لم يكن يتوقع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أن يكون سعد الحريري خصمه الأول في الانتخابات المقبلة، فبعد اعتكاف الحريري وإعلانه الخروج من الحياة السياسية ظنّ الأوّل أن زمن زعامته قد حان، فخالف قرار رئيس تيار المستقبل وجهّز العدّة لخوض المواجهة، والترشّح أيضاً، وهو ما لم يتيسّر معه إطلاقاً لا في بيروت ولا في صيدا، على عكس ما كان يصرح به علناً بانه لم يكن يرغب بالترشح أصلاً.
بالنسبة الى الثاني فهو عندما أعلن خروجه من الحياة السياسية وطلب من المستقبليين فعل المثل، كان صادقاً برغبته عدم المشاركة بالإنتخابات، لكن الهدف كان الوصول الى المقاطعة السنّية، ما يُفقد الانتخابات شرعيّتها الشعبيّة قبل حصولها، فيؤدّي الى تطييرها، وكان رئيس الجمهوريّة ميشال عون قد أعلن ذلك صراحة بأن المقاطعة السنيّة تعني تأجيل الإنتخابات.
لم يتحقق هذا الهدف للحريري بعد قرار الفعاليّات السنّية كالسنيورة، والاهم قرار دار الفتوى الذي اعتبره الحريري موجّها ضده بالدرجة الأولى، فعندها تغيّر قراره من المقاطعة الى المشاركة المستترة، لكي لا يسمح للطامحين الجدد بالوصول الى أهدافهم بنيل الزعامة.
تُشير مصادر متابعة إلى أن الحريري سيملك كتلة نيابية سنّية بالسرّ، قوامها نواب من بيروت الثانية، والشمال، طرابلس وعكار، والأهم أنه سيكون السبب بخسارة مرشّحي السنيورة في أكثر من دائرة.
إن أبرز مثال على المعركة الخفيّة الدائرة بين الحريري والسنيورة هو ما حصل في دائرة بيروت الثانية، إذ تكشف المصادر أن الأول كان خلف فشل تحالف الثاني مع نبيل بدر والجماعة الإسلامية، علماً أن مرشح الجماعة عماد الحوت كان وعد السنيورة في البداية بالتحالف معه، مشترطاً وجود نبيل بدر على نفس اللائحة، وبالفعل بدأت مع بدر، إلا أن المفاجأة كانت بقرار المجلس السياسي للجماعة الإسلامية بعدم التحالف معه، والترشح على لائحة نبيل بدر في بيروت الثانية والتي تضم: القيادي في "تيار المستقبل" العميد محمود الجمل، مروان سلام، نبيل عيتاني، يسرى مومنة تنير، وسام أبو فخر (المرشح عن المقعد الدرزي)، حيدر بزي وهدى عاصي (المقاعد الشيعية)، وخليل برمانا عن مقعد الروم الأرثوذكس، وهاروت كوكزيان عن المقعد الإنجيلي.
وتكشف المصادر أن قرار الجماعة الإسلامية جاء بعد نصائح تلقتها ألاّ "تخرب علاقتها" مع سعد الحريري، فالأخير لا يريد دعم السنيورة، اضافة الى اعلان تمام سلام عدم الترشّح ورفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المشاركة شخصياً بالإنتخابات، وهذه كلها أمور تدلّ على وجود إشارات بشأن إمكانية عودة سعد الحريري بالمستقبل، ولعدم استفزاز الأخير.
بالنسبة الى الإحصاءات والأرقام فإن لائحة السنيورة في بيروت هي الأضعف، وقد تكون معركتها الوصول الى حاصل، بينما بحسب مقرّبين من لائحة نبيل بدر فإنها تملك حاصلين وأكثر، إلا أنّ كل ذلك يبقى مجرد توقعات بانتظار المعركة، حيث يُفترض أن تكون نسبة التصويت في بيروت الثانية متدنّية، ما يجعل الحاصل منخفضاً فيخلط الأوراق.
ما يسري في بيروت الثانية يسري على طرابلس وعكار، وبالتالي لن تغيب كتلة "المستقبل" عن المجلس النيابي المقبل، إنما الفارق سيكون بعدم حملها إسم "كتلة المستقبل النيابية".