقفة تضامنية "ضد العنف الذي يتعرض له العاملين في القطاع الصحي" وعقد مؤتمر صحافي تحدث فيه نقباء المهن الصحية عن موضوع العنف وتداعياته، والخطوات المطلوبة للحد منه ولتأمين بيئة عمل آمنة ومؤاتية، وتزامن المؤتمر مع وقفة تضامنية للعاملين في القطاعات الصحية من مراكز عملهم.
وأكد نقيب أطباء لبنان في بيروت شرف أبو شرف، ان "ثقافة العنف تزداد انتشاراً يوماً بعد يوم ما ينذر بعواقب وخيمة"، محذرا من "الخطر الذي يطال القطاع الصحي الذي لم يتوان في جائحة كورونا عن تقديم القرابين، واستشهد 48 طبيبا جراء اصابتهم بالجائحة أثناء قيامهم بواجبهم المهني".
ولفت الى أن "رغم كل الجهود ما زال العاملون الصحيون يتعرضون للعنف الجسدي واللفظي والنفسي في مراكز عملهم وخاصة في طوارئ المستشفيات وأقسام العناية الفائقة والصيدليات، ما يهدد إمكانية استمرارهم في العمل، خاصة في الأقسام التي تعاني من نقص حاد في طاقمها وتعمل بشكل شبه مجاني".
وحذر أبو شرف من "هجرة ما لا يقل عن 3000 طبيبا وعدد مماثل من الممرضات"، لافتا الى انه "قد طلبنا مراراً من أعلى المراجع السياسية والأمنية والعسكرية، تأمين الحماية اللازمة للعاملين الصحيين في مراكز عملهم وبخاصة في المستشفيات، لكن الجواب كان دوما فقدان الإمكانيات الضرورية. لذلك عملنا في نقابة الأطباء على إرسال مشاريع قوانين إلى مجلس النواب لحماية العاملين الصحيين أثناء القيام بعملهم، وسجن كل من يعتدي عليهم، وتغريمهم، وقد اقر جزء من هذه القوانين مؤخرا" في الهيئة العامة التشريعية ونأمل اقرار المشاريع الباقية".
واكد ابو شرف أنه "قد لا نستطيع إلغاء العنف إلا بأساليب التوعية وإزالة الظلم والفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع. ولن تستطيع القوى الأمنية والسياسية والقضائية فرض الأمن خارج نظام اجتماعي واقتصادي عادل، كما ان فقدان العدالة سيؤدي دومًا الى العنف".
وخلص الى "أن الحلول تقتضي من جميع المسوؤلين العمل بجدية للجم الفوضى، وضمان كرامة القطاع الصحي وأمنه، وهذا يتطلب إجراءات واضحة ووجود خدمات نوعية، وتأمين حقوق الناس، وتطبيق القانون عبر السلطة القضائية والأمنية، وعدم ترك الأمور على هذا النحو المدمر الذي يترك انعكاسات مدمرة على القطاع الصحي."
في السياق نفسه، أشارت نقيبة الممرضات والممرضين في لبنان، ريما ساسين قازان ان"اجتماع اليوم هو لاطلاق صرخة اعتراضية مشتركة مع باقي المهن الصحية ضد العنف الذي يتكاثر في الآونة الاخيرة بشكل كبير"، لافتةً الى أنه "لم يعد مقبولاً الاستمرار في هذا المسار الانحداري الخطير لانه بدأ فعلاً يهدد حياة العاملين في القطاع الصحي ويزيد من معاناتهم ويدفعهم الى ترك المهنة او الهجرة وفي الحالتين سيدفع المريض الثمن".
وقد عرضت الخطوات المطلوبة للحد من ظاهرة العنف وهي:
-وضع البروتوكولات والإجراءات الوقائية لإدارة مخاطرالعنف وخطط السلامة الفعالة من قبل كل المؤسسات الصحية ،
-إبلاغ الأجهزة المختصة فور وقوع العنف وذلك من قبل المؤسسة التي يعمل فيها المعتدى عليه،
-التشدد في محاسبة المعتدين من قبل السلطة القضائية وتوقيفهم فوراً باعتبار الاعتداء على القطاع الصحي والتمريضي في هذه المرحلة الدقيقة هو بمثابة اعتداء على أمن المواطن والمريض مما يستدعي تحريك الحق العام،
-إعتماد خطة أمنية طارئة للمستشفيات من قبل المسؤولين والمعنيين وعلى رأسهم معالي وزراء الصحة العامة والداخلية والدفاع،
-إطلاق حملة إعلامية حول منع العنف في مكان العمل في كل المؤسسات الصحية من قبل وزارة الصحة،
-تقديم الدعم القانوني والنفسي للممرضات والممرضين ضحايا أعمال العنف من قبل أرباب العمل والوزارات المعنية والنقابة وتأمين خدمات الدعم والمشورة لهم أثناء الشكاوى والمطالبات بالتعويض.
وختمت بدعوة الممرضات والممرضين الى "عدم الخوف وعدم الرضوخ للسلوكيات العدوانية وعدم السكوت عن الحق. وطالبت المعنيين وإدارات المؤسسات الصحية تأمين بيئة عمل آمنة ومؤاتية من الناحيتين النفسية والجسدية من اجل احترام كرامة الانسان".
أما نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، فذكر "أنّنا نعلم أن الجميع يعيش تحت ضغط نفسي كبير، ولا سيما من ينقل مريضه الى المستشفى، ولكن هذا لا يبرر بأي شكل العنف اللفظي والجسدي ضد العاملين في المستشفيات لا سيما أقسام الطوارئ، خصوصا انهم يعملون باذلين اقصى جهودهم في أسوأ الظروف التي يمر بها القطاع الاستشفائي في لبنان"، مركّزا على أنّ "العنف ينعكس سلبا أولا وبشكل مباشر على المريض نفسه، لانه من المستحيل على الممرضين والاطباء تقديم العلاجات المناسبة وهم يتلقون الضرب".
وشدّد على أنّ "في مطلق الاحوال، لا شيء اطلاقا يبرر استعمال العنف اللفظي او الجسدي ضد العاملين في القطاع الصحي وفي المستشفيات خصوصا، واحدى النتائج المريرة لهذه الظاهرة هي اولا امتناع عدد من الاطباء عن تلبية نداء الى الطوارئ خصوصا في الليل، وثانيا تردد الممرضات والممرضين بالعمل في اقسام الطوارئ، وثالثا هذه من الاسباب التي أدت الى هجرة الاطباء والممرضين، لانهم ليسوا على استعداد لتحمل العنف والاهانات مقابل الاعمال الانسانية التي يقومون بها".