أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، إلى "أنني أقول للمقامات الروحية والسياسية: قد نختلف بالسياسة لكن حرام أن نختلف بالإنسانية والانتماء لله، وقد نختلف بالأولويات الوطنية، لكن حرام أن يتحوّل اختلافنا قطيعة ومتاريس، وصدّقوني لبنان للجميع، ولن يكون إلا للجميع، ولن نقبل أن نعيش مسلمين بلا مسيحيين، كما لن نقبل بتغليب مصلحة المسلم على مصلحة المسيحي، وهذا رأس أولوياتنا حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً".
ولفت في كلمة بمناسبة حلول شهر رمضان، إلى أن "التمثيل السياسي لفريق مسلم أو مسيحي، أو شيعي أو سني أو درزي أو ماروني، لا يعني إلغاءً للآخر أيٍّ كان، ولا يجوز ذلك ولن نقبل به، وليكن الله جامع كلمتنا وشراكتنا إلى الأبد"، مضيفًا: "وطنياً، البلد مكشوف للغاية، والأسوأ بطريقه إلينا، والوضع كارثي في المنطقة والعالم، ولبنان سيتأثر بشدة بالوضع الدولي الجديد، والمطلوب سريعاً: إنشاء "هيئة طوارئ وطنية" تتجاوز التفصيل السياسي، حمايةً للبنان وشعبه، لأن الكارثة الأوكرانية بطريقها إلينا. وهنا ألفت إلى الكارثة المالية النقدية التي كشفت البلد عن أسوأ إفلاس ونهب. وأحذر بشدة من أي توزيع للمسؤوليات على طريقة تحميل الناس وحماية من نهب".
وأكد قبلان، أنه "ووطنياً إن أوّل ما يحتاجه هذا البلد هو "التصحيح السياسي"، وفقاً لمفهوم "دولة المواطنة"، بعيداً عن طاعون الطائفية السياسية، وبما يضمن كل مواطن بعيداً عن ملّته وطائفته، ولا قيمة للتصحيح السياسي إلا بطائف مالي جديد، لأن أبواب الكوارث أصبحت متعددة"، مشدداً على أنه " أما انتخابياً فكل المعطيات تؤكّد أننا في طريقنا للانتخابات النيابية، وهنا لا بد أن أؤكّد على المسلّمات التالية:
- أولاً لا يمكن للبنان أن يكون إلا توافقياً وميثاقياً.
- ثانياً، لبنان المسيحي هو لبناني أنا، ولبنان الكنيسة هو لبناني أنا، ولبنان جبل كسروان هو لبناني أنا، ونتمنى تطوير الصيغة السياسية ليكون لبنان المواطنة، لبنان الجميع بعيداً عن مرض الطائفية الخبيث الذي مزّق القيمة الحقوقية لمشروع الدولة والمؤسسات".
وأوضح أنه " في المقابل لبنان الفساد هو العدو، وهو الخصم، ولا بد من كسر مادة الفساد، وتغيير بنية الدولة الفاسدة، وتصحيح مشروع السلطة، بما يضمن حقوق المواطنة فقط، لأن الحصص الطائفية مزّقت البلد وحوّلته أشلاء"، مذكرًا أن "المطلوب أيها الإخوة، وطنياً وسياسياً وانتخابياً، حماية مشروع الدولة والجيش والقوى الأمنية، وإنقاذ السلطة النقدية، ولجم مافيا المال، وتطوير بنية السلطة القضائية، لتشكّل مركز الثقل بالعدالة المجرّدة، البعيدة عن الحسابات السياسية والطائفية. وموقفنا الانتخابي كان وما زال على ضرورة تأمين أغلبية نيابية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية لإنقاذ البلد من وحشية الإفلاس والحصار الأميركي".
وشدد قبلان، على ان "البلد في أسوأ حالات إفلاسه، وسط كارثة مالية نقدية اقتصادية معيشية لا سابق لها، والناس مظلومة، ومنهوبة، وصبرها قد نفد، ولم تعد تطيق لعبة العفاريت. فالمطلوب من القوى السياسية أخذ قرار شجاع، بما يؤمّن المصلحة اللبنانية الإنقاذية، خاصة على مستوى معامل الكهرباء، والبنزين والغاز والمازوت، والأسواق، وسكة الحديد، والبنية التحتية، وأي إصرار على رفض العروض المساعدة للبنان، سواء كانت الصينية أو الروسية أو الإيرانية أو غيرها، يعتبر فتكاً للبنان، لأن هذه العروض هي لصالح لبنان ودون أي ثمن سياسي بالمقابل. فكفاكم انبطاحاً وخوفاً من الأميركي، لأنه لن ينفعنا ولن ينفعكم، وأولوياته مقدّمة على أولويات لبنان ومصالحه. ومع ذلك مهما اختلفنا، لا يجوز أن نختلف على إنقاذ البلد، خاصة أنه مكشوف عن كارتيلات دواء وكهرباء ونفط واحتكار شامل للأسواق، والحاجات الضرورية، وأعذاركم ممنوعة، فبلدنا مقسوم بين قلّة ثرية جداً، وكثرة فقيرة جداً، وسط جنون احتكاري طال كل شيء، وانعدام قدرة الناس على الصبر، وشلل قاتل تعاني منه الدولة؛ والمزيد من تسونامي الضرائب يعني مذبحة معيشية واقتصادية جديدة فوق كاهل اللبنانيين، ولن نقبل لشعبنا أن يذبح كل يوم".